روسيا وذهب وادي النيل، القديم المتجدد

 


 

 

رأيتُ الناس قد ذهبوا - إلي من عنده ذهبُ
ومن لا عنده ذهبُ - فعنه الناس قد ذهبوا
رأيتُ الناس قد مالوا - إلي من عنده مالُ
ومن لا عنده مالُ - فعنه الناس قد مالوا
رأيتُ الناس منفضةٌ - إلي من عنده فضةٌ
ومن لا عنده فضةْ - فعنه الناس منفضةٌ
،،،، الإمام الشافعي ،،،،
✍️إن قصة الروس العاطفية مع ذهبُ وادي النيل ليس جديداً فهي تعود إلي أكثر من نصف قرنٍ من الزمان! وفي كل مرة يقتربون من المعشوق يظهر عليهم حائل يمنعهم الوصول ويحرمهم من العناق أو التقبيل لكنهم ظلوا يحاولون بإصرار العاشق الولهان الذي يختلق الفرص إختلاقاً للإقتراب من ديار المعشوق ويتحين المناسبات لزيارة دار الحبيب أو رؤية تلك الأطلال …..
وما حبّ الديار شغفن قلبي - ولكن حب من سكن الديارا
حتي جاءتهم أخيراً الفرصة علي "طبقٍ من ذهبٍ" فإغتنموها وأخذوها كما يأخذ الفارس المتيم عروسته بعد لأيٍّ وتمنع من أم العروس !! وكل هذا جاء في عهد الإنقلاب البرهاني حينما إستغل العاشق الروسي شبق السلطة الهائجة ومستوي الضعف والهوان لدي الإنقلابيين وحاجتهم "لظهر دولي" يحميهم من المساءلة عن جرائمهم ويؤمن لهم الإستمرار،، فأملي عليهم شروطه وأهمها (الإستثمار في الذهب) والذي سال بسببه لُعاب الروس كثيراً في أرض النيل .

🔥لكن الروس الذين وصفهم الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر بأنهم "بطيئون مثل الدب الروسي وغدارون لا يمكن الوثوق بهم" وذلك بعدما غدروا به في حرب 67 "النكسة" عندما سلموه السلاح الفشنك وإنهزم عبدالناصر ورحل عن هذه الدنيا عام 1970 وعندما جاء خلفه الثعلب أنور السادات فأولاً طرد الروس من مصر لأنهم يأخذون ولا يعطون وعند خروجهم عبر مطار القاهرة عام 1972 ضبطت بحوزتهم ثمانين كيلو غرامات من الذهب وهي كالآتي:-
عدد 26 سلسلة، عدد 45 خاتم، عدد 41 حلق، عدد 19 غويشة، عدد 3 بروش ،وعدد 1975 دبلة
الوزن الإجمالي 1200 جرام ويعادل 80 كغ من الذهب وتم حجز كل هذه (المسروقات) !! وعندما قال قائدهم بأنهم إشتروها بحُرّ مالهم كهدايا لزوجاتهم، قال له ضابط الجمارك المصري في المطار : لازم تدفع كاش وبالدولار قبل الإستلام!!!

☀️أنظر عزيزي القاريء إلي تعامل ضباط الجمارك المصريين في مطار القاهرة مع ثمانين كيلو جرامات فقط من الذهب (تم شراءه) ثم قارنه بتعامل الضباط السودانيين في مطار الخرطوم مع الأطنان المهربة عن طريق عصابات فاغنر الروسية ثم اللصوص الوطنيين أنفسهم لتدرك أُس الداء في هذا البلد ولماذا لا يتقدم السودان رغم كل هذا الثراء في الموارد الطبيعية ولماذا يموت شعبه من الفقر والمسغبة؟؟!! والأدهي وأمر أن كل الأجهزة الأمنية تري وتسمع وتشاهد نهب مواردها ومخزون الأجيال القادمة تهرب عبر مطار الخرطوم ومطارات عشوائية في شمال السودان وحتي طائرات عمودية من الخلاء في الوقت الذي يطلقون فيه الرصاص الحي علي رؤوس وصدور الشباب اليافع وأمل المستقبل لهذا البلد المنكوب!!
إن السودان الذي هباه الله بكل شيء مؤهلاً ليكون من أقوي دول العالم وأغناها،، لكن للأسف الشديد وطنٌ مرزوء بالعاقين من أبناءه وأنحط قدره علي أيدي الخونة من رجاله الدين تعاوروا علي حكمه منذ الإستقلال وبات مرشحاً الآن للوصول لقاع الهاوية والتي ليس بعدها نهوض،،
قبل الختام:-
عندما هرب أحد قادة النازيين أثناء الحرب العالمية الثانية ولجأ إلي بريطانيا، إستقبله الأنجليز إستقبال الأبطال وأكرموا وفادته كأحسن ما يكون وبعد أسبوع جاءته المخابرات البريطانية تطلب منه أن يدلهم علي أهم المواقع الألمانية، لكنه صدمهم حين قال لهم: أنا إنفصلتُ عن هتلر وليس عن ألمانيا! فقدموه للمحاكمة وحكموا عليه بالإعدام وحين التنفيذ تقدم مبتسماً وهو يقول قولته المشهورة "للأوطان حرمة لا يبيعها إلا الأنذال"!!!
فكم ندلٍ عندنا يستحق أن يعلق علي المشانق جراء خيانته للوطن وإهداره لموارده؟!

 

 

m_elrabea@yahoo.com

 

آراء