السودان إرثٌ حضاري ولعنةِ أجيال

 


 

 

🪶تناولت في المقال السابق في صحيفة سودانايل الغراء بتاريخ 19/6/2023 جغرافيا وتضاريس النشاط السياسي في السودان بإجاذ بسؤال متي ستُشرِقُ شمسُكِ يالخرطوم ؟مدخلاً لتلك الجُغرافيا التي تتسم بالقسوة في داخلها رغم كثافة الخُضرة في ظاهرها وتباينها الداخلي كغابات الأمازون التي تقطنها قبائل المانتيس واليانومامي و الوراني التي فضلت البقاء بجانب قسوة أدغال الطبيعه عوضاً عن أدغال حضارة الغرب التي أصبحت أكثر قساوةً وفتكاً لذا سأتناول في هذا المقال الجُغرافيا الحضاريه للسودان من الحداثه إلي الانهيار والولوج في دماء الابرياء

🪶تقوم فلسفة الدول المستعمره علي الاستيلاء علي إرادة الشعوب وسلبها الحق في بسط سيطرتها علي مواردها وتوجيهها كما تشاء والحجر علي حقها في الحكم وحرية التنقل والعمل وحرية التعبير إلا بلغة المستعمر المحصله النهائيه هي السيطرة مؤقتاً علي ثقافة وإرادة الشعوب وثرواتها
لم يكن السودان بعيداً عن الصراع الإقليمي الحامي الوطيس بحكم الموقع الجغرافي وثرواته الخُرافيه التي جعلت منه مركزاً لهذا الصراع الإقليمي دون أن يدري
سمي المصريين القدماء السودان (تانحستو) أي أرض الأرواح لما وجدو فيه من خيرات لا تحصي ولا تُعد

🪶إستطاعت الامبراطوريه العظمي الإستئثار بهذه الثروات الزراعيه والحيوانيه وهي كنوز من الثروات بمقايس ذلك الزمان لتجعل من الخرطوم الحسناء المُدللة تتسم بالخُضرة والجمال فهي الحسناءُ في خِدرها إن لم تكن الملكةُ في عرشها
لتصبح الخرطوم من أجمل مدن القارة السمراء التي إجتمعت فيها سحنات الوطن القاره في خضم هذا التحول الحضاري في عاصمة البلاد ثم نيل الاستقلال عن المستعمر بسمةٍ حضاريه قلّ حدوثها إلي أنه لم يكن حدثاً يتسق والنموذج المجتمعي المتخلف في الارياف وأقاصي الأقاليم البعيده عن المركز التي لم يطرأ عليها إلا القليل من نظم إدارة المستعمر التي توارثها الرعيل الأول من قادة الاستقلال
ومن وسار هلي نهجهم دون الإنتباه إلي أهمية نقل المجتمع في الهامش من الجهل ولأُميه إلي الوعي ولإستناره لحماية
المكتسبات الوطنيه لأن المستعمر كان يهتم بشكليات التحضر في مظهر الدوله ولكنه لم يكن يرغب في وجود مجتمع متحضر واعي لحقوقه وواجباته مما
سيُعجل بخروجه مبكراً

🪶سارت معظم الحكومات
علي هذا النهج حتي بعد خروج المستعمر
حيث إنعدمت القراءة المستقبليه لإستشراف المستقبل لأن المستقبل لمن يستعد له فبهذا الاستشراف يمكن إحتواء التحولات الجيو سياسيه التي بدأت تطرأ في العالم وظهور حركات التحرر وقيام التحالفات الاقليميه الاتحاد الأوروبي ودول عدم الانحياذ عُصبة الامم ومنظمة الوحده الافريقيه وإستعار الحرب البارده وهي التحديات التي كان لها تأثير سلبي علي نمو الحس الوطني الذي لم يتناسب ومُستوي المخاطر ولأطماع التي بدأت تنسج حول الثروات التي يزخر بها السودان حتي أُطلق عليه ثُلة غذاء الوطن العربي والموقع الاستراتيجي الذي يُميز السودان حتي أتت حرب الجنوب الأخيره التي وضعت كل القاده السياسيين والعسكريين أمام ثاني درس عملي تطبيقي وإمتحان في مادة التربيةِ الوطنيه ليرسب الجميع ويفشلو في الحصول علي درجات المرور لتكون النتيجة الرسوب والسقوط في مستنقع الإنفصال علي يد عصابة الاخوان المتأسلمين والتي تقوم الأن وللمرة الثانيه علي التوالي بإعادة إنتاج سيناريو جنوب السودان في دارفور بإستخدام الدعم السريع لإبتلاع الوطن بمن فيه بعد أن أدمت دارفور جراح سياحة القتل ولإغتصاب والتطهير التي مورثت علي أصحاب البشرة السوداء (زُرقه) بخِطابٍ عنصري من قبل قيادات النظام السابق
وبقول الرئيس (إغتصاب الغرابيات من قِبلهم شرفٌ لهُنّظننته وهو في سكرات السلطه يقصد صاحبات العيون الزرقاء في الغرب) كلماتٌ من أعلي هرمٌ في الدوله تعني تشريعٌ للإغتصاب والبربريه في أقبح وجه من وجوه نظام الإنقاذ المتعددة
إنه نفس الكأس الذي تجرعته دارفور تتجرعه الخرطوم اليوم أهذا شرف ٌ للخرطوم يا سيادة الرئيس السابق ؟

🪶إن ميراث الحضارة في دولة السودان لم يورث بعد إلي أييٍ من الاجيال السابقه فكل الحضارات التي مرت علي السودان كانت حاله متقدمه للمجتمع تجاوز فيها حالات التخلف والبربريه ووضع نظام وقواعد تقوم عليها المجتمعات تُحترم فيه الأدميه والخصوصيه لِتُفتح أبواب الإبداع والتقدم والنماء فيتساوي الجميع في الرفاهية والراحه
لذا لم تستطع هذه الاجيال التي مرت علي هذا البلد أن تُجني ثمار هذه الحضارات لتُترجِمُها في إسلوب حياة يقبل كلٌ منهم العيش مع الاخر تحت سماء وأرض هذا البلد الغني بثرواته
ولكن كُل مايُري هو عكسٌ لذلك لعنةُ أجيال متتاليه تخرُجُ من مستنقع لتسقُطَ في أخر .
محبات

alsadigasam1@gmail.com

 

آراء