ثقوب في وثيقة الدستور الانتقالي (١) .. عطايا الرعايا وسكوت عن جوهر القضايا!

 


 

 

حين شددت جيوش السلطان العثماني محمد الفاتح، أو محمد الثاني، قبضة حصارها على عاصمة الإمبراطورية البيزنطية اسطنبول في عام ١٤٥٣، كان البيزنطيون غارقين في حوارات دائرية حول أيهما الأصل البيضة أم الحجر؟ البعض يرى أنَّ البيضة هي الأصل، ويصر آخرون على أن الدجاجة هي الأصل؛ فلولاها لما خرجت بيضة واحدة.
احترقت المدينة من نيران مماحكات غير منتجة، واستنفد أهلها طاقاتهم في صراعات دونكشوتية، فتفرقوا وذهبت ريحهم، باءت بالفشل محاولات امبراطورهم قسطنطين الحادي عشر، في لجم الأصوات الناشرة لكراهية وتوزيع بطاقات التخوين، ووصف المخالفين للرأي بالعمالة؛ فاكتسح الغزاة المدينة.
عرف السودان خلال السنوات الثلاث الماضية ضروباً من الحوارات غير المنتجة بين رفاق قوى التغيير حتى أصبحت الساحة السياسية عنواناً للجدل البيزنطي، أننا نعيش مرحلة من مراحل الانحطاط حيث صارت الأسافير تضخ التنمر، وتنفخ في روح الكراهية، وتدق أسافين العنصرية، وتحط من قدر وكرامة الآخر.
في سياق هذه المناخات الملوثة أعدت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين وثيقة الدستور الانتقالي لسنة ٢٠٢٢، فتحرك آل بيزنطة السودانيين ليهاجموا المشروع دون تقديم رؤية بديلة ، كان الهجوم مركزاً على الجهة لا على المضمون، ولسان حالهم يقولون لماذا هذه اللجنة بالذات؟
تتطلب قضية الدستور اجراء حوارات عميقة، و تنظيم مشاورات مكثفة بعيداً عن التبخيس، أو الاقصاء لأنها قضية تعبر عن هوية الوطن؛ فالدستور يُعد ((القانون الأسمى في الدولة، وتسود أحكامه على الدساتير الإقليمية/الولائية والتي يجب ألا تتعارض معه، وعلى كل القوانين)) مثلما ورد في مشروع لجنة المحامين ذاته، ومثلما ورد في الدستور الانتقالي لسنة ٢٠٠٥/ ، الدستور هو العقد الاجتماعي المنظم للمهام
قبل الشروع في كتابة أي وثيقة دستورية يجب أن ينصب الاهتمام على ثلاث مسائل؛ هي الجهة المبادرة بالعملية، مضمون أو محتوى الوثيقة المكتوبة، ثم الجانب الفني المتعلق بالصياغة القانونية وضبط اللغة.
نلاحظ أن اثنتين من المسائل المشار إليها اجرائيتان، بينما توجد مسألة مفاهيمية واحدة.
كان على قوى الحرية والتغيير تفادياً لهذا اللغط، استباق كتابتها بإعلان مبادرة تعبر عن موقفها السياسي، وعن رؤاها حول كيفية إدارة مرحلة الانتقال بعد استردادها، وعلى الجميع طرح ما يرونه من رؤى مغايرة .

ثقوبٌ في ثوب الدستور الانتقالي.

