في مواجهة زحف الطفيلية

 


 

 




تكونت الشريحة الطفيلية في ظل نظام الحكم الفاسد الذي اقتلعه الشعب السوداني في يوم 6\4\1985، تكونت هذه الشريحة من تجار العملة والمهربين والناشطين في مجال غسيل الاموال والسمسرة في الاراضي والعقارات وسواها من الانشطة المشبوهة.
وغنى عن القول، ان هذه الشريحة لا تنشأ إلا في ظل الأنظمة الفاسدة ترعاها وتتقاسم معها المال الحرام..
وتمددت الشريحة الطفيلية لتجتاح كل مؤسسات المجتمع الثقافية منها والإجتماعية والرياضية ، فأصبحنا نسمع بالوجيه فلان الفلاني وقد أنعمت عليه هذه الجامعة أو تلك الكلية بالدكتوراه الفخرية، أو ان المليونير الدولاري اللامع أنشأ قاعة تحمل إسمه الكريم في إحدى دور العلم وهكذا..
وتواصل الزحف الطاعوني يجرب حظه في الإعتداء علي تاريخ هذا البلد ، فحاول بعض (بارونات) هذه الشريحة الإستيلاء على موقع مدرسة أمدرمان الأهلية ، لولا أن هب إبن بار من أبناء أمدرمان ، وبالتحديد من حي بيت المال ، فأحبط هذا المسعى اللئيم ببنائه للمدرسة من جديد ، ولولا ذلك لرأينا في مكانها مجمعا تجاريا يناطح السماء ويسخر من تاريخ المدينة العريق.
وطالما نحن بصدد هذا الحديث عن مدرسة أمدرمان الأهلية التي تقع في مواجهة منزل الزعيم إسماعيل الأزهري من ناحية الجنوب ، فلابد من الإشارة إلى بعض ملامح إنشاء هذه المدرسة.
رأس مجلس أمناء المدرسة الأهلية منذ ان كانت فكرة وحتى قيامها (البكباشي نور) وتفانى لإنشائها مواطنو أمدرمان فتبرعوا بالمال ، وفي لفتة كريمة من رجل أعمال كريم ، أعلن الرجل المحسن عبد المنعم محمد عن تبرعه بمنزله ليكون مقرا لمدرسة أمدرمان الأهلية ، وفي العام 1927 افتتحت المدرسة..
هذه لمحة سريعة عن الأجواء التي أحاطت بقيام المدرسة ، فماذا عن المدرسين الذين تولوا التدريس فيها عند إنشائها وأولئك الذين تسلموا الراية من بعدهم.
كانت المدرسة الأهلية إحدى قلاع الوطنية ، وقد ذكر لي الأستاذ محجوب عثمان انه تعلم الوطنية في مدرسة أمدرمان الأهلية.
ونذكر من أساتذة الأهلية العظام:
عبد الكريم ميرغني ، جمال محمد أحمد ، حسن الطاهر زروق ، عفان أحمد عمر ، محمد عبد القادر كرف ، حسن أبو شمة ، محمد حمزة ، محمود الفضلى ، حسين الغول ، سر الختم نورين ، توفيق أحمد إسحق ، حسن حامد البدوي ، أحمد عمر الشيخ وغيرهم من الرجال الأفذاذ الذين شادوا بعملهم و وطنيتهم هذا البلد.
والسئ بالسئ يذكر..
قبل شهور قليلة دق رئيس تحرير جريدة (الأيام) ناقوس الخطر بعد ان تناهى الى سمعه نية بعض الجهات بيع مدرسة أمدرمان الأميرية ، هذه المدرسة التى أضحت جزءا من تاريخ السودان ، فاذا حركت نوازع الجشع جهة ما ودعتها لبيع هذه المدرسة ، فإنها تكون إعتدت على جزء عزيز وغال من تاريخ أمدرمان و السودان معا ، وتكون إرتكبت جناية لن يغفرها الشعب ولا التاريخ.
وفى ظل هذا النشاط الطفيلي المحموم للإستيلاء على الميادين والمواقع الممتازة ، لانستبعد ان يسيل لعاب أحدهم فيتقدم للسلطات بطلب لهدم طابية أمدرمان ليقيم في مكانها كافتريا أو مطعما للسمك بأنواعه ، كل هذا ممكن و وارد إذا لم يجد هؤلاء من يردعهم ويعيدهم الي رشدهم..
ارفعو ايديكم عن تاريخ السودان وعودوا إلى ملعبكم القديم في السمسرة والتهريب والتهليب ، فالملعب في إنتظاركم.
Moawia Gamal Eldin [moawia_gamaleldin@hotmail.com]
/////////////

 

آراء