رسالة بمناسبة ظهور تغريدات مبارك الفاضي

 


 

عمر التجاني
15 November, 2022

 

يا مبارك اهبط في الواطة، انت تاني ماعندك مستقبل في السودان، ما تتعب روحك ساكت في الفاضي، تجيب كراهية لذاتك المكروهة أصلا. بعدين انت مالك ومال حزب اللمة القومي مع انكم الاتنين خرا في خرا.
قوم لف المتمهدي بتاعك راجل كضاب واستغل حنق الناس وغضبهم على الحكم التركي ليقوي حركته، ايضا مسألة المهدية دي ذاتها كضب في كضب، خزعبلات ما عندها معنى.

المهدية في الأديان والمعتقدات والأساطير القديمة

أسطورة المهدي المنتظر الذي يظهر كل قرن ليملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا، فكرة موغلة في القدم من قبل ظهور الاسلام وكافة الأديان وهي حالة من حالات التمني البشري وتوقة للحرية والعدالة والسلام وهي المطالب الثلاث التي تجعل الانسان مطمئنا
واختلفت التسميات في اللغة العربية وغيرها من اللغات حسب المعتقد، وأصل المعتقد. فاطلق عليها مثلا المخلص، المهدي، وأسماء اخرى متعددة.
ويمكنك مراجعة الكثير جدا من المراجع التي تفصل لك المتمهديين في العالم وانماط مهدياتهم واماكن ظهورهم ومدي نجاحهم أو اخفاقاتهم.
والمضحك المبكي في متمهدينا انه زاد الجور جورا؛ وسامنا سوء العذاب بمهدويته. ولعل أبلغ وصف لمتمهدينا ما تناقلته الرواية الشفهية عن أهلي الشايقية وهم أولو ذكاء وقراءة صحيحة للاحداث. قالوا عنها (إن بقى مهدي جيد لينا وإن بقى ما مهدي شن لينا) وشرحها لو كان ذلك المتمهدي مهديا فهذا جيد لنا، وإن لم يكن كذلك مالنا وماله.
نجد أن كثيرا من الكتابات عن المهدويات لاتعد مهدويتنا مهدية؛ بل تعدها حركة أقرب للدجل والشعوذة، منها للمهدية وإن كانت فكرة المهدية نفسها نوع وضرب من الدجل والشعوذة.
وفي مدينة الدامر العامرة بإذن الله تعالى يروى أن أحد الاغريق كان صاحب مطعم، وجاء أحد جنجويد ود تورشين وبالحربة قام بطعن عدد من رغيف الخبز وطلب من الاغريقي فتح الحلة التي بها الإدام الطعام وقام بغطس حربته وبراسها الخبر في الطعام وهو على ظهر حصانه، ومضى قال الاغريقي نحن مهديات كتيرة شفناهو لكن مهدية خرا زي دي ما شفنا. وهي حقيقة ناصعة.
بالله فكونا من مهدوية جلبت لنا ظلما فادحا فاجعا في ماضيها وهاهم باسم المهدوية يتعالون علينا فلامرحبا بمهدويتهم ولامرحبا بهم
وبعودة الي مهدوية متمهدينا انتشرت شائعة في غرب أفريقيا أن مهديا منتظر سيظهر في (دار صباح) وتعني الشرق. والفكرة في الإسلام هي فكرة شيعية واسم المهدي المنتظر هو دلالة على كونها شيعية المنبت. وعند ظهور الدولة الفاطمية الشيعية في المغرب انتشرت الشائعة في غرب أفريقيا وبالتالي ارتبطت بالتديٌن والدين؛ في وقت اختلط فيه الدين بالغث والثمين من حضارات وثقافات تلك الشعوب.
والشائعة نفسها ربما نشرها التعايشي. إذ يعتقد كثير من الناس بأن التعايشي هو من أوحى للمتمهدي بتلك الفكرة وشجعه على أن يكون هو ذاك المهدي المنتظر ولربما أيضا عن قناعة من التعايشي نفسه بان المهدي المنتظر هو من الشرق (دار صباح) فمن المعلوم أن التعايشي جاب كثيرا من ديار الشرق بحثا عن المتمهدي.
وقد يتبادر للزهن لماذا لم يدٌعِ التعايشي نفسه المهدوية. هذا يعود لأن الشائعة كانت تقول بأن المهدي من الشرق ولان التعايشي فيما ذكر أحد أحفاده في تلفزيون السودان والحلقة موجودة بان جده كان تونسيا وكانت أبيض البشرة، لربما كان هذا الزعم مؤيدا لفكرة ان التعايشي يؤمن بشرقية الدعوة، وأيضا داعما قويا بأن الفكرة فاطمية قدمت من المغرب العربي.
عندما قامت الحركة المهدوية بالطبع كان الغبن والحنق على الحكم التركي قد بلغ مداه، وكان لابد من ثورة تقتلع ذلك الحكم. فتدافع الناس نحوها. أما فكرة أنها ثورة دينية اجتمع الناس حولها فهذه حجة غير مقنعة لان كثيرا من الناس كانوا وبعضهم لازال يعتقدون ان تركيا هي حامية حمى الدين الإسلامي.
ثانيا هذه الفكرة المقيتة جلبت عددا كبير من الناس من غرب أفريقيا لبلادنا بحثا عن هذا المتمهدي، الذي يملا الارض عدلا. مع أنه زاد الجور جورا ولان كثيرا منهم يريد الاقتراب أكثر من الحجاز. وبعضهم جاء وهو في طريقة للحج. وعندما صادفته المهدوية التحق بها.
ووفود الناس من غرب أفريقيا لبلادنا هو امر معتاد وهم في طريقهم لأرض الحجاز منهم من بقي في بلادنا ومنهم من رجع وهم أقلية.
امتدت المهدوية وتمددت وتمطت في بلانا لسوء حظ السودان. فالحركة المهدوية وان كانت هي نضال وطني ضد تركيا البغيضة والارناؤوط والشركس والألبان الا انها حركة متخلفة رضي من رضي وأبى من أبى فالمهدوية لم تكن على وعي بماذا كانت أهدافها ولم يكن لها هدف محدد. فدخل كثير من الناس كل يطلب شيئا معينا وكل له هدف مختلف. يقول القائل لا يمكن محاكمة المهدوية بمفهوم الحاضر ولكن دعني اقارن بينها وبين الثورة العرابية التي كانت معاصرة لها. بل ولنقارن بينها وبين إمبراطورية اثيوبيا وقتها وكيف ان منليك كان تفكيره ابعد بكثير من تفكير التعايشي.
ثم الخطل الأكبر المثير للسخرية وهو الاعتقاد بمعتقد خيالي، وهو أن المهدوية ستنتشر في كل العالم الإسلامي دون أدنى بحث عن مقومات وآليات ذلك الانتشار؛ فمعركة توشكى توضح إلي اي مدى الغباء الذي اكتنف تلك المقامرة (اسميها مقامرة) غير محسوبة العواقب. وهذا يقودنا لسؤال ملح لماذا دفع التعايشي بهذه المقامرة فهو إما أنه غبي موغل في الغباء والجانب الآخر الأكثر حدة هو أنه يعلم أنها خاسرة ولكنه يرمي للتخلص من النجومي وكثير من معارضيه. وتلك خصلة كافية لكي تضع الحركة المهدوية في موضع يتناقض مع مفهوم المهدي الذي يملأ الأرض عدلا. ويجب رفضها.
وجاءت فترة التعايشي وهي بالقطع الفترة الأصلية للمهدوية حيث أن المتمهدي قُضِيٌ (حرف الياء مقصود) نحبه، إذ لازال موته غامضا. ولم يمض على انتصاره بضعه أشهر.
تحقق للتعايشي حلمه بالجلوس على قمة السلطة لتبدأ حقبة من تاريخ بلدنا لاتخلو من فظاعة.
استطاع بجنوده أن يتمطى في البلاد شرقا وغربا، ليسوم الناس الخسف والجور والظلم البين.
واعجب ممن لازال يعتقد بان التعايشي له من المبررات ما دفعه لهذا الظلم والمظالم.
فنحن قد عانينا منه لا لسبب إلا ان الناس استنكروا ظلم ذويه. فزاد ذووه الظلم ظلمات. ونحفظ في رواياتنا المتناقلة الكثير من الآلام التي عانينا منها.

