القوّات النظامية .. واقعٌ أليم

 


 

 

لمّا كانت الفتره الإنتقاليه وبالاً على الوطن فَقَد وَطّدَ الدعم السريع ارجُلَهُ بعُمقٍ جَعَلَ إقتلاعَهُ او ضَمّهُ لخلقِ جيشٍ قومي مجرّد اوهام في نفس الوقت الذي زادت فيهِ وتيرَة تفكيك الجيش الذي خرج من فترة الإنقاذ مُثخناً بالجراحات.
على أنّ الأكثر قسوةً على النفس بعد خيانة القاده لقَسَمِهِم هو إلتِحاق الضباط والرتب الاخرى من الجيش والقوات النظاميّه الأخرى بالدعم السريع حاملين معهُم كلّ الإرث الذي خسِرَتهُ الدوله في إعدادِهِم وتدريبِهم من ( جَيبِ ) المواطن المغلوب على أمرِهِ ماسِحين الأرض بالقسَم الذي أدّوه ضاربين عرض الحائط بالنخوه السودانيه والمُثُل والتقاليد ليجد الدعم السريع إنساناً كامل التدريب في نَفسِهِ وفي إفادة القوه التي تُعتبر المهدد الأول للسودان وثورتِهِ بسلوكِها وبأطماعِها المعروفه لتبدأ رحلة تأهيل أفرادها وتقريبِهِم ، على الأقل ، من نظامية الجيوش وتكتيكاتها بعد أن جعل المال المنهوب جميع الاسلحه وحتى تلك التي كانت تُمَيّز الجيش في متناولها.
إنّ أفراد القوات النظاميّه الذين يُغريهِم المال لمثل هذه الافعال لا يصلحون ليكونوا بين صفوفِ ابناء الوطن. الحوجه والفقر الآن هُما ما يميزان اغلب الشعب السوداني الذي هو ، رغم الضنك ، يسير في خط ثورته المجيده غيرُ آبِهٍ بالموت لا يهدُفُ إلّا لشعاراتِهِ التي رفعها حريه سلام وعداله. هذا الشعب لم يؤدِّ قَسَماً كما فَعَلَ النظاميون الذين نراهُم يُهرولون لدعم المليشيات تقويةً لها على أبناءِ شَعبِهِم ويخطبون وُدّ قادَتِها و ، للأسف ، يصطفون مَعَها في مواجهة أبناءِ شعبِهِم في المظاهَرات وفي نهبِهِم وفي إغتِصَابِهِم وفي عَرقَلَةِ إسعافِهِم للمشافي وفي إخلاءِ مَن تَمَكّنوا مِن الوصولِ إليها فأيُّ دَرَكٍ إنتهينا إليه؟
للأسَف انا لا أتحدّث عن القاده فهُم صنيعة الإنقاذ.. إرتَجَفوا بَعد نجاح الثوره وارتَعَدَت فرائصُهُم ودخلوا مرحلة عدم الإستقرار النفسي والخوف ثمّ ما لبثوا أن ( مَدّوا أرجُلَهُم ) كما فَعَلَ الإمام أبو حنيفَه ، مع الفارق ، بعدَ احترامٍ لم يكُن في مَكانِهِ للقادم الجديد. لقد كانت صيغة القَسَم في جُزءٍ منها ( أن اطيع في كُلّ الأوقات الأوامر " القانونيه " الصادره من ضابطيَ الأعلا ) فكان أبناء السودان في القوات النظاميه ضباطاً ورُتَباً أخرى حتى من لم يجدوا حظّاً من التعليم يُفَرّقونَ بينَ ما هو مُتّسِقٌ مع التربيه الوطنيه والمُثُل والأخلاق السودانيّه وما ليس كذلك وكم شَهِدنا مُخالَفه للتعليمات ، على قِلّتِها زمنذاك ، عندما لم تكن متفقه مع تلك المعاني.
نحنُ الآن في غيبوبه نسأل الله ان يُخرجنا منها سالمين حتى نعود بهذا الوطن وإنسانه الى حيثُ يجب أن يكون.

melsayigh@gmail.com

 

آراء