حشفٌ وسوء كيلة إذا ما قلنا إن الدستور الانتقالي الذي وضعته لجنة المحامين كان كله سوءً، أو أنه غير مجدي، وتقتضي المصلحة الوطنية محاربة طرائق التفكير الإطاحي هذه؛ فهي لا تختلف عن جدل بيزنطة حتى اقتحم جيش العدو ديارهم فصبحهم وبسطهم تراب بعد أن كان ليلهم حرير.
المؤكد أن كتابة الدستور صارت صناعة لا تعتمد فقط على المشتغلين في مجال القانون وحدهم، بل تحتاج الصناعة الدستورية الى مختصين في السياسة، الاتصال والاعلام، الاقتصاد، علم الاجتماع، قضايا النوع، الفقه والأديان، دبلوماسيون وعلاقات دولية، خبراء في السياسات العامة والعلوم العسكرية والأمنية، تربيون، ومثقفون بكل هوياتهم من كتاب وموسيقيون وتشكيليون.
نحتاج في بلد مأزوم كالسودان الى مشروع وطني ينفع وصفةً ناجعة لتضميد الجراحات العميقة ورتق النسيج المهترئ، وذلك بتصميم هندسة اجتماعية، تضع حدوداً وفواصلَ بين الهياكل المعنية بالتشريع، والقضاء، والحكم، والخدمات، والدفاع والأمن وحماية حرية الأفراد وصون حقوق الإنسان، وفض النزاعات بين الجماعات.
الوثيقة الدستورية المعنية مليئة بالثقوب شكلاً ومضموناً، إلا أن وجود ثقوب لا يعني أن نحيي آل باخوس فينا، وننظر إلى الوثيقة بعين السخط التي تبدي كل سوء، بل يجب توجيه الشكر للجهة التي بذلت مجهوداً وحركت الساكن بإلقاء حجر في بركة الصمت المتطاول ليله، والفراغ المدلهم خطوبه.
١ - أي لغة ستتحدث البلاد؟
صار موضوع الإشارة إلى أن السودان بلد متعدد الثقافات واللغات والأديان من البديهيات التي لا تحتاج الى الوقوف عندها إلا على طريقة لازم الفائدة، لا فائدة الخبر كما في علم البلاغة، ومع ذلك لا بد من وجود نص دستوري ينص على تحديد لغة أو لغات (( رسمية)) للتواصل والتعامل والتعليم وللتخاطب.
السودان بلد متعدد الألسن كذلك، ثمة أكثر من مائة لغة محلية أو قومية، وهذا ما ظل يتجاهله المشروع السودانيون والسياسيون في ممارساتهم، لذلك سيكمن التحدي في كيفية عبور هذه الحواجز والقفز فوقها بسلام، يتطلب الأمر التوصل إلى معادلة تحفظ حقوق الكيانات الثقافية و تؤكد احترام تركيباتها العرقية.
أهمل كاتبو الوثيقة مسألة تحديد لغة البلاد، ولا أدري إن كان الإهمال نسياناً أم هروباً إلى الأمام ؟ ومهما تكن الإجابة ففي الحالتين ستكون الإجابة غير مقبولة، أن تنسى الإشارة الى موضوع اللُّغة في بلد متعدد الألسن ففي الأمر غرابة!، وان كان الاسقاط عن عمدٍ ففي الأمر كارثة وهروب إلى الأمام.
يمكن الاستناد على الدستور الانتقالي لسنة ٢٠٠٥، في كيفية معالجة قضية تعدد اللُّغات؛ وهو أكثر تقدماً من المشروع الحالي ويتجاوزه في عدة نصوص، انطلاقاً من اتفاق السلام الشامل.
إن الاعتراف باللغات القومية حق من حقوق الانسان، مثلما تشدد الأمم المتحدة ممثلة في هيئة العلوم والثقافة (( يونيسكو) على حقوق الشعوب الأصلية والحفاظ على لغاتها، وفي السودان، ربما تفتح مسألة تضمينها في نصوص الوثائق الدستورية الطريق أمام تحقيق المساواة بين السودانيين، ومقاومة التهميش ومحاربة الهيمنة والاقصاء.
