وتُدَوِي الحناجر (بي كم بي كم بي كم قحَاته باعوا الدَم) ثم يجلس الوزير ببرود وبعدها يعود لمكتبِهِ وليس بيته. . بقلم: مقدم شرطه م محمد عبد الله الصايغ

 


 

 

تناسينا الانقاذ وفظائعها واهوالها والان آل الأمر ، كالعاده ، إلى غير اهله. رحل الرجل الأمين المؤتمن على محمود حسنين واتّكأت الساحه على كل ما هو غث وضحل وطفت الخيانات الى السطح وسيقت الثوره ودماءُ أبنائها تقطُرُ الى حيثُ أرادوا لها.
الاحزاب العتيقه لم يكن لها همٌ عبر الحقب غير نفسها ومصالحها بعد ان عمل قادتها مع الديكتاتوريات سندا وعضدا ثم قفزوا الى الحكم حينما كَمّلَ الشعب ( الشغل ) وقد نقلت هذه الاهتمامات اباً عن جد لورثتها الان وتوافقت معها احزاب وكيانات الانقاذ الديكورية بعد ان قويت عينها مما رأت من إرتعاب وتردد ولاة أمورنا ودورانهم في افلاكِ مصالحهم الخاصه.
من منكم يرى ان الحريه والتغيير المُشارِكه لم تسعَ لمصالحها الخاصه ضاربةً بمصالح الوطن عرض الحائط؟ من منكم لا يرى ان مدنيي السيادي لم يستيقظوا منذ تعيينهم الا على صوت المنبّهات بعد ان علت اصوات الدبابات على اصوات الانفنتي والبرادو وصارت الكراسي تهتز؟
قالت الاستاذه عائشه موسى الكثير وكان صوتها اقسى من صرير جنازير المدرعات على الاسفلت ولكن كل ذلك لم يوقظ اهل الكهف لدينا فرئيس الوزراء ما فتئ يستبدل بطانه بأسوأ منها ومركزية قحت بِصفرِ وزرائها الكبير استأثرت بأمر الحكومه والسيادي استمر في صمت القبور.
مشهد ما بعد الثوره
حوى المشهد ، حينها ، فقط السدنه ومنسوبي جهاز الأمن وكلاهما كانا يرتجفان رغم القفز على الشرعيه الثوريه. والان بعد عامين من الثوره بدا المشهد اكثر إكتظاظاً وقد ظهر ذلك جليَاً في تجمع ذلك السبت الحزين بالقاعة العجوز مع ملاحظة هامه جداً وهي علوِ اصواتهم وهي تدعو لاستصحابهم او بالأحرى وهي تعلن عن موافقتهم على استصحاب قوى الثوره معهم كيف لا وهم اصحاب حقٍّ أصيل على مسرح الّا معقول هذا. فمن الذي فعل بنا كل هذا؟
قطعاً لم يفعله بنا العسكر فمدنيونا هم الذين ادخلوهم الى دنيانا إبتداءً رغم انف صمودنا ومواكبنا الأسطوريه في الثلاثين من يونيه. عندما بُحّت حلوقنا ونحن ننادي الاخ رئيس الوزراء بتطهير الجيش والشرطه وإدخال المفصولين وحل جهاز الامن ودمج الدعم السريع كبدايه حقيقيه نحو الحل الجذري ، ولا نجد حتى مجرد اجابه تشفي غليل نعيقنا. نمضي للقول ان الاخ رئيس الوزراء هو المسؤول الرئيس فيما يحدث بحسبان رمزيته وبحسبان سنده الدستوري من الوثيقه وبحسبان ما استقرّ عليه العمل عالميًا حينها ترتفع الاصوات النشاز من داخل صفوفنا لتحدثنا عن إمكانيات الرجل المهوله ( لم نُشكك فيها أصلاً ) ولكننا نتحدث عن إخفاق بيّن امامنا نراهُ بأمّ اعيننا وهو كالسيف في حدّه الحد بين الجد واللعب فإما تنظيفٌ لهذه الاجهزه من مكونها الانقاذوي وارجاع ابنائها ذوي السواعد القويه التي لا تعرف " الخيانه " او الطوفان الواضح الان في الافق. عندما وقف الزبير محمد صالح في حفل تخريج الدفعه الاولى لنظام الانقاذ في كلية الشرطه وقال (من هنا تبدأ الشرطه ) فانني ارجو الّا يندهش القارئ حين يعلم ان هذه الدفعه ( الآن ) هي على سُدّة قيادة الشرطه وتسعى الى الأعلا.
بعد عامين من الحكم الانتقالي لم يقعد بنا عن بلوغ غايةٍ واحده سوى هذا الاستهتار الواضح فالسفينةُ تغرق وتدخلها المياه من كل جانب والقبطان ( راقدلو ) فوق راي. اصبح القضاء اضحوكه والتحقيق اضحوكه والوزارات اضحوكه واستيقظ بعض زعماء الاحزاب الحاكمه بعد عامين ورأوا الّا بأس من تدبيج خطابات عنتريه لا يؤبهُ لها لان هذ الشعب اوعى.
