السودان… التمادي في الفشل

 


 

 

في آخر حواراته الصحافية، أقر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، قائد قوات الدعم السريع، الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، بفشل الانقلاب العسكري الذي نفذه مع قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

في الحوار، ذكر حميدتي أن الأوضاع السياسية والاقتصادية أسوأ بكثير مما كانت عليه قبل خطوتهم الانقلابية، والمسماة عندهم بـ"قرارات تصحيح مسار الثورة". ورفض الرجل بشدة الحديث عن أسباب الفشل.

النتيجة التي توصل إليها "نائب قائد الانقلاب" هي ذاتها التي حذر منها كثيرون قبل تنفيذ الانقلاب، لكن لا حياة لمن تنادي. وهي ذاتها التي توصل اليها غالبية السودانيين بعد أكثر من 9 أشهر من عمر الانقلاب.

وفي تلك الفترة، بات الوضع السياسي الداخلي أكثر تعقيداً واحتقاناً، وعاشت البلاد في فراغ دستوري هو الأطول في تاريخها. فمجلس السيادة مُعطل تماماً، ولم يُعين رئيساً للوزراء بعد استقالة عبد الله حمدوك مطلع العام الحالي، ولم يتوقف الحراك الثوري المناهض للانقلاب على الرغم من كلفته، بأكثر من 100 قتيل وآلاف المصابين ومئات المعتقلين.

خارجياً، عادت البلاد لعزلتها الإقليمية والدولية، وأوقفت الدول ومؤسسات التمويل الدولية دعمها للسودان. والحصيلة من كل ذلك انهيار اقتصادي ومعيشي، أخطر توقعاته ما قرع له برنامج الغذاء العالمي أجراس الإنذار، بتعرض ثلث سكان السودان لنقص حاد في الغذاء ابتداء من الشهر المقبل.

أما الفشل الأمني فيبدو أكثر وضوحاً في التفلتات الأمنية بالعاصمة الخرطوم، والنزاعات القبلية في أطراف البلاد، والتوترات الحدودية مع دول الجوار، لا سيما إثيوبيا شرقاً، وعلى الحدود الغربية بين قبائل سودانية وأخرى تشادية راح ضحيتها 18 شخصاً، وأزمة دبلوماسية مع إريتريا ظهرت قبل أيام.

لا يبدو المستقبل أفضل وفقاً للعديد من المؤشرات، وأوضحها أن السلطة الانقلابية تفتقر لأي رؤية واقعية للحلول. وحتى مبادرة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة "إيغاد"، والتي كانت بمثابة ضوء في آخر النفق، تلاشت تماماً وتعطلت من دون مبررات. والمبادرات الداخلية، وآخرها للشيخ الطيب الجد، أحد مشايخ التصوف، ولدت كسيحة ومنحازة. ورغم الزخم ومخططات التسويق لها فلن تسمن ولن تغني من جوع.

الانقلاب نفسه، وفي بنيته الداخلية، يفتقد التجانس والوحدة، بدليل أن تصريحات حميدتي الأخيرة، وبتقدير كثيرين، تأتي في إطار خلافات مكتومة بينه وبين البرهان، لأنها لو كانت اعترافات حقاً ذات مصداقية، لتبعتها استقالة حميدتي من كل مناصبه، إذ لا يعقل استمراره نائباً لقائد الانقلاب ونائباً للفشل.

العربي الجديد
///////////////////////

 

آراء