وتُجرى عمليات التجميل فتأبى الأصباغُ أن تَخون !!

 


 

 

أكتُبُ إليكُم بكُلّ الألَمِ المُمكِن وبِكُلّ الشُعور المُنكَسِر الناجم عن الهَزيمَه .. وبكُلّ أذيال الخَيْبِه التي تُثقِلُ المَسير وتُجَرجِرُهُ نحو الإتّجاهِ المُعاكس. ولَكِن ، إبتِداءً ، مَن أنا حَتّى أُقحِمُكُم في شعور الخيبات الذي ينتابُني وأُجبِرُكُم إلى سطوري وأشغِلُ وقتَكُم بِتُرُّهاتي؟
أنا شخصٌ عارَضَ الإنقاذ مُنذُ بيانِها أوّلُ المأساه ثُمّ شارَكَ ، مَع الآخَرين ، في وَضْعِها في مَكانِها من مزبَلَةِ التاريخ عبر طُرُقٍ وَعِرَه مِن التضييق في الحياه بالمُراقَبات المُستَدامَه والإستِدعاءات والإعتقالات وبيوت الأشباح وحِساب النَفَس الطالِع ونازِل.
وكما رفضتُ الإنقاذ فإنَّني ارفضُ الآن أيضاً وجوهَ الإنتقاليه هؤلاءِ الذين رفضوا تطهير الصفوف من أعضاء ومنتسبي الإنقاذ كُلٌّ في مجالِهِ أمناً وإقتصاداً وصحافةً... الذين بصموا على اتفاقية جوبا واحتفلوا بدخول قوات الحركات باسلحتهم للعاصمه والذين تركوا الجيش والشرطه بنفس الكوادر الإنقاذيه وتركوا جهاز ألأمن كما هو ومليشيا الجنجويد ومَضوا إلى تحاصُصِهِم وتقاسُم السُلطه فزادوا الإنقاذ( مُدماكاً ).
نتعرّض الآن للتهكّم والسُخريه والاتهامات بالتخوين ، نُسأل ، ( ونَحْنُ في قلبِ الشارع ) ، عن أسلِحَتِنا وأدواتِنا وكيف سنُنازِل النظام وعلى الجانب الآخر تُجرى عمليات التجميل على مِنَصّات الإعلام الحيّه على الهواء لمُمَثلي مسرح الإنتقال للخروج الذي لازَمَهُم ولازَموه عن النّص الثوري المُبين ورغم كُلّ الجهد المبذول فإنَّ ( الأصباغ ) ، كَما نَحْنُ ، تأبى أن تَخون.
نؤمنُ جميعا بوحدة صف ( القوى الثوريه ) وأنّهُ بِلا وُحدَه سيستمر الأمرُ شاقّاً لبلوغ غاياتِه. هذه الغايات قطعاً لم تخرُج عن ولادة سودانٍ جديد بعيداً عن التسلّط والقهر عسكرياً كان ام مدنياً وقرارٍ وطني بعيداً عن وِصاية الأجنبي المُخزيه التي ينحني من أجلِها البعض وهُم يُعيدون تَقَدُّمَهُم للصُفوف.
بَيّنّا ما كان من أمر حكومات السيد حمدوك ومركزية الحريه والتغيير وشلة المزرعه وتحدّثنا كيفَ سعت كلّ المنظومه بكلّ جِدّيّه في إجهاضِ أهمّ فتره في تاريخ السودان وبَيّنّا بالأدله أنّ ما نحنُ فيه الآن هو نتاجٌ طبيعي لكلّ التصرّفات والسياسات المقصوده لكُلّ هؤلاء وقطعاً هنالك فَرقٌ يَسهُل تمييزُهُ بينَ السّعي الأمين الذي يرمي للمقاصِد المُجْمَع عليها وإن خاب وبينَ السعي الذي ، بإسمِها ، ينتهِجُ نَهجاً لا ولن يلتقي مع أهداف الثوره. بينَ كُلّ هذا وذاك ما توقّفَت شلالات الدم وهو ثمَنٌ باهِظٌ يقتضي الوقوف عنده بالحزم اللازم والمحاسبه وليس تدوير نفس القُوَى بل ويَقتَضي من هذه القوى أن تتوارى من تلقاءِ نَفسِها.