وجاء في دستور ٢٠٠٥ الانتقالي في موضوع اللغة:
8. اللغة
جميع الُلغات الأصلية السودانية لغُات قومية يجب احترامها وتطويرها وترقيتها.
العربية هي اللغة القومية الأوسع انتشاراً في السودان .
تكون العربية، باعتبارها لغُة رئيسية على الصعيد القومي، والإنجليزية، اللغتين الرسميتين لأعمال الحكومة القومية ولغتي التدريس في التعليم العالي .
يجوز لأي هيئة تشريعية دون مستوى الحكم القومي أن تجعل من أي لغة قومية أخرى، لغة عمل رسمية في نطاقها وذلك إلى جانب اللغتين العربية والإنجليزية .
لا يجوز التمييز ضد استعمال أي من اللغتين العربية أو الإنجليزية في أي مستوى من مستويات الحكم أو في أي مرحلة من مراحل التعليم.
٢ - إسقاط مصادر التشريع.
تجاهل مشرعو مشروع الدستور الانتقالي لسنة ٢٠٢٢ ذكر مصادر التشريع، وهو ما يدعوني لطرح سؤال حول الدوافع، هل سقطت مسألة ذكر المصادر ( سهواً) أم كان الاسقاط لأسباب ( تكتيكية ) في قضية استراتيجية؟.
ترتبط مصادر التشريع في أي دولة بمقضية علاقة الدين بالدولة، فالدول الثيوقراطية تثبت في نصوص دساتيرها اعتماد للتشريعات ذات الصيغ الدينية كمصدر للتشريع، أما الدول العلمانية فلا يشكل موضوع الدين أمراً خطيراً، بل تشدد الدولة على فصل الدين تماماً عن الحياة.
للمفارقة أفصح المشرعون عن ملامح دينية بطريقة مستترة في الوثيقة مثار النقاش؛ بالإشارة الى القصاص و الحدود، مع أن المشرعين لم يذكروا ذلك صراحةً في ما يتعلق بمصادر التشريع وطبيعة الدولة، حيث جاء في الفصل الثالث من الباب الثاني في الحديث عن عقوبة الإعدام ((لا يجوز توقيع عقوبة الإعدام إلاَّ قصاصاً أو حداً، أو جزاءً على الجرائم بالغة الخطورة بموجب القانون. )).
ما انفك موضوع علاقة الدين بالدولة يؤرق السودانيين، عشنا ثلاثين عاماً من نسخة دولة دينية متطرفة ومستبدة، صادرت حريات الناس، وسمت المعارضة للسلطة الحاكمة باسم الله حرابة، صار الحاكم وصياً أرسلته العناية الإلهية كأجمل هدية من السماء إلى أهل الأرض، فتحول الحاكم إلى فرعون يعلن كل يوم أنه ربنا الأعلى، فأنشأت السلطات محاكم التفتيش، وشرطة لملاحقة الفتيات في الشوارع وتحديد أطوال السراويل التي عليهن ارتدائها، مثلما وضعت غير المواطنين غير المسلمين في الدرجة الثانية، ولم يتبق لهم إلا دفع الجزية وهم صاغرون!
ورد في البند (((3) الدولة السودانية دولة مدنية، تقف على مسافة واحدة من كل الأديان وكريم المعتقدات))، هنا يبدو النص محايداً، وكان الأفضل الإشارة الى دور إيجابي يؤكد احترام الأديان وكريم المعتقدات بدلاً عن النظر من علٍ، لا سيما في بلد تشغل فيه الأديان والمعتقدات مساحات كبيرة، وكان الأفضل القول ( السودان دولة مدنية يحترم دستوره خيارات المواطنين وحقوقهم/ن الكاملة وحرية العقيدة و ممارسة الشعائر الدينية وبناء مؤسسات للعبادة.))
يجب أن تنص الوثيقة الدستورية على حظر انشاء أحزاب على أساس ديني/ عرقي/ والتشديد على التمييز بين الدين والسياسة.

