عفوية وبالفِطرة ..! بقلم: هيثم الفضل

 


 

هيثم الفضل
2 April, 2023

 

صحيفة الجريدة
سفينة بَوْح -
إن صح ما جاء في الفيديو الخاص بمُباراة الهلال والأهلي المصري التي جرت قبل يومين ، مُظهراً بالصوت والصورة مجموعة من جماهير الأهلي المصري تهتُف عند دخول اللاعبين السودانيين (العبيد أهُم) ، أصبح من الضروري أن ينظر السودانيون لأنفسهم عبر أبواب جديدة تؤسِّس لنظرة واقعية وفعلية لمآلات إنتماءاتنا العرقية والثقافية بما يفيد حصولنا على نوع من (الإرتياح) النفسي الذي (يؤهِّلنا) لإستيعاب النظرة الحقيقية لشعوب العالم العربي تجاه ما يشوب أجسادنا من سواد أساسهُ صِنعة الله وناموس الطبيعة وتاريخ الدماء الإفريقية التي تجري في دمائنا منذ الأزل ، ولا نحتاج أن نُردِّد ما ذكرناه في أكثر من مقال ومنبر أن الإنتماء العرقي لا يمُت إلى اللغة السائدة بصلة على أيي حالٍ من الأحوال ، ولو كان الأمر كذلك لأصبح من المنطقي أن يكون زنوج بريطانيا وأميركا أوروبيين عِرقاً وأصولاً ، لكن رغم ذلك علينا أن نعترف إن كان لا بد لنا كأمة ودولة أن نقدِّم (بياناً) واضحاً حول هويتنا العرقية ، بأنه لا فكاك ولا مناص من (الترويج) والإحتفاء بمُصطلح (السودانوية) ليكون شعاراً مُستحدثاً يتعرَّف به العالم علينا من منظورات جديدة لا تغفل الماضي والتاريخ ، رغم أنها قد لا (تُنجينا) من الوصف بالعبودية من شعوب كانت تجارة الرِق وتداولها جزءاً لا يتجزأ من مكوِّناتها الثقافية والإقتصادية والإجتماعية حتى بزوغ فجر الإسلام ، إلا أنها من وجهة نظري ستكون كافية لتصبح منبراً ومسرحاً (آمناً) للإعتداد بالذات والدفاع عن الكرامة والإعتزاز بالإنتماء والتاريخ والموروث الثقافي.
في عالم اليوم مهما عبَّرت بعض الشعوب بـ (عفوية) عن ما يُخالج صدورها من تشوُّهات أخلاقية مثل نعت السود بالعبودية ، سيظل ما تم إنجازه عالمياً على المستويات الرسمية من أُسس للمساواة وكوابح للعُنصرية عبر القوانين والنُظم والسوابق والقيَّم والمباديء الحائزة على مُناصرة عالمية جماعية ، هو السلاح الفعَّال لخلق الموازنات المطلوبة التي يحتاج إليها كل من يتأثَّر سلباً بمثل ما حدث في تلك المباراة خزياً ومذلةً وشعوراً بالإنتقاص ، هذا ما تبيَّن لي عبر ما رصدتهُ في الأيام الماضية من ردود أفعال غاضبة ومُستثارة ومُتطرِّفة إنتشرت إنتشار النار في الهشيم على منصات وسائل التواصل الإجتماعي ، وفي ذلك العديد من السلبيات والعيوب ، أقلها تأثيراً توسعة دائرة إنتشار هذا المقطع المُسيء لأمة أثبتت البحوث التاريخية الحقيقية والنزيهة أن حُكَّام ممالكها القديمة فتحوا وحكموا مصر لآلاف السنين ، ثم تركوا بعد فنائهم دلائل إعتزازهم بسحناتهم وألوانهم وثقافتهم وعلومهم في بواطن أرضها ليقتات عليها شعب مصر حتى يومنا هذا.
الأنظمة السياسية الشمولية بما أورثتهُ البلاد والأُمة من جوعٍ وتجهيلٍ وإفقارٍ وإذلال ، وبما بثَّتهُ من (سياسات) دولية أساسها الدونية ، هي المسئولة بصورة مُباشرة عن (تأخُّر) إحترام وتقدير العالم لنا عبر معايير التفوُّق التنموي والتميُّز بالإنجازات ، فشعوب رواندا ونيجريا والجابون وجنوب إفريقيا على سبيل المثال (أعلنت) عن ذاتها وهويتها خارجياً عبر إنجازات تنموية وتأثيرات إيجابية أقلها الإكتفاء الذاتي بما تنتج ، وإستتباب الأمن في أراضيها ، فضلاً عن ثورة ناجحة ومُثابرة في مجال الإستنارة ومحاربة الأمية وما يتبعها من مخاطر ، كما لا ننسى إنكفاء حكوماتها على دعم كل السُبل التي تبني الإنسان فيها جسدياً ونفسياً وفكرياً عبر أدوات أساسها العدالة والحُرية والمساواة والنزاهة ومؤسسية دولاب إدارة الدولة ، تلك الشعوب بما حصلت عليه عبر إنجازاتها وإنجازات حكوماتها لم ولن يخطر على بال أحد على الأقل خارج إطار (الفطرة العروبية) المُتخلِّفة نعتها بالعبودية أو التقليل من شأنها بسبب اللون أو العرق ، فلا عبودية ولا دونية لقويٍ وغنيٍ ومُستنيرٍ ومُثابِّر وعادل ونزيه ، والله أعلم بما تُخفي القلوب.

haythamalfadl@gmail.com

 

آراء