أوقفوا الحرب .. وكل شيء قابل للترميم.

 


 

 

من قصص الحرب العبثية
(3)
==============
د. فراج الشيخ الفزاري
=========

حتي التشويه المعرفي الذي طال ثورة ديسمبر المجيدة وفرسانها..قابل للتصحيح والترميم والقبول برضا الجميع.
معظم الثورات العظيمة ظلمت نفسها.. وشردت قادتها وأكلت أبناءها..هكذا يقول التأريخ..والسودان ليس استثناءا.
بدأت ،تلك الثورة العظيمةبشعاراتها المتسامية بأن كل أهل السودان سواسية..وانتهت بأن كل أهل السودان سواسية ولكن بعضهم أكثر سواسية...تماما كما كتب مؤلف رواية ( مزرعة الحيوانات)،جورج أورويل.
وكما يقول أهل الفكر الوجودي..سارتر..وكامو..وصمويل بيكيت ..وكافكا..فان داخل (العبث) توجد دائما ، هاديات كامنة تبشر وتؤشر نحو النظام والمعقولية..والمسؤولية الأخلاقية نحو الذات والمجتمع.
وما حدث طوال الفترة السابقة منذ حركة الخامس والعشرين من أكتوبر 2022.. مرورا بفترة العصور العشرة المظلمة .من غياب الوعي ..كان حدثا فضويا واستثنائيا بل وحربا عبثية
دمرت وأحرقت اليابس والأخضر..ولن تجد من يرغب في تكرارها أي وطني غيور علي بلده..
كل شعوب العالم مرت بفترات حرجة وعصيبة..بانزلاقات واخفاقات وجراحات مؤلمة...وخلافات حتي داخل البيت الواحد ،كما يحدث الآن في بلادنا الحبيبة...ثم تعافت واستردت رشدها واستفادت من تجاربها المرة والتطلع من جديد ...نحو المستقبل والحياة والغد المشرق للأجيال القادمة...
أه ...ثم اه..لو تدرون ماذا فعلت هذه الحرب اللعينة بأبناء السودان حتي وهم خارج أرض المعركة...في بلاد المهجر والاغتراب؟..وكيف طالتهم ألسنة الخراب والدمار في بنية وجودهم وكرامتهم بين الجاليات؟ وكيف ادمتني تلك العجوز السودانية بكلماتها الموجعة وهي ترافقني صدفة ونحن ندخل اسانسير احد المستشفيات عندما سألتني بشفاه مرتجفة وعيون غائرة علي طرفيها دموع الحسرة والألم..سألتني بتلك الحسرة والانكسارة: انت مقيم هنا...أم مثلنا من المشردين ؟

 

آراء