لستِ بكُلِّ هذا الطُّول.. يا أماني الطويل!! … بقلم: علي يس

 


 

علي يس
18 February, 2010

 

 

معادلات

 

 

       على موقع صحيفة سودانايل الإلكترونية ، نشرت الصحافية المصرية د.أماني الطويل ، مقالةً (منقولة عن صحيفة "نهضة مصر" المصرية  ) عنونتها : (في الرد على طلب نائب الرئيس السوداني ) استولت فيها على لسان النخبة المصرية ، وتكرّمت بالرد على ما أسمته (طلب) نائب رئيس الجمهورية الأستاذ على عثمان محمد طه ، والذي يبدو أنه – أثناء زيارته الأخيرة للعاصمة المصرية – توقع في خطابٍ له هناك (أن تقود القاهرة  والنخبة المصرية  دعما للسودان فى الأنتخابات القادمة  يسهم فى دعم أقليمى ودولى  لوحدة السودان وللأنتخابات القادمة فيه) .

       والواضح طبعاً ، أن الأخ نائب الرئيس ، كأي مسؤول كبير يزور بلداً آخر موسوماً بأنه (بلدٌ شقيق) تقتضيه دواعي الدبلوماسية أحياناً أن يخاطب من يعتبرهم نخبة ذلك البلد ، خطاباً مُجاملاً ودبلوماسياً يحاول فيه أن يؤكد تقديره لمضيفيه وسامعيه ، وإيمانه بأن لهم أهميةً وخطراً ، ويقول لهم ، مثلاً ، أنه (يتوقع دعمهُم) ..

       ولا أشك أبداً ، في أن النخبة المصرية التي خاطبها الأخ نائب الرئيس وعناها ، قد فهمت الخطاب في إطاره الموضوعي ، وفي ردائه الدبلوماسي ، وهي تعلم يقيناً – تلك النخبة – أنها لا تملك من الخطر ما يمكن أن يؤدي إلى تغيير شيءٍ على الأرض في  السودان، أو التأثير ، سلباً أو أيجاباً ، على قرارات الشعب السوداني أو على  نتائج الانتخابات .. ولكن أماني الطويل فهمت شيئاً آخر!!

       الدكتورة أماني الطويل ، فهمت فوراً ، أن الأخ نائب الرئيس ذهب إلى القاهرة ليستنجد بها – بأماني الطويل  -  حتَّى تتكرم ، باعتبارها  زعيمةً للنخبة المصرية ومتحدثةً رسميّةً باسمها ، بإنقاذ السودان !!

       والدكتورة – الشهادة لله – لم تقصِّر أبداً ولم ترفض الدعم ، مبدئياً ، ولكنها ، مثلها مثل أي جهةٍ مانحةٍ مُحسنة ، أشهرت جملةً من الشروط الصارمة في وجه الأخ نائب رئيس جمهورية السودان الذي ذهب يتسول دعمها ، بعد أن أمَّنت على الطلب بقولها : (هذا الطلب من نائب الرئيس متوقع ومفهوم فى ضوء مدى معرفة الجميع فى السودان وخارجه بوحدة الموقف المصرى الرسمى  والشعبى فى تعاطفه مع فكرة وحدة السودان بشروط جاذبيتها لأبناءه فى الجنوب والشمال  وهو تعاطف لاينبع فقط من مسألة المصالح المصرية المرتبطة بشكل وطبيعة وجود السودان فى المستقبل, ولكنه يرتبط فى ظنى بتعاطف الوجدان المصرى العام مع فكرة وحدة الدولة بأعتبارها نابعة من دولة تاريخية ممتدة أستطاعت أن تحقق الأستقرار وأن ينصهر أبناءها فى بوتقة الأمة الواحدة .وحينما يكون الطلب من رجل بحجم على عثمان محمد طه نائب الرئيس المشهود له بما لايستهان به من قدرة على التدبر والتدبير , وحينما يكون المطلوب يقع فى حيز المساندة السياسية والأخلاقية  للحكومة السودانية التى طلبت هذا الدعم أجد أنه من الضرورى طرح ماأتصور أنه يقع  فى حدود قدرة النخبة المصرية غير الرسمية على مساندة السودان فى موقفه الراهن .) "لم نتصرف في الأخطاء اللغوية والنحوية الموجودة بالنصوص المقتبسة من مقال الدكتورة حتى لا نتهم بالتحوير"

