رسالة إلى حكومة طالبان المرتقبة

 


 

 

إنَّ إقامة الدولة الإسلامية بمفهوم الحركات الإسلامية التي ظهرت مؤخراً لم يكن له ما يسنده من الكتاب والسنة لأنهم في الغالب يحاولون الخروج على الحاكم وتكفير مجتمعاتهم ومن المعلوم أن الخروج على الحاكم لا يجوز وإن جار وإن ظلم ما لم يأمر بمعصية أو كفر بواح وأما الآيات التي نزلت آمرة بالحكم بما أنزل الله المعني بها الحاكم وليس الأفراد ولا الجماعات ولم تكن إقامة الدولة من أولويات الدعاة من أنبياء ورسل لكن الأولوية كانت عندهم للدعوة إلى الله وتوحيده فنوح عليه السلام لبث ألف سنة إلا خمسين عاماً لم يتعرض للحكم وكذلك إبراهيم عليه السلام لم ينازع النمروز في الملك وعيسى عليه السلام لم يقم دولة عندما كان داعياً ومصلحاً وحتى موسى عليه السلام مع فرعون لم تكن قضيته الملك أو الحكم وكذلك النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة ثلاثة عشرة عاماً كان شغله الدعوة ولم يتحدث عن الدولة لكن الوضع في أفغانستان وضع استثنائي لأنهم حاربوا محتل وغاصب ومن قبل حكومة ملحدة لكن هذا لا يعني أن يهتموا بالدولة وتطبيق الشريعة ويهملوا الدعوة وخلق المجتمع المسلم والذي فيه المسلم رقيب نفسه فالتربية والسلوك قبل الحدود والنصيحة قبل الشريعة ونقول لحكومة طالبان الإسلام جاء ليواكب ويتناغم مع كل عصر وينسجم مع كل وقت وليساير ويتشكل ويتلون حسب الزمان والمكان لأنه جاء لكل الناس وهذا يحتم على دعاته أن يعرضوه ويبلغوه هيناً ليناً منفتحاً يحمل في طياته كل الإحتمالات معتمدين في ذلك على القياس والإجماع وفقه الضرورة والاجتهاد وعليه نكرر أن إقامة الدولة الإسلامية ليس بواجب ثابت بل متغير وهو واجب كفائي أما الواجب الثابت العيني هو الدعوة إلى الله وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:(بلغوا عني ولو آية) فالدولة ملك لله يعطيها من يشاء وينزعها ممن يشاء فالإصرار على إقامة الدولة هو الذي استعدى علينا الشعوب وشق صف المسلمين ونفر من الإسلام ولم يكن هناك عمل يذكر في جانب الدعوة إلى الله وهي الأوجب فعلى طالبان وقد آتاهم الله الملك أن يصححوا هذه الأفهام المغلوطة عن الإسلام فيبشروا ولا ينفروا وييسروا ولا يعسروا يقول تعالى:({ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} انفتحوا على العالم وافتحوا صدوركم كما كان رسولكم وقد قال الله فيه( {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكََ} افعلوا ذلك لتوصلوا دعوة ربكم بحسن المعاملة لأن العدوى تؤثر أكثر من الدعوة هكذا نزل الإسلام وبذلك أمر وهو غالب ليس مغلوب ومنتصر ليس منهزم والإسلام قادم من غير جهاد أو قتال لأنه دين العقل والمنطق فلا تجعلوا الكفار أهداف قتالية وتفجيرية بل اجعلوهم أهدافاً دعوية ورغبوهم في الإسلام بحسن الخلق والتعاطف وسوف يبلغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ويدخل بيت كل حجر وشعر أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
الشيخ/أحمد التجاني أحمد البدوي
EMAIL:ahmedtijany@hotmail.com

 

آراء