لجان المقاومه رفعت شعاراتَها عالياً تحت مظلّة اللاءات الثلاثه التي أساسها عدم التفاوض وتسليم ( الموقع ) نظيفاً كيومِ ولدتهُ أُمُّهُ حتى يُمكِن البناء عليه وتشكيل الوطن الذي يجب أن يكون. هذه اللجان تتشكّل من الشباب الذي ضحّى وقدم الشهداء في ( بيانٍ بالعَمَل ) واضِحٍ في غيرِ مَدَسّه.
في الوقتِ نَفْسِهِ نجدُ بعض فئاتٍ من مُجتَمَعنا ذاتَ تأثيرٍ تُحاوِلُ أن تُسَيّر الرأي عَكسَ عقارِبِ الساعه في دَعوةٍ ( لِلَمّ الشمل ) الذي بدونِهِ لن ينصلح الحال دون إعطاء أيّ إعتبار للرأي الأثقل على ارضِ الواقع وعلى ما يُشَكّلُهُ الوُّجدان السليم والبصيرةُ النافِذه التي تمضي الى ما وراءِ الحُجُب وذلك بالوقفه القويه لإبعَاد ومُحاكمة هذهِ الأوجُه الشائهه لِلّجنةِ الأمنيه والمليشيات التي ما تزالُ تؤذي بوجودِها.
إنّ ( الإصرار ) على لمّ الشمل في إتجاه هؤلاء الذين جرّبناهُم من خلال الفترةِ الإنتقاليه وإعتبارهُم كمركز ( لِنَقْل ) كل القوى الأخرى التي هي أساس الثوره وجذوتَها إلى ضِفّتِهِم والسَعي لِفَرض ذلك من خلال التلميع الإعلامي لَهُم هُوَ حَرثٌ في البحر وهو سباحَةٌ عكس التيار لأنّ ما ينفَعُ الناس يُرى ويُلمَس بِمُكوثِهِ على الأرض بتلقائيّةٍ لا تَفرِضُها إجتِهادات البعض بل هي لا تحتاجُ إلى المحاولات المُتَدَخّله للفت النظر إليها.
وهي مشروعٌ خاسِر لأنّهُم يدعون إلى التفاوض والمُساومات ويدعونَ الى الجلوس كيفما أتفق بحُجّة أنّ الوطن في خطر لأعادةِ نفسِ الاسطوانةِ المشروخه ومُكافأة المخطئين والقَتَلَه والذين عَوّقوا أبناء الوطن والذين عَوّقوا الوطن. نجدهم متذبذبين يُعلِنونَ عن اتّفاق وعندما يرون حجم الرفض والسير الواثق الراكز للقوى الثوريه على الأرض يبدأُون في نقضِ غزلِهِم وهدم بنيانَهُم و يبدأ إنكارهُم لما أعلنوا عنهُ.
بعدَ مُعاناةٍ فظيعه مع الانقاذ ومعاناةٍ أسوأ مع الفترة الانتقاليه التي كانت هيَ الإنقاذ ايضاً وبعد الانقلاب الذي ما خرجَ عن ثوب الانقاذ نرى أنّنا قد وضعنا أقدامَنا على الجانب الصحيح من المعادله في أنّهُ لا تفاوض ولا مساومه. نقول ان اي مساومه ترقى الى درجة الخيانه العظمى للدم وللوطن. نقول ان يتوَقّف البعض عن تلميع الحريه والتغيير وأن يُقلِع البعض عن السُخريه والتهكُّم من معارضي التسويه أيضاً ونقول أنّ الحل هو المضي قُدُماً في الثوره وأن الحل في حل المليشيات وعودة العسكر للثكنات وأجراء المُحاكمات لكلّ مَن اجرموا وتسلُّم المفصولين من الشرطه والجيش والخدمه المدنيه شؤون وزاراتهم.
التوافق يجب ان يتم بين قوى الثوره الحقيقيه وليس مع الجهات التي عمل ابناؤها مع الانقاذ ولا تلك التي كسرت ظهر الوطن واورثتهُ كل ما هوَ عليه الآن.. لا تفاوّض ، لا شرعيه ولا مُساوَمَه.

melsayigh@gmail.com
//////////////////////////

 

آراء