       ثم هاهي ذي الدكتورة تشرع – بعد أن شخصت المسألة بالفقرة الركيكة أعلاه – في إشهار شروطها حتى تقدم الدعم للحكومة السودانية : (فمن الواضح لى أن هذه النخبة المصرية  فى المرحلة الراهنة لن تقدم شيكا على بياض للحكومة السودانية أيا ماكان نوع أداءها خلال التحضير لهذه الأنتخابات بسبب ماتتعرض له السودان من إجحاف على المستوى الدولى أو مخاطر الأنقسامات , ذلك أن طبيعة التغييرات التى شكلت النخبة المصرية خلال السنوات الأخيرة من حيث جرأتها فى المطالبة بالتحول الديمقراطى فى مصر وأدواتها  المستحدثه فى التعبير عنه  من صحف وفضائيات  خاصة ومستقلة  سوف تنعكس على نوع المساندة التى تقدمها للسودان أبان الأنتخابات فهناك  إيمان فى مصر يزيد ولا ينقص فى أن سلامة الأجراءات المؤدية للأنتخابات وأتاحة الفرص المتساوية أمام جميع المرشحين  ( على غير طريقة الحرق التى بشر بها السيد على كرتى ) سوف تكون محددا حاكما فى مدى المساندة التى يمكن تقديمها للحكومة السودانية) .

       في منتصف الليل ، وجدتُني أضحكُ كالمجنون ، وأنا أقرأ إدلال الدكتورة ب"جرأة النخبة المصرية في المطالبة بالتحول الديمقراطي" و "إيمانها بضرورة سلامة الإجراءات المؤدية إلى الإنتخابات وإتاحة الفرص المتساوية أمام جميع المرشحين" ضحكتُ والله برغم أنني لستُ فخوراً بمدى سلامة التجارب الديمقراطية في السودان منذ أن عرف شيئاً اسمه الانتخابات ، ولكنني أعلم وتعلم السوائم ، أن أية انتخابات جرت في السودان ، مهما بلغت عللها ، هي أنظف وأفضل ألف مرة من الانتخابات التي تجرى في مصر ، والتي يحكمها رجلٌ واحد لأربعة عقود ، يتوقع أن يخلفه نجلهُ – ديمقراطياً طبعاً !! -  لستُ مستهيناً ، بالطبع ، بجرأة أماني الطويل في المطالبة بالتحول الديمقراطي وحساسيتها تجاه سلامة الإجراءات الإنتخابية ، ولا أقلل من جرأة النخبة المصرية وإيمانها ، ولكن : أليست مصر أولى بجرأتكم هذه وحساسيتكم هذه من غيرها ؟؟ مجرد سؤال !!

       وهاهي أماني الطويل تحذرنا وتنذرنا ، لا فُضَّ فوها : (وغنى عن البيان أن تأثيرات النخب المستقلة فى مصر وقدرتها على إثارة الجدل العام حول قضايا الساحة  العربية عموما والسودان خصوصا وقدرة أدواتها أيضا على التأثير فى الرأى العام المصرى والعربى هى فى تعاظم بمصر ومؤثرة بطبيعة الحال والأحوال على الميديا العربية . وكما نقول فى العامية المصرية  طلب نائب الرئيس ( على راسنا ) ولكن تحقيقه مرتبط بمصداقية الوعود التى أطلقها العديد من المسئولين السودانيين وأولهم زائرنا الكريم فى القاهرة  نائب الرئيس على عثمان من شفافية السياسات وعدالة الأجراءات  فى العملية الأنتخابية  . أقول قولى هذا حتى لاتتهم النخب المستقلة فى مصر فى أثناء الأنتخابات السودانية   بالتهم التى أعتدنا سماعها من تخل أخلاقى عن السودان فى ظروفه الدقيقة الراهنة أو تهميش للقضايا السودانية على الأجندة المصرية  فبوابة النجاة للسودان سوف تكون فى سلامة أنتخاباته وقدرة حكومته على الشفافية والعدل  , فى هذه الحالة  قلوبنا وأقلامنا معكم فلن نبخل بهذه المساندة المطلوبة أبدا).

       سلمت لكم قلوبكم وأقلامكم التي تنصب المضاف إليه وتجر الفاعل يا دكتورة ، لسنا بحاجةٍ إليها . إحتفظوا بها لأنفسكم ، فسوف تحتاجون إليها ذات يوم ،أكيد!!

 

ali yasien [aliyasien@gmail.com]

 

آراء