المتأسلم الإرهابي التكفيري

 


 

شهاب طه
29 August, 2022

 

منهجية المتأسلم الإرهابي التكفيري تبدأ بالتفسير الخاطيء للقرآن حيث تجده يتشبث بآيات وردت في سورة المائدة وهي: {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ} الآية-٤٤، {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ} الآية-٤٥، {وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} الآية-٤٧

أولاً:
تلك الآيات نزلت في التوراة، لليهود، وفي الإنجيل، للمسيحين، وليست للمسلمين، وهنا الدليل من القرآن: {إِنَّآ أَنزَلۡنَا ٱلتَّوۡرَىٰةَ فِيهَا هُدٗى وَنُورٞۚ يَحۡكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسۡلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّٰنِيُّونَ وَٱلۡأَحۡبَارُ بِمَا ٱسۡتُحۡفِظُواْ مِن كِتَٰبِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيۡهِ شُهَدَآءَۚ فَلَا تَخۡشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخۡشَوۡنِ وَلَا تَشۡتَرُواْ بِ‍َٔايَٰتِي ثَمَنٗا قَلِيلٗاۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ (44) وَكَتَبۡنَا عَلَيۡهِمۡ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفۡسَ بِٱلنَّفۡسِ وَٱلۡعَيۡنَ بِٱلۡعَيۡنِ وَٱلۡأَنفَ بِٱلۡأَنفِ وَٱلۡأُذُنَ بِٱلۡأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلۡجُرُوحَ قِصَاصٞۚ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِۦ فَهُوَ كَفَّارَةٞ لَّهُۥۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّٰلِمُونَ (45) وَقَفَّيۡنَا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم بِعِيسَى ٱبۡنِ مَرۡيَمَ مُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِۖ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡإِنجِيلَ فِيهِ هُدٗى وَنُورٞ وَمُصَدِّقٗا لِّمَا بَيۡنَ يَدَيۡهِ مِنَ ٱلتَّوۡرَىٰةِ وَهُدٗى وَمَوۡعِظَةٗ لِّلۡمُتَّقِينَ (46) وَلۡيَحۡكُمۡ أَهۡلُ ٱلۡإِنجِيلِ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فِيهِۚ وَمَن لَّمۡ يَحۡكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ (47)

ثانياً:
الإسلام ديانة خاتمة ومنقحة لليهودية والمسيحية وهي تحرض على إعمال العقل حيث نجد كلمات يفقهون، يعقلون، يتفكرون، قد وردت مرات عديدة، وبذلك، ومن المنظور العقلاني والمنطقي، فإن كلمة "من لم يحكم" تعني وتخاطب الفرد وليست الجماعة ولا الحاكم ولا الحكومات ولا أي جهة أخرى غير الفرد والذي يتوجب عليه أن يحكم بما أنزل الله في شأنه الخاص وحياته الخاصة، أي بمعنى أن يختار ما فرضه عليه دينه، فالعقيدة الإسلامية هي وعيّ المسلم وهي التي تلهمه طريقة تفكيره وحراكه دون وصاية أو سلطة تفرض عليه الإلتزام بشرع الله، فالإسلام يدعو لصلاح المسلم نفسه قبل الدعوة لصلاح الدولة، أو الجغرافية، التي يعيش فيها، وخير دليل على ذلك أن هناك فيِ الغرب يعيش ما يقارب الأربعين مليون مسلم، لم يتخلوا عن إسلامهم، ويمارسون حياتهم وفق معتقداتهم الصلبة في مواجهة خضم التحديات والخيارات مابين الإباحية، التي تشتهيها الغرائز البشرية الطبيعية، وتلك القيود الروحانية .. فهناك منتجعات الرفاهية المطلقة من أندية للعراة وحانات ومراقص وملاهي بجانب المساجد والمؤسسات المدرسية الإسلامية، وفي تلك المعارك الملتهبة دوماً، يكون المسلم هو الوصيّ على نفسه حيث لا يحتاج لدولة إسلامية لتحميه وتسييره، فهو بنفسه دولة إسلامية حكومتها إسلامه، وبرلمانها عقله، ودستورها وجدانه وشرطتها إيمانه وقاضيها ضميره وبذلك يدحض الإدعاءات الباطلة التي تستند عليها وتسهب في تسويقها المؤسسات الدينية في العالم الإسلامي حيث تدأب على تحقير وتقزيم الدين الإسلامي وتصوّره علي أنه خزّية وأن صاحبه جاهل وفاقد للأهلية ولا بد من حراسته كونه شهواني غشيم ينهار أما المغريات والمباحات ويفقد السيطرة على النفس ويصيبه البله وفقدان المقدرة علي التمييز إن‪ مرّت بجنابه نسمة مُنكر ‬، وبذلك تقنن ولاياتها ووصايتها علي الشعوب المسلمة وتعمل على تغييبها، وتشرعن السيطرة على السلطة بإسم الدين، لسلب ونهب ثرواتها ‬‬‬

ثالثاً:
الفهم الخاطئ لهذه الآيات كفيل بقلب الطاولة على رؤوس التكفيريين كونهم سحبوها وأسقطوها على المسلمين بغرض تبرير التكفير وإستباحة الدماء والأرواح، وفق منهجيتهم الإرهابية، والتي تخالف الدين الإسلامي وتتنافى مع ماورد في القرآن: {إنا إلينا إيابهم ثم أن علينا حسابهم} فهذا قول الله الذي لم يكلف المهووسين بمهام محاسبة خلقه من البشر

خلاصة القول:
لو تم إجلاس الناس لامتحان الإيمان بالله لسقط كل الممتحنين طالما كانت التصحيح من ورقة إجابات نموذجية موحدة، بل سيسقط الذي وضع الإمتحان نفسه

٢٨ آغسطس ٢٠٢٢
‏sfmtaha@msn.com

 

آراء