خرج الينا في كامل زينته من رتبةٍ رفيعه ونياشين وقال ، لا فُضَ فوهُ ، فيما قال وبالحرف الواحد ( لن نعيد جهازي الشرطه والمخابرات للمدنيين. ولن نسلّم السلطه للمدنيين فهذا ليس وقت ذلك. وان رئيس الوزراء متفق معنا في كل هذا. ). لن اتحدث هنا عن الرتبه ولا النياشين لأنّ ساحات الوغى التي إكتُسبت بسببها هذه الأثقال يمكنها ان تُحدّثُ عن نفسها في بلاغةٍ تتجاوز امكاناتي المتواضعه. لا ألوم الرجل ولا الوم العسكر ولكني اضع الحديث بقوسيهِ أمام الوجود الصامت السالب لإقصائيي قحت ومدنيي السيادي ومُدمني الحكم ودولة رئيس الوزراء ووزرائه ومستشارييه وكل وجودهم الباهت البائس العبثي وامام كل المطبلاتيه والذين يطالبون بالتمسك بكل الطاقم المدني لكيلا تهتز الانتقاليه او تنهار وما دروا انها اهتزت فعلًا ولكنها لم تربُ ولم تُخرج من كل زوجٍ بهيج. ننتظر ردًا من دولة رئيس الوزراء حول علمه ومباركته التي جاءت بخطاب حميدتي فهو قد درج على عدم الرد علينا اي تجاهلنا في كل ما نادينا به في حق الشرطه ثم في حق القوات المسلحه والشرطه معاً عندما وحدتنا كمفصولين منظومه جديده من اجل مصلحة الوطن العليا. رأيناه يزور حميدتي وقواته ولم نسمع له صوتاً والبلاد تحتضر الان وسِكّينهُ في جفيرها والبلاد في خضم ازمةٍ ويومٍ اسود والان حميدتي يعلن علمه بهذه الترّهات ومباركته لها على رؤوس الأشهاد.
نحن لسنا بسياسيين ولن يشرفنا ان نكون بعد ما رايناه من هؤلاء الذين رمت بهم الاقدار في طريقنا. نحن وأسرنا وكثيرون مثلنا فقدنا الامن والامان طيلة ثلاثين عاما بالإستدعاءات والاعتقالات ولم ترتخِ قبضتنا التي استهدفت النظام المندحر. ليس لنا مطمع سوى ان نرى هذا البلد على الطريق الصحيح بيد ابنائه الخُلُّص. نحن لا نخاف من العسكر ولا من حميدتي ونرى ان وجودهم غير مبرر ولكننا شعبٌ عظيم يقوده أقزام. أحسّ بغبنٍ شديد وانا اسمع حميدتي في تبريره لعدم وضع الشرطه في ايدي المدنيين " حتى لا يبطُشوا بالشعب " ثم في تسجيلات فضَ الإعتصام ارى مليشيات الدعم السريع والامن والعسكر وهي تضع ( ابواتها ) على جباه وأوجه وأفواه ابنائنا الشُرفاء . احسّ بغبنٍ شديد عندما يظهر وزير في تجَمُعٍ ما وتدوي الحناجر بالهتاف ( بي كم بي كم بي كم قحاته باعوا الدم ) ثم يجلس الوزير ببرودٍ يُحسَدُ عليه وبعدها يعودُ الى مكتبهِ وليس إلى بيته. اشعر بالغبن عندما يكتب وزير وزعيم حزبي خطابًا لمسؤول اخر يُعدد فيه الخروقات التي قضى كاتب الخطاب سنتين تحت مظلتها صامتاً. واشعر بالغبن عندما يترك كل سدنة النظام الانقاذوي في مفاصل الشرطه والجيش ويتم ( إقصاء ) ابنائهما المهنيين الشرفاء إلى الرصيف ويتم تبرير ذلك بالبيضة والحجر او في انتظار رأيّ صاحبهُ ( راقد فوقه ) نعلم جميعاً ان تمزّق الوطن سيحدث قبل ان يرى ذلك الرأي النور وقبل ان يستيقظ صاحبه . نؤمن بانتزاع الاشياء عنوةً واقتداراً ونؤمن ان الخطوه الاولى في هذا الإصلاح ( لن ) تتم الّا بالإستعادة الفوريَه لهذين الجهازين وحل جهاز الامن الانقاذوي بلا تراخي وبلا مساومات وبلا مُحاصصات وبلا خيانات وليعلم كل المدنيين الذين يعتلون رؤوسنا حتى الان أنَنا ما وصلنا الى ما نحنُ فيه إلَا بسببهم فإمَا التنحِي أو الطوفان .
الى كل المختطِفين والى كل المشاركين في هذا العبث اذهبوا الى بيوتكم واتركوا هذا الوطن لأبنائه الذين قاموا بالثوره فهم لا يحتاجون وصايتكم عليهم فهم من اقتلعوا الانقاذ اما انتم فقد سرقتم عرقهم ودماء شهداءهم.

melsayigh@gmail.com

 

آراء