خرج المستعمر نعم .. وأستعمره أبناءه

 


 

 

قبل ( ٦٦ ) عاما بالتمام والكمال حدثتنا الحكايات والحكاوي وكثير من أغاني الحماسة والتفاخر والبهجة عن كفاح " اهلنا وعشيرتنا " ورفضهم للضيم والاوجاع وكيفتراصصت الصفوف وتشابكت الأيادي رافضة لبقاء المستعمر الأجنبي علي أراضي الوطن الطاهرة .. فالنفس البشرية كما مخلوقات الله جميعها وبطبعها وسجيتها تعشق الحرية وترفرف باجنحتها ونبض قلبها فرحا لانعتاقها من العبودية والتمكين ..
قصص الاستقلال ماتعة وممتعة عبر الحقب والازمنة لانها تحكي عن رحلة الكفاح المريرة والقصص المذلة والملهمة ايضا حتى نال السودان حريته كاملة العام ١٩٥٦م وغيرمنقوصة ويوم غادر آخر جندي بريطاني اراضيه ورفع الزعيم اسماعيل الازهري العلم عاليا علي سارية القصر الرئاسي بالخرطوم كان يوما مشهودا ما زال الاحتفاء به يدخل الفرح والنشوي في المفاصل ويرافق احتفالات البلاد بعيد استقلالها وبهجتها أرث ثابت يبعث الحيوية للاجيال لا يتغير ولا يتبدل أجريت من سنوات لقاءا وصانعة علم الاستقلال السريرة بت مكي ذكرت انها رسمت علي كراستها ما كانت تحلم به الاخضر يرمز للخضرة وأصفر للصحراء وأزرق للسماء .. وتلفحت به المغنية الاشهر حواء الطقطاقة ..
ولست هنا لسرد حكايات وحكاوي منذ ان نال الوطن استقلاله لان واقع الحال اليوم لايقول إلا ان البلاد تتراجع وتتقهقر للوراء .. نعم .. مشاكسات سياسية لا علاقة لهابالوطنية الخالصة و ضائقة اقتصادية خانقة انعكست علي معيشة المواطن الذي بات يصرخ جوعا ومرضا ويغالب الاوجاع في أمنه وصحته وتعليمه ولقمة عيشة .. ان عجلة الحياة في البيت السوداني وعقارب الساعة تكاد تقف متأخرة بسنين ضوئية عن منحولها من الدول المجاورة ولا نقول تلك التي استقلت بعده ونالت حريتها من براثن المستعمر الاجنبي وانطلقت لفضاءات رحبة من العمار والنماء والرفاهية .. ان عقاربالساعة في الميزان السوداني لا تسجل إلا هوسا سياسيا " وخرمجة " اقتصادية متاخرة بسنين مؤغلة في التخلف ويدفع ضريبة ذلك كله المواطن البسيط الاغبش لان من يتحكم في مقاليد الامور هم أبناء الوطن الغير مخلصين لوطنيتهم وليس أجنبي يستعمرهم ويسلبهم حق الحياة الكريمة بل هم ابناء جلدتهم .. أتعلمون لماذا .. لانهم يتحاربون ويتشاكسون لأجل ذواتهم ومنفعتهم الآنية ولا يعلمون أن المواطن اليوم يتمنى أن يحكمه المستعمر الاجنبي طالما " زوله " يطحنه هكذا تحت أرجله ليجلس علي الكرسي .. فمن زمجروا بالأمس كالاسود لا يغلبهم ذلك اليوم ..
عواطف عبداللطيف
Awatifderar1@gmail.com
--
Awatif Abdelatif

 

آراء