المهدوية والحاضر

وهو الجانب الأكثر إيلاما لست أدري سببا واحد يجعل لها امتداد في الوقت المعاصر، مع ملاحظة ما فعلته وتفعله في بسطاء القوم من استغلالهم باسم المهدوية ابشع استغلال. قد يكون الامر ليس كما كان إبان فترة الشغل بالسخرية، و عنبر جودة. ولكن مجرد استعمالهم للوصول للسلطة امر فظيع إذا حسبنا جيدا مدى إهمالهم بعد الفراغ من الغرض الذي اسْتُغِلٌوا لأجله. والشواهد الراهنة تغني عن البحث عن الأدلة. وساورد مثالا واحدا لأن كل الخلق يعلمون جيدا كثيرا من الشواهد.
الثاني من يونيو العام 1976هو يوم بلا أدنى ريب إن لم يكن الأفظع فهو من ايام البلاد السوداء، حيث دفع الآلاف ارواحهم ثمنا لكي يصل أحفاد المتمهدي وأصهارهم للسلطة. والمحزن المبكي هو أننا عايشنا كيف تخلى عنهم من دفعوهم للموت بلا أدنى تانيب للضمير.
واليوم وقد برهنت كل الدراسات ان فكرة المهدية فكرة خاطئة يطل علينا مبارك الفاضي ليحدثنا عن ارث جده الذي جمع الشعب السوداني على كلمة لا إله إلا الله وهو يعلم وكل الناس يعلمون ان فكرة استغلال الدين متاحة لكل أفاك لكي ينجز بها حلمه. وهو يعلم وشواهد التاريخ تقول أن كثيرا من مناصري الدعوة المهدوية قدموا من غرب افريقيا ولاعلاقة لهم البتة بالسودان. ومن الواضح بجلاء في ان سكان شمال السودان ووسطه كانوا أقلية في خضم تلك الجموع ولم يكن للمهدوية تأييد يذكر في الشمال.
والان غير مبارك الفاضي ظهر تشادي من غرب أفريقيا يتربع نائبا للرئيس ويحمل رتبة عليا في جيشنا جيش الهنا دونما أدنى استحقاق وكل هذا من تبعات المهدوية التي اباحت حدود بلادنا الغربية لكل من هب ودب.
فيا مبارك الفاضي لست مؤهلا لا بتاريخ اسرتك ولا بما تحمله من صفات لكي يكون لك شأن في هذا البلد. فقد انتظمت البلاد ثورة تحمل كثير من الوضاءات وأول تلك السوانح المضيئة في ثورتنا هو الوعي؛ الوعي بان عهد الطوائف والقبلية والإرث التاريخي بلا استحقاق هي من مخلفات عهود الانحطاط، التي كنت أنت واسرتك سببا رئيسا فيها، قد ولت، ولن تعود...

omarbeber53@yahoo.com
////////////////////////

 

آراء