يقولون جرائم حرب…. وماذا عن الحرب ذاتها؟

 


 

 


هناك مثل سوداني ساخر يقول( مثل شبكة عبدالجبار...تمسك السمسم وتفوت البطيخ).وهذا بالضبط الحاصل في( إتفاقية جنييف) عن الحرب وتوابعها المأسوية.فقد وضعت مجموعة من القواعد التي تحدد ما يمكن وما لا يمكن فعله أثناء النزاعات المسلحة ...وكأنها بذلك تقنن النزاعات المسلحة والحرب وتضع لها الشروط والقواعد الأخلاقية وعدم الخروج عنها ، فتصبح الحرب في ذاتها غير محرمة ، ولكن الافعال والجرائم اللأخلاقية التي تحدث خلالها هي التي يجرمها القانون الدولي!!
وبذلك يصبح القانون الدولي مثله ومثل ( شبكة عبدالجبار) سابقة الذكر، فهي تفوت ( الحرب) بألياتها ومعداتها وتجهيزاتها العسكرية واللوجستية وما علي الجنود انفسهم من قتل وتشويه وعلي المدن والمباني والعمران والتراث والتأريخ من تدمير وازالة ...تمرر كل ذلك...وتتمسك ب ( السمسم) بان تكون الحرب( نظيفة) غير ملوثة بالأعمال والسلوكيات غير الأخلاقية!!!! وإلا قامت الجنائية الدولية بملاحقة مرتكبيها اينما كانوا ، ليس بسبب الحرب غير المبررة التي اشعلوها...ولكن بسبب السلوكيات اللأخلاقية واللانسانية التي ارتكبوها.
صحيح ، نحن لا نستطيع منع وقوع الحرب بين القبائل والدول فالنزاعات حول المصالح موجودة بوجود الانسان..وأن أول حرب في التأريخ تم توثيقها كانت عام ( 2700) قبل الميلاد في بلاد الرافدين بين السومريين وبعض القبائل الايرانية التي كانت تسكن منطقة البصرة...وهذا لا يلغي وجود حروب اخري قبل هذا التأريخ ولكنها لم توثق...
ولكن تظل حرب طروادة ؛ والحروب اليونانية الايرانية ثم الحربين العالميتين الاولي والثانية هي الأبرز في تأريخ الحروب الانسانية ...فهل صدرت من أي جهة اممية ادانة لها
وبعكس دهاقنة القانون في الأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها العدلية..فان الكتاب والمفكرين والشعراء والروائيين هم من أدان وشجب وقوع الحرب من خلال اعمالهم وابداعاتهم الفكرية...من حيث انها افعال ضد الوجود البشري وعمل تخريبي ضد البيئة والطبيعة والأرض الحاضنة لوجود الكائن الحي.
ويعتبر المؤرخ اليوناني القديم ( هيدرورت) اول من كتب عن مأسي الحروب من خلال معايشته للحروب اليونانية في زمانه وما قبل ذلك.
كذلك فعل ( جون ريد) في كتابه ( عشرة أيام هزت العالم) عن حكم البلاشفة في روسيا وثورتهم عام( 1917).
ومن الكتاب المشهورين ؛ كتب الروائي البريطاني ( جورج أورويل) صاحب رواية( مزرعة الحيوان) كتابا عن ماسي الحرب بعنوان تحية لكاتالونيا) وذلك عن الحرب الأهلية الأسبانية عام (1936) التي راح ضحيتها مجموعة من الكتاب الاسبان ومنهم الشاعر ( لوركا)
كما كتب اخرون كثر عن حروب فيتنام وافغانيستان والبوسنا والعراق....وكان بعضهم يعمل مراسلا حربيا فشاهدوا وعاشوا مأسي
الحرب وبشاعتها حتي للذين نجوا باجسادهم فقد عاشوا بعد ذلك محبطين ومعذبين كما كتب ذلك( جون هيرس) في كتابه ( هورشيما )
ورغم بشاعة الحروب ومأسيها ، فحتي الأن لا يوجد تشريع او قانون أرضي يجرمها ؛ كأنما كتب علي البشرية ان تمتد بها المأساة منذ ان قتل ( قابيل) اخاه ( هابيل) ولا تنتهي صراعاتها الا في حروبها المتجددة.
سوف يحاكم كوشيب علي جرائمه الخمسين التي ارتكبها في حرب الابادة في دارفور، وسيلحقه بقية المجرمين من قادة الانقاذ ، طال الزمن ام قصر، وسيدانون ، لا محالة، تحت طائلة القانون الجنائي الدولي بسبب ما ارتكبوه من فظاعات خلال تلك الحرب العبثية...اما الحرب نفسها ( ام المعارك) ، ومن اشعاها؟ فالقانون الدولي لا يهتم بذلك كثيرا، رغم انها هي السبب وراء كل تلك المصائب ...
د.فراج الشيخ الفزاري
f.4u4f@hotmsil.com

 

آراء