حميدتي تأسيس حزب أم تبني حزب

 


 

 

أن الدور الذي يقوم به الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع بعد ثورة ديسمبر 2018م، في الساحة السياسية تنبيء أن الرجل لن يقف في حدود الفترة الانتقالية، بل سوف يتعدى الفترة الانتقالية، باعتبار أن كل القوات الموجودة في البلاد يجب أن تستوعب في القوات المسلحة أو يتم تسريحها، و قال الفريق حميدتي ذلك بعظمة لسانه في جلسة بدأ المرحلة الثانية من الإتفاق الإطاري ( أن يكون هناك جيشا واحدا) و بعد عملية الدمج أين يكون موقع محمد حمدان في الخارطة السياسية؟ لا يصبح أمام الرجل غير التفكير في تأسيس حزب سياسي يصبح له باب دخول في العملية السياسية، و الاستعداد لخوض الانتخابات القادمة، أو أن يختار الانضمام لحزب سياسي من الأحزاب التاريخية يستطيع من خلاله أن يرشح نفسه و عددا كبيرا من المقربين له.
أن الاجتهاد الذي يقوم به حميدتي و شقيقه عبد الرحيم الآن، لإقناع عدد من الأحزاب و الكتل لقبول الإتفاق الإطاري، و الابتعاد عن أي مشروع موازي للإطاري، يؤكد أن الرجل يفكر في مرحلة ما بعد الفترة الانتقالية، و هي مرحلة سوف تستبعد فيها القوات المسلحة تماما عن العمل السياسي، و بالتالي تدفع الرجل أن يفكر في مستقبله و مصالحه و مستقبل المجموعات التي ارتبطت به، و ليس أمامه غير الدخول بقوة في حلبة السياسة من اوسع أبوابها. كما أن الاتفاق الإطاري المدعوم من قبل الرباعية يضمن له عدم إجراء أي مساءلات مستقبلا تتعلق بنتهاكات حقوق الإنسان، أو عمليات قتل قامت بها قواته في الماضي، باعتبار أن دول الرباعية لها تأثيرا قويا في الساحة الدولية، و هي راعية لهذا الاتفاق. لكن أي اتفاقات موازية ربما لا تضمن له عدم المساءلة. لذلك يحرص تماما على إنجاح الاتفاق الإطاري و دعمه لأنه يهيء له فرص المستقبل.
قبل رحيل الإمام الصادق المهدي كان قد طرحت قضية محمد حمدان دقلو أن يتحول لرجل سياسي، قال الإمام إذا أراد العمل السياسي عليه تكوين حزب أو الإنضمام لحزب، و عندما سأل الإمام إذا أراد حميدتي الانضمام لحزب الأمة هل تقبلونه؟ قال الإمام ليس هناك ما يمنع. أن فرص تكوين حزب جديد ربما ينجح لكن في مساحة ضيقة لا تجعله مؤثرا في القرارات السياسية في الدولة، و لكن إذا أنضم لحزب تاريخي ليس أمامه غير حزب الأمة القومي باعتبار أن حميدتي ينتمي لمنطقة كان فيها نفوذ حزب الأمة كبيرا. و لكن حدثت انشقاقات أدت لخروج أعداد كبيرة ذهبت مع أبناء المنطقة في دارفور للإشتراك في نظام الإنقاذ هؤلاء ألن يدورون في فلك حميدتي و ليس بعيدين عنه، الأمر الذي سوف يجعل له نفوذا كبيرا داخل الحزب.
الرصيد الأخر لحميدتي علاقته بكل من المملكة السعودية و دولة الامارات العربية المتحدة، و خاصة أن أغلبية القوات التي شاركت في حرب اليمن تنتمي لقوات الدعم السريع، الأمر الذي جعل حميدتي يتمتع بعلاقات قوية مع قيادات الدولتين. و الدولتان ساعيتان لإيجاد موطيء قدم في السودان، خاصة أن الدراسات تقول أن العالم سوف يجد طاقات بديلة غير الطاقة الحفورية، و يكون احتياجه منها 25% عام 2043م فقط، الأمر الذي يقلل الطلب عليها، لذلك الدول النفطية خاصة الأمارات تبحث عن مناطق استثمار لأمولها تعوض بها النقص في ريع الطاقة، و الاستثمارات الكبيرة، تجعلها تعمل من أجل أن يكون لها تأثيرا كبيرا على صناع القرار في المستقبل، لذلك هي تدخل من خلال الرباعية و من خلال العلاقات مع القوى السياسية. و هذا السعي يجعلها تصطدم بنفوذ دول أخرى في المنطقة.
أن صراع النفوذ ليس صراعا خافيا على أحد، و حتى دعوة مصر لعدد من القوى السياسية نفسه كان بالونة أختبار، إذا نجحت المبادرة عونا في الحل، و إذا لم تحضر القيادات السياسية تكون عرفت الحدود التي قد تمددت فيها دولة الأمارات العربية المتحدة. أما الولايات المتحدة و بريطانيا في الرباعية تريدان إبعاد الدولتين روسيا و الصين من السودان. لذلك عندما دعت الأمارات في الأيام الأولى للثورة عددا من السياسيين لم تقدم الدعوة للاتحاديين باعتبار أنهم حلفاء القاهرة. الغريب في الأمر أن القيادات السياسية حتى الأن لم تقدم تحليلا سياسيا للذي يجري في البلاد من عمليات الاستقطاب الحادة، و التي سوف تظهر بقوة عند قرب الانتخابات، إذا لم يحدث جديدا، و حضور أبي أحمد يشكل دعم قوي لدولة الأمارات الداعمة للاستثمارات في أثيوبيا.
إذا حميدتي لا يتحرك من فراغ، بل هو واعي لدوره و تحقيق مقاصده، و دعمه للإتفاق الإطاري ينطلق من مصالح تتعلق بمستقبله السياسي و مصالحه الاقتصادية، و بالتالي الإطاري يمثل له حماية كبيرة، و سعيه أن يقنع جبريل و مناوي ليفتح الطريق أمام مشروعه السياسي. حزب الأمة سوف تحدث فيه تغييرات كبيرة جدا مستقبلا، حيث يضعف نفوذ بيت المهدي على الحزب، و يصبح أبناء المهدي كواجهات في العمل السياسي ليس لها نفوذا قويا. خاصة أن أبناء دارفور و كردفان يمثلون أكبر قاعدة للحزب، و يعتقدون أن اتساع قاعدتهم يجب أن يكون لها الأثر الأكبر في صناعة القرار في الحزب. نواصل. نسأل الله حسن البصيرة

zainsalih@hotmail.com

 

آراء