وبما أن مشروع الدستور الانتقالي أشار إلى مدنية الدولة، كان الأفضل اسناد مصادر التشريع على الأديان والأعراف وكريم المعتقدات وتجميد كل القوانين المخالفة لحقوق الانسان والمقيدة للحريات، على أن يؤجل البث النهائي في موضوع علاقة الدين بالدولة إلى حين تنظيم مؤتمر دستوري وكتابة الدستور الدائم.

٣- عملية إصلاح أم أعادة هيكلة القوات النظامية؟

ورد في الباب الثالث المتعلق بمهام الفترة الانتقالية ((إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية:
إصلاح أجهزة القوات المسلحة، والشرطة والمخابرات العامة، لضمان إزالة التمكين فيها، وتأكيد قوميتها، وانصياعها للسلطة المدنية. إكمال الترتيبات الأمنية، وإجراء عمليات الدمج والتسريح وصولاً لجيش قومي واحد ومراجعة تشريعات المؤسسات))
دارت مساجلات كثيرة حول علاقة القوات النظامية عامة والجيش على وجه التحديد بالسياسة والسلطة، وأجمعت شعارات الثورة على انسحاب الجيش انسحاباً كاملاً من العملية السياسية مع دفعه لتنفيذ واجباته في حماية حدود البلاد وترابها ودستورها ومؤسساتها.
يتضح لنا انحياز المشرعين في الوثيقة الكامل إلى خيار الإصلاح لا خيار إعادة الهيكلة، مع التأكيد على وجود اختلاف مفاهيمي بين المصطلحين وفق لرؤية خبراء في علم الإدارة ((إعادة الهيكلة هي (( العملية التي تتعمق وتمتد لتشمل كامل الكيان الإداري بحيث تشمل تحديد الأهداف العامة والنتائج الدقيقة التي تسعى الدولة إلى تحقيقها على المدى البعيد، وهي لا تعني فقط تطوير الهياكل التنظيمية للأجهزة، وإلغاء أو دمج وحدات واستحداث أخرى.))
كان الصوت الأعلى وسط الثوار؛ هو الصوت الداعي إلى التوافق حول عملية إعادة هيكلة القوات النظامية بمعنى تحويل الجيش الى جيش قومي ومهني وبعقيدة قتالية تعبر عن الانتماء للوطن، وهذا لا يعني تكوين جيش جديد، لكن يعني إعادة هيكلة الجيش بناءً على حجمه وعدد السكان، وتمثيل التنوع الثقافي والعرقي والديني بين جنوده وقياداته، وتكوين جيش واحد بدمج المؤهلين للعمل العسكري من قوات الدعم السريع وقوات حركات الكفاح المسلح، وتسريح آخرين ودمجهم في الخدمة المدنية، كما تعني مسألة إعادة الهيكلة للقوات النظامية الأخرى، باعتبار الشرطة والأمن مؤسسات مدنية، حتى ولو حمل منسوبوها السلاح، وتأتي أهمية ذلك لتطبيق القانون وحفظ النظام، وبالتالي المواءمة ما بين واجباتها وأدوارها الأمنية والمدنية وما بين المظهر العسكري بغرض تحقيق الانضباط وانفاذ القوانين
هناك تعريف أيضاً لإعادة الهيكلة المؤسسية ويؤكد خبراء إدارة وفق موقع المجالس يشير إلى تلك الجهود المبذولة لدراسة وتحليل كافة أقسام أي جهاز من حيث مدى الحاجة للجهاز ووضعه القانوني والعلاقات التنظيمية له، وكذلك الاتفاق على أن المفهوم الواسع لإعادة هيكلة القطاع العام لابد أن يشتمل على إعادة النظر في هيكل إدارة الحكومة المعاصرة).)
حسب تعريفات موقع المجالس نشير إلى أن ((لإصلاح الإداري يتمركز في إدخال قدر من التغيير على الإطار العام لممارسة أي عمل إداري وأساليبه، بحيث يتم هذا الإصلاح بالصورة التي تقضي على مظاهر التخلف النسبي وتؤدي لتلاشى النتائج المترتبة على هذا التخلف، وبمعنى آخر فإنه نشاط حركي وإجراء إيجابي يتجه إلى محاولة القضاء على أسباب التخلف الإداري.))
بالطبع هناك مسائل فنية وأمنية يتوجب انفاذها بواسطة الخبراء العسكريون من قادة الجيش نفسه، لكن في ذات الوقت لا بد من خضوع هذه المؤسسات الى الحكومة المدنية وسياساتها العامة.
