كتاب من منازلهم .. مفوضية الانتخابات .. نموذجا .. بقلم حسن محمد صالح

 


 

 



نسأل أنفسنا ونحن نقرأ لبعض الكتاب في صحافتنا من أين يستقون معلوماتهم وما هو هدفهم من الكتابة للناس عبر كل هذه المساحات الممتلئة بالحبر الأسود هل يريدون المجاملة وإطراء المسئولين أم يريدون مجرد السير مع السائرين في طريق مطروق يعج بالمارة والمشاة لا يلون علي شئ غير السير في الطريق في جوقة بشرية غير معلومة الهدف ولا الدافع ولا نهاية للرحلة ؟ أم أن الكتابة هي بدافع الخوف علي نظام الحكم وبالتالي نقول له أحسنت في موقع الإساءة ونجحت في موقع الفشل بمعني أننا نغير أقوالنا للرأي العام حتي يقتنع بما نريد ويفعل ما نشاء علي ضؤ مقدمات خاطئة ونتائج من شأنها أن تكون أسوأ من المقدمات ؟ أم أننا نكتب بدافع الخوف علي الوطن من يضيع من بين أيدينا إذا قلنا (( كدا والله كدا)) أو عزفنا علي غير اللحن المعتاد والإيقاع المعروف في سلمنا الغنائي السياسي  ؟ هذه كلها يمكن أن تكون تبرير لما يقوله البعض ويتحدث عنه وينشره للناس في لحظة من لحظات التفكير بالدوافع التي تطرقنا لها وليست بدافع الحقيقة المجردة التي تقال للناس من غير رتوش وتحملهم علي جادة الطريق وإن بكوا لهولها في أول الأمر فسيضحكون أخيرا ومن يضحك أخيرا أفضل من الذي يبكي أخيرا . وقيل أن النقاد الفلاسفة قد اعجب كثير منهم بالفيلسوف مكافيللي لأنه  يكتب عن الأمير كما هو وليس كما ينبغي  ولذلك جاءت كتاباته ساطعة واضحة من غير تأثير بمثاليات مؤثرات مثالية أو قانونية وهذا ما ينبغي أن يكون عليه الكاتب الصحفي الذي يعكس للناس الواقع وفقا لمشاهداته وآراءه وأفكاره من غير أن يعبث بالحقائق أو يطوعها لأي غرض من الأغراض لكون ذلك من صميم أهل الدراما والتمثيل وهؤلاء أنفسهم يتحدثون عن مسرح الواقع وأن الخيال والحبكات الدرامية قد صارت جزءا من مسرح الماضي .
وإذا نظرنا إلي الطريقة التي تناول بها بعض الكتاب في صحافتنا المفوضية القومية للإنتخابات نجد في إسلوبهم مدحا لهذه المفوضية وإطراء وتهنئة مباشرة علي ماقامت به من عمل يتمثل في إنتخابات عام 2015م والمفوضية بالفعل قد أقامت إنتخابات وأعلنت فائزين وليس هذا هو المهم لكون الإنتخابات لم تعد في حد ذاتها أمرا مهما أو معجزة من المعجزات وما أكثر الإنتخابات في أفغانستان تحت الإحتلال الأمريكي وفي العراق وفي مصر إنتخابات تلو إنتخابات وفائز اليوم وآخر غدا وكل هذا عن طريق الإنتخابات التي أصبحت وسيلة للديمقراطيين ولأعداء الديمقراطية وخصومها علي حد سواء  ولكن ما الذي فعلته مفوضية الإنتخابات والعاملين فيها يرددون علي كل مظلمة أو شكوي بأنهم قد أقسموا اليمين ولا أدري ما هي صيغة اليمين الذي أدوه ولكن هذه المفوضية لديها ممارسات يندي لها الجبين بدءا بتسجيل الناخبين فالملاحظ علي السجل الإنتخابي أنه أسقط أسماء معظم الشباب الذين يحق لهم التصويت في إنتخابات عام 2015م حتي المسجلين منهم  ولم يتم تنقيح السجل الذي حمل أسماء مواطني دولة جنوب السودان الذين سجلوا قبل ستة أعوام من الآن ولم يتم حزف الموتي بل إن المفوضية كان عليها أن تقوم بوضع سجل جديد للناخبين طالما أن هذه الإنتخابات قد جاءت عقب إنفصال الجنوب  قيامه دولة قائمة بذاتها لا علاقة لها بالشمال . أما أثناء العملية الإنتخابية فحدث ولا حرج من أمر هذه المفوضية التي كان همها الأول هو الحصول علي أعلي نسبة تصويت فيما يعرف بالمشاركة  والمشاركة ونسبة المشاركة وما أدراك ما نسبة المشاركة وما حدث من ملاسنات علي المستوي العالمي مع الإتحاد الأوربي وغيره من المنظمات الحقوقية العالمية وقد إمتنع الإتحاد الأوربي عن مراقبة العملية الإنتخابية ناهيك عن دعمها ماليا كما حدث في إنتخابات العام 2010م. وأثناء هذه العملية قامت المفوضية بتمكين مواطنين لا يحق لهم التصويت بحكم القانون من التصويت وحرمت مواطنين مسجلين من التصويت في الإنتخابات لأسباب سياسية كما حدث في بعض مناطق شمال كردفان عندما حجبت المفوضية بطاقات الإختراع من مراكز بها ناخبين لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم وحولت بطاقات إلي مراكز قد إكتملت فيها عمليات التصويت لكون أحد المرشحين كان مستقلا .
 وضعف المشاركة في العملية الإنتخابية الذي تجلي في ولاية الخرطوم حيث كانت نسبة المشاركة حوالي 34% السبب فيها العملية الإنتخابية برمتها والتي لم تقنع الناخب السوداني بأن هناك منافسة حقيقية في الإنتخابات وليس السبب هو المؤتمر الوطني كما يقول البعض فالمؤتمر الوطني حشد للإنتخابات ولو لم يقوم المؤتمر الوطني واللجان الشعبية بإستخدام شهادة السكن في هذه الإنتخابات لما تحققت هذه النسبة من المشاركة في الإنتخابات في ولاية الخرطوم ولا في غيرها من الولايات  . وهناك عامل آخر  وهو المستقلون فلولا المستقلين الذين نافسوا المؤتمر الوطني في كثير من الدوائر علي أسس قبلية لما تحققت هذه النسبة نسبة ال46% من الأصوات وهي أقرب إلي ال40% منها إلي الخمسين في حسابات النجاح والفشل . أما الأحزاب المشاركة في الإنتخابات والتي فرغ المؤتمر الوطني لها دوائر إنتخابية فلم يكن لها دور في المشاركة في الإنتخابات كما عبر عن ذلك الإتحادي الديمقراطي المسجل في البيان الذي أصدره وقال إن الإتحاد الأصل لم تكن له لجان إنتخابية ولا مناديب ولكنه حصل علي دوائر في هذه الإنتخابات وقد إتهم حزب الدقير المؤتمر الوطني بخيانة عهوده ومواثيقه معه في الإنتخابات وهدد كما جاء في صحيفة المجهر بفض شراكته مع الجزب الحاكم والتحول للمعارضة علي طريقة دخلت نملة وأخذت حبة وخرجت لتفسح هذه النملة المغاضبة المجال لنملة اخري علها هذه المرة هي الإتحادي الديمقراطي الأصل وهذا هو حال السياسة السودانية .

elkbashofe@gmail.com

 

آراء