لَكَ وأنتَ تُجَمّع كلّ خيوطِ الأسى فوق سماءِ الوطن

 


 

 

سيدي رئيس الوزراء بكلّ الاحترام اكتُبُ إليكم رسالتي اليك اليوم من نَفْسٍ سيستمرُّ يعتصرُها الألمُ والأسى ما شاءَ لهُما.
رسالتي إليكَ من نَفسٍ لم تُخلخل ثباتها فترة الإنقاذ ولا بيوتِ أشباحِها ولا ثلّاجات موقف شندي ولا أرضية زنازين كوبر العاريه المدروزه بمُراحات القمل والجنادب والنمل ، التي لم يكن يفصلُنا عنها سوى ملابسنا ، ولا الاستدعاءات اليوميه والمقيل عند بوابات الجهاز حتى الليل ثم الانصراف لتعاود قبل طلوع الفجر.
حذّرت في خطابك من إنفراط أمني وحرب أهليه اذا استمرّت احتجاجات المحروقات هذه. وتحدثت عن الفلول وصنيعهِم ضد الثوره وكيف انّ هذه الاحتجاجات ستتيح لهم الفرصه للقيام بنشاطاتهم المعاديه ثم أشرت الى كيف أنّ سياساتك وطريقة تعامُلك قد إعتُبِرَت ضعفاً. الحاله الامنيه وتطورها للأسوأ ثم الفلول ثم وصفك بالضعف والبرود هي ما ساتناولهُ في هذه الرساله. الاقتصاد ليس مجالي إلّا بقدر تأثيره على الأمن وهنا نجد علاقةً وثيقه وأنت تضرب عرض الحائط بكل مقترحات اللجنه الاقتصاديه للحريه والتغيير وبالكثير من آراء اقتصاديين لهم وزنهم وتقوم باتخاذ قراراتك من داخل تحالفٍ لاجسامٍ دار حولها الكثير من اللغط . الذهب يُهَرّب والمعادن والصمغ العربي والسمسم والمواشي والجمال ونحن نهرع للخارج اعطونا او منعونا. تتخذ من القرارات ما يحيل حياة الناس الى جحيم دون ان تخرج اليهم وتحدثهم عن اهمية هذه القرارات ودون ان تضرب لهم انت وحكومتك المثل المرتجى في التقشف فهم يرونكم عسكراً وسيادةً ووزراء تهرولون نحو المحاصصات و تتقلبون في النعمه وتتشهون في عوالم السيارات وصيانة المنازل دونما ناتجٍ يمكن اعتباره انجازاً فكيف تتوقع ان تكون ردة فعلهم على سياسة التجويع التي ترمي بهم الى أتونها.
ثم عن اي فلولٍ تتحدث؟ هل تقصد الذين ينتشرون في الشوارع وينهبون المواطنين ام الذين يشتموننا في اجهزة الاعلام والصحف ام الذين تمّ تهريبهم بأموالنا الى خارج البلاد ام كتائب الظل والطلابيه والدفاع الشعبي والكل بجميع اسلحتهم التي اوصينا بنزعها في مارس ٢٠١٩ ولم يسمع أحد ام الذين ساندتم وجودهم في الاجهزه الامنيه جيش وشرطه وجهاز امن وحرمتم شرفاء المفصولين من العوده لإصلاح الحال المائل؟
سبق لنا ان حدثناكم عن الاجتماعات التي اتخذت من وزارات أمنيه سياديه مقرّاً لها منذ ان بدأ الحكم الانتقالي.
وحدثناكم عن ان المؤامرات تحاك في البيوت المحميه وتتخذ من الكاكي ستاراً آمناً لا يتطرق اليه الشك فما الذي جعلكم الان تَشْكُونَ من الفلول وهُم مَن يجلسون آمنين مطمئنين تحت ( حمايتكم )؟ الم يخطُر ببالكم خطورة من تحمونهم من الفلول على الامن القومي؟ ومن يُحرّك فلول الشارع الذين تشتكي منهم؟ الم تسأل نفسك اين سيكون مطبخ القرار في هذا المسرح الملتبس؟ الم تحاسب نفسك وانت رئيس وزراء لثورةٍ بحجم هذه الثوره اندلعت ضد الفلول التي اذاقت الشعب الامَرّين وانت ترفض تطهير الاجهزه الامنيه منهم ثمّ وانت ( ترفض) عودة اصحاب الحق إلى الاجهزه الأمنيه وقد صار الناس يُذبحون في الطرقات في وضح النهار؟ هل الاحتجاجات التي اندلعت بأسبابها المُقنِعَه هي من سيشعل الحرب الاهليه كما قلت ام سيشعلها كلّ تراخيكم الذي يعتبر تجنّي في حقّ هذا الوطن وشعبه وخيانه لمبادىء الثوره ؟
من سمح بدخول كل القوات التي تمترست الان داخل العاصمه فصارت اضافه لقوات الدعم السريع البعيده عن المحاسبه وصار ما يفصلنا عن الحرب الطاحنه هو فقط قدح الزناد كل ذلك في وجود قوات نظاميه محبَطه ومثقله بمنتسبي العهد البائد.
من عيّن الفلول كوزراء؟ اجبني يا سيدي من عيّن الفلول كوزراء؟ ومن استبقاهم في مناصبهم حتى بعد تصريحاتهم وتصرفاتهم الغريبه الّتي لم نجد لها علاقه بالثوره؟
كل أعلاه بالإضافة للمحاكمات المضحكه والأحكام المنتظرة التنفيذ الى ما شاء الله والقتل المستمر للثوار الذين صاروا يحرسون جثث قتلاهم بسبب انعدام الثقه في الاجهزه العدليه والشرطيه والامنيه وضياع ضمير الطب الشرعي.
كيف يكون الضعف يا سيدي وكيف يكون البرود وكيف يكون إختفاء القاده عن الناس في احلك احوالهم واشدّها بؤساً وسوءاً.
الناس احرار في كيف يُفسّرون الاشياء من المعطيات التي أمامهم واؤكد لك انّ تفسيرهم لن يُجانب الصواب فأنت أمام شعب أميّوهُ يتميزون بالحكمةِ والوجدان السليمَين. نحنُ سنظلُّ نَحرُسُ ثورتنا والخياراتُ أمامنا مفتوحه. لن نسمح بالعبَث الذي يحدث الان ولن نسمح بارتهان إرادتنا للخارج وسنصنع بأيدينا السودان الذي نُريد.
وختاماً لن بُغيّرُ اللهُ ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم
والله من وراء القصد.

melsayigh@gmail.com

 

آراء