تفاوض دمويّ

 


 

مأمون التلب
18 January, 2022

 

إن القصد المُباشر من مجزرة 17 يناير هو -بكل أسف- رفع سقف التفاوض لا أكثر، إنّه الأسلوب المُتّبع في "حرب العصابات" عندما تكون على وشك دخول مفاوضات مع السلطات الحاكمة على أرض الواقع، وهي الآن لجان المقاومة في "حالة الحرب" التي نعيشها في العاصمة منذ انقلاب 25 أكتوبر العام الماضي.
لقد وصلت الرسالة لمن يحملون السلاح، كانت واضحة لكل العالم الذي يتوسّلها -حتّى ولو بالعنف- لكي تهدأ، لقد أدركوا عُزلتهم الهائلة ومدى ضعفهم ولا جدوى أسلحتهم، وتأتي آخر فرصة لهم الآن بدخول الأمم المتحدة، مسنودة بسندٍ دوليٍّ بالغ، "لتيسير الحوار"، ولكي يدخلوا الحوار لم يجدوا ما يُفاوضون به سوى الدماء، يدخلون وأياديهم ملطّخة بدماء طاهرة، يظنون -بجهلٍ وفرفرة ذبيح- أنهم يُرعبون العالم بذلك، إذ يُشيرون أنهم سيفعلون أبشع وأقذر وأجبن من ذلك ليبقوا على أرواحهم التي تهددها الثائرات والثوار في الشوارع.
لقد حاولوا إرعاب الشعب بمجزرتهم في 17 نوفمبر، وقبل أن يندلع الردّ عليهم أخرجوا حمدوك وأخمدوا غضب العالم، وقد سايرهم الأخير ورحَّب بـ"الخطوة الأولى"، ولكنهم لم يُخمدوا غضب الشعب. لقد أحبط العالمُ شعبَ السودان في الشوارع، تخلّوا عنه مرةً أخرى خوفاً من "إراقة الدماء"، وتحاشياً للـ"قلق العميق"، وها أمامهم تواصلت أنهار الدماء. لم تتوقّف المجازر في مدن السودان الثائرة، والسلاح يستغرق في انعدام قوَّته. إن من قَتَلتهم رعباً هي عزلتهم هذه، لا أحد يريد أن "يُكاتبهم"، أو يفتح معاهم خشمو حتّى، كل الكلام تحوَّل إلى أفعالٍ بحتة في شوارع المدن والقرى.
والآن، بعد مجزرة الأمس هذه، إلى من سيهرب هؤلاء القتلة من هذا الشعب؟. وأيُّ الشياطين ستحميهم؟.

eltlib@gmail.com

 

آراء