العرب في السودان.. وثائقية من باب دراسات في التاريخ

 


 

 

١٢ نوفمبر ٢٠٢٣

رفعت هذا المنشور لأن كثيرين من بين الأصدقاء قد صارت تقلقهم الإشارات الصريحة أو الضمنية، في أن العرب ومن بطون جهينة بالتحديد، كانوا قد دخلوا إلى السودان القديم غلابا وعنوة وليس سلما.. بالتحديد في العصور التي أعقبت القرن التاسع الميلادي.

تجدني أتفهم هذا المنحى، باعتبار ان كثير من السودانيين يعتبرون حقيقة ان العرب المهاجرين شركاء عقيدة، وأن تلك السجيّة لوحدها كفيلة بان تدفعنا ان نعيد كتابة/قراءة التاريخ لصالحهم، ولتمجيدهم كدعاة مسالمين، وذلك بتجنب الإشارة لأنهم كانوا قد طرقوا ابوابنا مغتصبين ولم يطرقوها دعاة او طالبي جوار.

ان رابطة الدين الحق لا ينبغي لها ان تكون مبررا للكذب، في أن نعيد كتابة التاريخ بأن نزيف أحداثه كشهود زور على الوقائع وعلى المظالم الفادحة التي حاقت بأهلنا النوبة كانوا قتلى أو أسرى، سبايا أو خدائن.. فالمناصرة لا ينبغي لها أن تظاهر الظالم المعتدي على حساب الضعيف الملهوف.. على حساب الضحايا.

فقد أورد نعوم شقير عن المقريزي أن الحملات المسلحة التي شنها العرب القادمون من شمال الوادي على بلاد النوبة وعلى دنقلا، حدث لها أن تسببت في تهجير أهلها وإخراجهم من ديارهم وإقامتهم لعاصمة جديدة في الجانب الآخر ناحية الشمال من النهر، سموها دنقلا العرضي، بدلا عن دنقلا العجوز.. كما اورد كيف ان بطون جهينة كانوا قد استجاروا بدولة علوة المسيحية واستقروا فيها وتصاهروا بأهلها، لكنهم رغم كل تلك الحفاوة التي صادفوها، لم يحفظوا عهدا ولا جوارا، إذ تحالفوا بليل مع الفونج وأسقطوا المملكة التي استضافتهم، أجارتهم وأحسنت جوارهم، فافسدوا الحرث والنسل ثم دمروا العاصمة واشعلوا فيها النيران فأحالوها لرماد. تماثل هذه الحادثة ما ورد في الأثر من ان النبي (ص) كان قد أنزل نفرا من الاعراب طالبي الجوار، في مضارب لإحدى القبائل بعد أن إستسمح أهلها، وان اهل القبيلة قد أجاروهم وأكرموهم كأفضل ما يكون الجوار.. فلما أتى عليهم الليل قام الاعراب بالهجوم غدرا على اهل المضارب، فقتلوهم وهم نائمون، سبوا نساءهم وسلبوا اموالهم وقطعانهم، فما كان من النبي لما بلغه النبأ إلا أن أمر بضرب اعناق الأعراب فردا فردا، قصاصا لفداحة ما اقترفوه من الغدر والآثام.

أيدت هذه الوقائع التي صاحبت الهجرات العربية لبلاد السودان، مراجع اخرى كثيرة منها كتاب العرب في السودان للبروف يوسف فضل، المقريزي وابن خلدون، ومراجع كلية الآداب بجامعة السوربون.. بل أن هذه الوقائع تنسجم عقلا ومنطقا مع الطبائع البدوية لعرب الجزيرة الذين حفل تاريخهم قبل الإسلام وبعده بالغارات والغزوات والسبي وأخذ الارض والثروات والجواري عنوة وغلابا..فالتعامي عن الحقائق ليس مبرءا للذمة ولو كان يهدف لغسل سوءات إخوة لنا سبقونا بالإسلام وتبييض صحائفهم. فالكذب والتزييف والمداهنة لن يصلحا للخلاص من سؤال الله يوم الحشر الأعظم.. والوصاية على الأجيال اللاحقة من خلال غمطهم الحق في التعرف على وقائع التاريخ الحقيقية، لا تنتمي بأية حال للنوايا السليمة ولا تجيزها العقائد ولا الأعراف.. فالحق لا ينصره الباطل، والحق أحقُّ ان يتبع.

سأورد في المداخلات أدنى المنشور، عددا من الوثائق التي تعكس حقيقة الوقائع التي صاحبت دخول عرب جهينة الى السودان حتى تاريخ سقوط مملكة علوة المسيحية. فمن شاء فليصدق ومن شاء فلينكر، فكل آتيه يوم القيامة فردا.

إنتهى..
nagibabiker@gmail.com
ملحوظة.. للإطلاع على الوثائق راجع الرابط:
https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=pfbid07GABdm34FDTtwJ2ByCeSejCi6AL1bKNKRZJZ3CLHntDcqjcFMo61ftq7QJGWq9hQl&id=100090584780454&mibextid=9R9pXO

 

 

آراء