امرأة مِن عهد البرهان – قصة قصيرة من وحي الواقع

 


 

 

إنسلت من عمق المكان بظهور عفوي طاغ. نبرات صوتها تنبأ عن قدرات قيادية وُأدت في مهدها المكلل بالفقر وسؤ الحظ. إنسانة لا تنقصها الجرأة على الخوض في أي حديث حتى وإن لم تكن طرف فيه.. ثوبها المتهدل حول قوامها الفارع يؤكد عفويتها فهو الآخر لا يلقي بالاً لوظيفته الأساسية في الهندام، أو ستر جسدها المفتخر طولاً وعرضاً... فصاحبته لفرط عدم إهتمامها بتفاصيل إرتدائه المملة إضطرت لربط طرفيه بعقدة حتى لا يزعجها تنصله المتكرر. تنظر للجميع على أنهم أبناءها..أقحمت نفسها في حديث المحاربين الذين كانوا يتيهون بنشوة نصرهم وظفرهم بعاصمة ولاية الجزيرة وإطلالهم على مشارف ولاية سنار. يلتقطون الصور لبعضهم بعضاً بزيهم المميز وعمائمهم التي تلتف على رؤوسهم الشُعث وتحيط بوجوههم الغضة... فرضتْ نفسها على سير حديثهم بعفوية شملتهم جميعاً. قالت دون مقدمات
- برهان باع
- باع لمنو يا حجة؟؟
- باع ليكم إنتو ذاتكم.
فأختصرت بذات العفوية ما يستغرق المؤرخين أرتالاً من الصُحُف لتدوينه في سجلات التاريخ. وأبطلت مفاعيل الكذب الذي يتسيد ساحات الوغى كشرط من شروط خوض غمار الحروب. وأجلت حقيقة تدور في سبيل إخفائها أنخاب الخيانة في السر والعلن، وتلعو في طمس معالمها همم الإعلام المُزيّف والصدوق. ثم أردفت بالقبول وهي تضم راحتي يديها معاً بذات العفوية والثوب قد إنحسر عنهما تماماً حتى بان أعلى عضديها (قِبيل إنتو ما وااااحد)... ومضت لحال سبيلها تعانق ما تعتنقه بصدق لم يزيفه الحرص على مغانم الحياة، حتى تلاشت في المسافة الفاصلة بين الولايتين.
د. محمد عبد الحميد

wadrajab222@gmail.com

 

آراء