سدود نيل أفريقيا – غطرسة مصر العروبة

 


 

 

(1)
رغم تحفظاتي على سياسات رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد الداخلية و التي كنت قد عبرت عنها و حذرت منها منذ 2018 و نتج عنها ما نحن فيه اليوم بإقليم تيغراي ، إلا أنني مازلت على قناعتي بأن مشروع سد النهضة يعتبر تحقيق للحلم الأفريقي العظيم و عنوان لإعتماد شعوب القارة على نفسها.
(2)
صدق الراحل جون قرنق دي مبيور عندما قال أن أكثر ما عانى منه هو قتال الذين حمل السلاح من أجلهم له. و كان يعني أبناء الهامش الذين كانوا يذهبون الي الجنوب لقتال إخوتهم الآمنين في أرضهم و قراهم.
وهو ما يقوم به السودان الآن إزاء سد النهضة بقيادة المنصورة مريم الصادق المهدي - وزيرة الخارجية . ف سد النهضة و بكل المعاير فإن المستفيد الأول هو السودان لكن من يقنع حكومات الخرطوم التي رضعت من الإنهزامية و ترعرت في كنف التبعية لمصر.

(3)
في عالم يسوده الظلم و اللامعقول ؛ أذكر و ببعض الألم حجم معاناة الإخوة الأثيوبيين في رحلة بحثهم عن التمويل لبناء سد النهضة قبل أكثر من عقد .
و لأن رحلة بحث الأثيوبيين تزامن مع (بحثنا) عن التمويل لبناء سد في بلد شرق افريقي لغرض مماثل لسد النهضة - أي بغرض توليد الكهرباء لذلك البلد ؛ عرفت سطوة إخوتنا في شمال الوادي عند مؤسسات التمويل العالمية.
مما دفع بالإثيوبيين الي الإعتماد على أنفسهم لبناء السد بغرض نهضة إثيوبيا و السودان و إفريقيا - فكان النجاح .
(4)
على خلفية تصريحات السيد/ دينق داو مالِك - نائب وزير الخارجية بدولة جنوب السودان حول خطط دولة جنوب السودان لبناء السدود على مجرى ( نيلهم ) لتوليد الطاقة الكهرومائية بطبيعة الحال ؛ أتحفتنا القاهرة و الخرطوم بتصريحات موغلة في التعالي الأجوف و السطحية الباعثة للإشفاق .
(5)
أتفهم ما أدلى به المتحدث بإسم وزارة الري السودانية بعدم سماعه أو علمه بخطط بناء السدود في جنوب السودان، لكن كيف للاخوة المصريين إنكار معرفتهم بتلك الخطط التي مر عليها ما يقارب العقد و النصف من الزمان ؟؟

(6)
كان ذلك في 27 أغسطس 2012 عندما شاركنا في المنتدى الأفريقي الصيني الاول للتعاون في بكين و الذي فيه أعلنت الصين تقديم 16 مليار دولار كقروض ميسرة للدول الافريقية لأغراض الطاقة و البنية التحتية .
كشرق أفريقيين و معنيين بالطاقة كان هدفنا إيجاد تمويل للسدود التي سوف تغذي مشروع (حوض شرق افريقيا للطاقة East Africa Power Pool ) و هو مشروع عملاق يقوم على تجميع الطاقة الكهرومائية المنتجة من قبل سدود دول شرق افريقيا ثم توزيعها على دول المنطقة و على ما جاورها من الدول الافريقية المتعطشة للطاقة- و ما أكثرها).
لكن في اليوم التالي لختام المنتدى اي في 29 أغسطس لحق بنا الرئيس المصري الراحل الدكتور محمد مرسي ، نتج عن زيارته تأخير مشروع حوض شرق افريقيا للطاقة لعدم وجود ممولين له.
لذا ليس من المناسب للاخوة المصريين إنكار معرفتهم بخطط جنوب السودان لبناء السدود لأغراض الطاقة.
(7)
بما أن (مؤسستي) تحت إحدي شركاتها هي التي شاركت و مولت جزء من الدراسات المطلوبة بالتعاون مع جهات دولية ( دون تكليف حكومة جنوب السودان جنيها واحدا ).
و رغم انني لا أمثل حكومة جنوب السودان في شيء ، إلا أنني و من موقع المسؤوليات الوطنية و الإنسانية و الاخلاقية الآنفة الذكر ؛ أستطيع القول بأن لا قوة في الأرض تستطيع منع جنوب السودان أو اي دولة شرق افريقية أخرى من بناء السدود على أراضيها بغرض الحصول على الطاقة اللازمة لدفع عجلة التنمية - مع مراعاة حاجة دول المصب - مصر و السودان للمياه.

(8)
صحيح ان الحرب المفتعلة بين مكونات شعب جنوب السودان قد أجلت الكثير من مشروعات التنمية ، و في مقدمتها مشروعات الطاقة و التي أبرمت بعقودات دولية يمكن لها ان تؤجل ؛ لكن لا تلغى .
لذا من الحصافة ان تسعى مصر العروبة للتعاون مع جنوب السودان أو يوغندا أو أثيوبيا عندما تقرر اي من تلك الدول إقامة السدود على نيلها الأفريقي.
و قبل ذلك التوقف عن البرامج الانصرافية من شاكلة سد واو و غيره من أوجه الإستهبال.

د. حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

آراء