مهنية الجزيرة

 


 

كمال الهدي
15 November, 2021

 

تأمُلات
. عندما اشتعلت ثورة السودانيين ضد (الساقط) البشير وبدا أن الشعب السوداني يصارع الطغاة وحيداً بلا أي تغطية إعلامية، حيث لم تلتفت وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية لما كان يجري في بلدنا.. عندها شكا بعضنا من ذلك الإهمال لواحدة من أعظم ثورات العالم.

. وكنت دائماً أقول في القروبات المعنية بالثورة أنه من محاسن الصدف أن يهمل الإعلام العربي تحديداً ثورتنا، وأن ذلك أفضل لنا بمليون مرة من تغطياتهم غير المهنية.

. وحين بدأ اعتصام القيادة الذي انتهى بأبشع مجزرة يشهدها السودان دخلت بعض القنوات العربية على خط ثورة ديسمبر المجيدة وليتها لم تفعل.

. فقد بدأنا نتابع التغطيات المنحازة ونسمع أبواق وإعلاميي نظام الطاغية الذين ظلوا يكذبون ويصدقون أكاذيبهم، ولم يطرف للواحد منهم جفن وهو ينفي وجود ثوار في الشوارع بالحجم الذي يمكن أن يزحزح نظامهم البغيض.

. والآن بعد أن انقلب البرهان بمعاونة بعض أرزقية الحركات المسلحة وتجار الحروب وبترتيب من النظام القديم على حكومة الثورة شاءت الأقدار أن يختلف الخط التحريري لقناة الجزيرة مع أصدقاء الأمس نظراً لبعض الدواعي الإقليمية.

. وقد فرض هذا الواقع الجديد على القناة أن تتعامل بمهنية تامة مع ثورة السودانيين ضد الانقلاب.

. فصرنا أكثر رغبة في متابعة الجزيرة، وأصبحنا نستمتع بخدمة إعلامية شفيفة وصادقة.

. مع كل مساء يتحفنا بعض مذيعي القناة بأداء مهني راقِ نتمنى أن يستفيد منه بعض المسطحين في أجهزة الإعلام السودانية.

. المهنية حلوة يا أهل الجزيرة.

. وحين تتخلون عن الانحياز لجهة ما تبدون رائعين ومقنعين للحد البعيد.

. وأجمل مافي القناة هي أن مذيعيها الذين يستضيفون محللين وإعلاميين وخبراء استراتيجيين (مفترضين) من بلدنا يحاصرونهم بالأسئلة الصعبة ويضعون الصور والمشاهد واضحة أمام المتابعين، وبذلك ينكشف بعض الطبالين الجهلاء الذين لو كنت مكان سيدهم البرهان لمنعتهم من الظهور عبر القناة.

. فمعظم هؤلاء يفضحون أنفسهم كل ساعة ويمرمطون برهانهم أكثر مما هو ممرمط.

. لم يعد يمر علينا يوم دون أن نهنأ ببعض الفواصل الكوميدية مع هؤلاء الهلافيت الذين لا يتورع الواحد منهم ولا يراعي لعامل السن فيظل يكذب ويكابر ويثبت كل الجرائم على من يحاول الدفاع عنهم بسبب ضعف الحجة وضيق الإدراك وعُقم الخيال وافتقاد الفطنة والذكاء.

. نعود لمهنية قناة الجزيرة التي تفيدنا كثيراً هذه الأيام لنقارنها بإعلامنا الهزيل الذي بلغ دركاً سحيقاً وأُدخل في حفرة سيصعب خروجه منها في القريب العاجل بعد أن أضاع علينا فيصل محمد صالح فرصة ذهبية كان من الممكن أن تكفينا الكثير من شرور اليوم.

. ولهذا أرجو أن لا نسمح كشعب بالتهاون مجدداً مع مثل هذا الملف الهام.

. وبمجرد سقوط البرهان وانقلابه الكريه - وهو ما أراه قريباً- يفترض أن تولي الحكومة المدنية الإعلام ما يستحقه من إهتمام، وأن تكنس منه جميع القاذورات بجرة قلم وضمن فترة الشرعية الثورية حتى لا يتكرر الكلام الخائب من شاكلة (القوانين لا تسمح) وكأن الثوار قد أسقطوا المخلوع وفقاً لقوانينه التي فصلها على مقاس نظامه البغيض.

. وعلى ذكر الإعلام وخطورته لابد من الانتباه لحملات التخدير الإقليمية والدولية والمساعي المراد بها اكساب الانقلابيين المزيد من الوقت.

. كل يوم يمر علينا دون اسقاط المجرمين البرهان وحميدتي يكلفنا كثيراً، لذلك لابد من تكثيف العمل الثوري وزيادة وتعجيل الوتيرة وتوسيع رقعة التظاهرات اليومية بكافة مناطق سوداننا الحبيب.

kamalalhidai@hotmail.com

 

آراء