بِضْع مَشاهِد في أحداثٍ مؤسِفَه

 


 

 

مشهد أوّل
في شأنٍ شُرطي حفِلت وسائل التواصل بأمرَين مهمَّين اولهما عربة شرطه تحمل كميه من الخمور والثاني اتى تحت عنوان " فضيحة وزارة الداخليه في حلفا " تحدث الخبر الأخير عن تزوير في مستندات واستخراج لمستندات لغير مستحقين والعبث بالهويه السودانيه في ولايةٍ حدوديه وأورِدَت الكثير من الأسماء لرُتَبٍ مختلفه آمل ، إبتداءً ، ألّا يكون لأيٍّ من هذين الخبرين أيّ نصيبٍ من الصحه.
مشهدٌ ثانٍ
شكّلَت الفتره ما بين عامي ١٩٧٤ – ١٩٧٦ حياتنا الشرطيه وهي فترة كلية الشرطه.
وشكّلَت ايضاً لنا الفرق بين حياتين المدنيه والعسكريه الصارمه. تعوّدتُ ان أُطلق على كلّ الفتره التي سبقت إلتحاقنا بالشرطه فترة ( الآباء المؤسسون ) وذلك وفاءً لتلك الأجيال التي ما فتئت تُجَوّد حتى سلّمتنا الرّايه خاليه من كلّ العيوب. بالضروره مثّلت كل تلك القيادات لنا القدوه فنشأنا في كَنَفٍ لا يأتيهِ الباطل من بين يديه ولا من خلفهِ.
سمعة الشرطه حفِظَها سلوكُ أبنائها على مرّ التاريخ. حرصت القيادات على تدريس أخلاقيات الشرطه “ Ethics “ وقواعد التعامل مع المواطن واحترامهُ وقدّمَت كل ذلك على المواد الأخرى في كل المدارس والكليات الشرطيه وحرصَت أيضاً على إبراز كل الأعمال الجليله التي صبغت اداء الشرطه وشكّلَت تقارُباً جميلاً بين الشرطه والمواطن لم تنفَصِم عُراه على مدى تأريخٍ حافلٍ إنتهى في الثلاثين من يونيه ١٩٨٩.
وهكذا لم يَصِم اي سلوكٍ شائن تأريخ الشرطه ولم تهُزُّها أيّة مواقف تقدحُ في أخلاقيات منتسبيها أو تتسبب في اي خلل بينها وبين سيّدِها شعب السودان.

مشهدٌ ثالث
وجّهَت الإنقاذ ضرباتٍ موجعه للشرطةِ وأخلاقياتها وخلقت منها مسخاً مُشوّهاً ظلَّ ولاءَهُ لها وأُشبِعَ الوطن موتاً في ضميرها إن بقيَ شيئٌ من ضمير. وبأكثرِ ما هدمت الإنقاذ السودان حُظيت الشرطه بنصيبٍ وافرٍ من ذلك الاستهداف لن نتمكن من وصفه مهما اوتينا من قوّةِ بيان.
انتقَلَت هذه الشرطه بكامل أحمالِها الشائهه ، كرصيفاتِها ، إلى عالم ما بعد ديسمبر.

مشهدٌ رابع
لم يكن الأمر يحتاج إلى " دَرِس عَصُر " ليفتح أذهان أولي الامر ولم يكن هنالك أيّ " غباش " يستلب الرؤيه لمعرفة كل ذلك الخلل او لإفتراضِ وجودِهِ من خلال المعطيات التي لا لبس فيها. تتحدث الطُرْفَه عن رجلٍ في زمن الإنقاذ قَبَضَ عليه رجال الأمن وهو يقوم بتوزيع منشورات وسيقَ الى مقَر الجهاز وبعد فحص الاوراق التي كان يوزعها وجدوا انها اوراق لا كتابةَ عليها وعندما سألوه عن مغزى توزيع الاوراق الفارغه اجابهم ( هل الموضوع محتاج لكتابه؟ )
لم نُصَدّق بادئ الامر.. لقد صُدِمنا من سياسة حكومة الثوره الوليده ممثلة في سُلطتِها التنفيذيه التي ادارت لنا ظهرها بلا أدنى مواربه ووضح انها لن تتعامل إلّا مع الجسم الشرطي الإنقاذي المُتحدّث عنه بعاليه كما هو.
رغم ذلك لم نُقَصّر في بيانِ رأينا وهو وجوب عودة الشرطه للسلطه التنفيذيه التي تخلّت عنها وهي بكامل وعيّها وإدراكِها واختيارها ووجوب ذهاب قيادات الإنقاذ من الشرطه وتطهيرِ صفوفها منهُم وإعادةِ أبنائها الذين فصلتهم الانقاذ الامر الذي كنا نعتقد انه من البديهيات وقلنا ان الشرطه تحتاج لقيادات بحجم الثوره بها تخرج الثوره والوطن الى برّ الامان وكان ، للأسف ، مصير كل جهودِنا التجاهُل.

مشهد قبل الأخير
قلبُنا على الشرطه نحنُ معاشيوها. تقتلنا مثل هذه الانباء ولا نتحدث عنها في قروباتنا إلّا بقصد التقويم وكيفية المعالجه. عندما يتّصلُ علمنا بمِثلِها نجد تعليقاً من ناقلها او من اي زميلٍ آخر مذكّراً وراجيًا عدم نقلها خارج قروبات المعاشيين. هؤلاء الزملاء الاكارم لا يقبلون في الشرطه ويحرصون على حجب ما يسوؤها وإصلاحه.

كلِمه أخيره
المشهدُ كاملا بين ايديكم جميعاً.
من الملوم؟ ومن الذي أجرَمَ في حقّ هذا الوطن الجميل؟ بافتراض أنّ الخبرين صحيحين ، ولا أتمنى ذلك ، من هو المسؤول ؟ هل يُسألُ المتهمون الذين وردت اسماؤهم طيّ الخبرين أم تُسأل السلطةُ التنفيذيه في سلوكِها الذي لم تكن لهُ علاقه بثورةِ ديسمبر المجيده.
في حقّ من يقودون الوطن بعد ثورةِ ابنائه أقول ( من اين أتى هؤلاء).

melsayigh@gmail.com

 

آراء