حميدتي يقرر القفز في الظلام والانضمام الي قائمة المنتحرين مع رفيقه البرهان

 


 

محمد فضل علي
8 November, 2021

 

قائد قوات الدعم السريع يقطع الشك باليقين ويقرر الانضمام الي قائمة المنتحرين مع رفيقه البرهان واخرين ويعلن دعمه الكامل للانقلاب والتحالف المخادع الذي يتشكل في الظلام بين العسكر والاسلاميين الذين يقمون بادارة عمليات الارهاب والاعتقالات وتصفية المتبقي من جهاز الدولة والخدمة المدنية من علي البعد حتي اشعار ومرحلة اخري من العملية.
اطل جنرال الدعم السريع علي الناس بملامح مرهقة من تاثير عدم النوم ومتابعة التطورات المخيفة الجارية في البلاد في كلمة انتحارية قصيرة ليقطع الطريق علي تكهنات متعددة بسبب ابتعاده عن المسرح الانقلابي بعد ان وصلت تلك التكهنات الي درجة احتمال اعتقاله لقائدة البرهان كما فعل مع قائدة السابق عمر البشير.
الكلمة القصيرة التي القاها جنرال الدعم السريع وضعت النقاط علي الحروف حول طبيعة العملية الانقلابية وكشفت الي حد كبير عن هويتها وهوية من يقفون خلفها وعملية الاختراق الكبير الذي حققته الحركة الاسلامية للعملية السياسية التي تم تجميدها .
كل مايجري الان في البلاد يمثل صورة طبق الاصل من تكتيكات الخداع المتقدم الذي ظلت تمارسه الحركة الاسلامية في البلاد منذ منتصف السبعينات وحتي هذه اللحظة عن الطريق القدرة الفائقة علي تبديل جلدها وعناوينها الرئيسية عندما استفادت الحركة الاسلامية من التشتت وعدم التنظيم والادارة الانصرافية والغير موضوعية للازمات اثناء مراحل التحول التي شهدتها البلاد.
لقد افلتوا من مشانق النميري بمعجزة وبسبب سوء تقدير الموقف من الاخرين في ابريل 1985 باستثناء محاولة يتيمة عبر خطاب داخلي وتحليل سياسي من حزب عقائدي معروف في بدايات مارس 1985 طالب فيه عضويته بعدم الاندفاع الي المجهول وتاجيل المواجهة مع النظام المايوي الي حين عودة نميري من امريكا باعتبار النظام المايوي اقل خطر وتنظيما من الاسلاميين ولكنه الاقدر علي التخلص منهم.
وصدقت تحليلات الحزب المشار اليه في اختراق العملية السياسية وانتفاضة ابريل منذ اللحظة تم وضعهم فيها رهن الاعتقال ومغادرة نميري البلاد الي الولايات المتحدة وعملوا بجد واجتهاد واستغلوا بساطة المشير سوار الذهب رحمه الله واستخدموا
" فوبيا البعث "
في تخويفه شخصيا وعدد كبير من ضباط الجيش من انقلاب يقوم حزب البعث بالتدبير له يستهدفهم بصورة شخصية ونجحوا في الاطاحة بشخصيات عسكرية كبيرة قبل بيان سوار الذهب الذي لم يكن انحياز للشعب والانتفاضة وانما كان بمثابة المخرج الذي خطط له الاسلاميين لتفادي مصيرهم المحتوم ومشانق النميري التي اعدت لهم بصورة محكمة في حال عودته من امريكا.
وتلك قصة طويلة يطول شرحها في بلد لايوجد فيه توثيق قانوني لبعض التحولات الكبري التي حدثت فيه واغلب المتاح عن المعلومات في هذا الصدد مجرد انطباعات شخصية يتم تدوالها في مجالس الونسة والدردشة المعروفة لذلك استمر الفشل في تقدير الموقف والتحليل السليم حتي تمكنت الحركة الاسلامية وليس الجيش السوداني من القيام بعملية مسلحة منظمة تمت ادارتها من خارج اسوار المؤسسة العسكرية في الثلاثين من يونيو 1989 اطاحت بكل مؤسسات الدولة القومية في السودان وليس الحكومة المنتخبة وحدها بما فيها القوات المسلحة والجيش السوداني الذي اتضح بعدم وجود اي علاقة بينه وبين الانقلاب العسكري المزعوم كما جاء في افادت واعترافات حية لمدبر الانقلاب الدكتور حسن الترابي في حوارات مع قناة الجزيرة الاخوانية.
لقد فشلت الحكومة الانتقالية التي تم تفويضها في عملية متسرعة بعد سقوط النظام في 2019 في وضع اساس للحكم والعدالة يتناسب مع بلد غادر محطة حكم استبدادي عقائدي استمر ثلاثين عام وغلبت علي عملية الحكم الانتقالي التبعية والرهان علي الخارج وغياب الاولويات علي صعيد السياسة الداخلية والخارجية ومشاركة الحكومة المدنية نفس العسكر في رسم سياسة خارجية مفروضة من وراء البحار بطريقة لاتتناسب مع ظروف السودان واوليات الحكم المفترضة فيه ومطالب الاغلبية الصامتة من السودانيين التي عبر عنها الناس في الانتفاضة الظافرة تلك الاولويات التي غابت وتم تنحيتها جانبا والانخراط في عملية سلام مزعومة وفوقية لاتلبي احتياجات واحد بالمائة من ضحايا الحروب والاستبداد في دارفور واجزاء اخري من البلاد.
مايجري في السودان من تجاهل لردود الفعل الدولية واذراء لحركة الشارع السوداني المليونية التي حازت علي احترام كل شعوب المعمورة وحصلت علي استجابة فورية وقوية من معظم دول وكيانات النظام العالمي الراهن عمل يفوق قدرة وطاقة البرهان وجنرال الدعم السريع بعشرات المراحل.
يجب البحث والتدقيق في الجهة التي تغامر من خلف الكواليس بدفع البلاد الي المجهول وتخطط للاستمرار في الحكم والاحتماء بتحالفات خارجية طائشة مع بعض خصوم الولايات المتحدة في الغابة الدولية ليجد الشعب السوداني نفسه في معركة بدون معترك وبين مرمي نيران الصين وروسيا وامريكا.
بالتاكيد ليس التوم هجو ولا حاكم دارفور الراهن ولابعض من ظهروا علي مسرح عملية اعتصام القصر الكوميدية هم الذين يديرون ويخططون لمستقبل العملية السياسية فقد يكونوا ايضا ضحايا لعملية الخداع الكبري التي تجري فصولها وراء الكواليس.
والمصيبة الكبري ان ينسحب اشباح الظلام المشار اليهم من العملية كلها في ساعة معينة اذا اتضح لهم عدم جدوي العملية ويتركوا جنرال الدعم السريع ورفيقه البرهان لمصيرهم المحتوم بعد ان يقوموا بانكار اي علاقة او صلة بهم لان العلاقة المشار اليها لم تتم في العلن وانما تمت في الظلام بعيدا عن الانظار.

 

آراء