٤- فدرالية أم توظيف وعطايا للرعايا؟
حدد الباب الرابع في الوثيقة لمستوى الحكم وطبيعة الدولة ووصفها بالدولة الفدرالية، وهي خطوة مهمة من أجل تفكيك القبضة المركزية التي أهملت الأقاليم خلال عمر الدولة السودانية، إلا أن المشرعين اكتفوا بإيراد شارات معممة حول الحكم الفدرالي مع التركيز على ما يتعلق بالسلطة التنفيذية والتشريعية، وبهذه التعميمات يكون المركز حافظ على هيمنته والامساك بكل المفاصل الحيوية، واكتفى بتقديم وظائف أقرب الى رشى سياسية، أو منح عطايا للرعايا، بدلاً عن الغوص في لب المشكلة، وسبر أغوار الأزمة السودانية، وصراعات الهامش والمركز.
لكي يكون الحكم فدرالياً حقيقياً يجب منح الأقاليم صلاحيات الحكم الذاتي باشتراط اختيار الحكام والوزراء من أبناء كل إقليم، وتقوية أدوار المجالس المحلية والتشريعية، ولجان الأحياء والمقاومة لضمان قاعدية السلطة، ويتطلب ذلك منح المجالس التشريعية حرية كاملةً في سن التشريعات الملائمة لكل إقليم بما يتوافق مع المبادئ العامة للدستور، وحق سكان الأقاليم في استخدام لغاتهم القومية في التعليم ( التعليم بلغة الأم )، مع تثبيت حق استخدام أي لغة من اللغات القومية كلغة ثالثة للتعامل بها في مؤسسات الدولة الى جانب اللغتين العربية والإنجليزية.
لتأكيد طبيعة الحكم الفدرالي يجب أن تخصص نسباً كبيرة لكل إقليم من موارده المحلية لاستخدامها في تحقيق تنمية مستدامة وتشييد بنى تحتية ودعم خدمات التعليم والصحة، دفع مرتبات العاملين في غير الوظائف الاتحادية، كما يجب منح أي إقليم نسبة مقدرة من عائدات أي مشروع قومي ينشأ في الأقاليم مثل المشاريع الزراعية، التعدين، النفط، الصناعات، الموانئ والسواحل والمنتجات البحرية والنهرية، والتشديد على أن ملكية الدولة للمصادر المائية وما فيها من ثروات، والمعادن وعدم السماح بنهب الموارد الطبيعية، والعمل على حمايتها بتشريعات وقوانين تضبط أنشطة التعدين والصيد والزراعة.
نص مشروع نقابة المحاميين على انشاء مفوضية تخصيص وتوزيع ومراقبة الايرادات القومية، وهذا أمر في غاية الإيجابية لأنه سوف يسهم في تسهيل عملية توزيع الموارد بعدالة بين الأقاليم، ومعرفة ما يدخله كل إقليم على الخزانة العامة من ضرائب كضريبة الدخل الشخصي، ضريبة القيمة المضافة، عائدات المشاريع القومية ورسومها مثل الموانئ والمناجم والجمارك، وتحويل نصيب كل إقليم وفق نسبة مساهمته في الدخل القومي، أو ما يمكن تسميته بالفدرالية المالية.
نحتاج في بلد مأزوم كالسودان الى مشروع وطني ينفع وصفة ناجعة لتضميد الجراحات العميقة ورتق النسيج المهترئ، وذلك بتصميم هندسة اجتماعية، تضع حدوداً وفواصل بين الهياكل المعنية بالتشريع، والقضاء، والحكم، والخدمات، والدفاع والأمن وحماية حرية الأفراد وصون حقوق الإنسان، وفض النزاعات بين الجماعات.
يشترط لفاعلية هذا الكيان هيكلته على أسس ديمقراطية، تراعي قيم المساواة والعدالة الاجتماعية، وتوفر شروط الحرية، للجميع، دون تحيز إثني، أو ديني، أو طبقي، وتخلق هذه الهيكلة جيشاً وطنياً قوميا واحداُ يؤدي دوره الدستوري في حماية تراب الوطن ودستوره وحدوده وانسانه دون تدخل في العمل السياسي، وينبغي أن تؤسس الهندسة أيضاُ لمدنية قوات الشرطة والأمن، والتأكيد على تكوين شرطة مستقلة في كل إقليم.

faizalsilaik@gmail.com

 

آراء