عمالة الخبراء والعسكريين لمصر.. من يضع حدا لها؟

 


 

 

استمعت للتو لإفادة لأحد الاختصاصيين الزراعيين.. يتهكم في الكلوب هاوس، على إفادات بروف سلمان أحمد سلمان فيما يتعلق بمعلومة ان المنسوب المنتظم للنيل الأزرق الذي سيعقب إكتمال سد النهضة، سوف يمكّن مزارعي السودان من زراعة عروتين على الأقل بدلا عن واحدة، وهو أمر بلا شك سيشكل مردودا كبيرا على الدخل القومي...
استند هذا المتحدث على مغالطة أوردها في مقطعه الصوتي بأن هذه الإفادة المنسوبة لبروف سلمان لا تعدو ان تكون خدعة كبيرة.. لأنه يرى أن "زراعة ثلاثة مواسم مروية ستحتاج الي ٧٥ مليار متر مكعب بينما حصتنا في مياه النيل لا تتجاوز ١٨ مليار".. ثم أسرف في التهكم.
هذا الإختصاصي مخادع ومتطاول لسبب بسيط هو أننا الآن نزرع موسما واحدا فقط.. هل يعني ذلك أننا الآن نستهلك ٢٥ مليار متر مكعب؟.. بينما حصتنا ١٨ فقط؟.. الحقيقة هي أننا ومنذ زمن طويل لا ادري متى، قد تنازلت إحدى حكوماتنا عن ٦ مليار متر مكعب كسلفة مستردة لحكومة مصر، ولا زال هذا الأمر قائما.. أي أننا سنويا نترك مياه غير مستغلة تبلغ ٦ مليار تذهب سنويا لمصر، هذا بينما نحن بالمقارنة الأقل دخلا والأشد فقرا.. فكيف يجرؤ سياسيونا على بذل الإحسان إلى من يفوقوننا ثراءً وسَعَة.. يا لنا من محسنين ذوي أسمال !!.
ما اراده بروف سلمان بأدب وتواضع مفرط، هو أن واحدة من محاسن سد النهضة هي انه سيمنح السودان فرصة لزراعة موسم إضافي على ضفاف النيل الازرق وربما على ضفاف نهر النيل كذلك. ولقد اعترف بتلك الحقيقة علماء مصريون، وقد تم توثيق وبث تلك الإفادات في مؤتمراتهم عن سد النهضة، إذ ذكروا ان واحدة من مساوئ سد النهضة أنه سيمكن السودان من استغلال كامل حصته من مياه النيل، من خلال زراعة عروة إضافية (راجع الفيديو بالمداخلات).. شكرا لهم على الأقل في الجهر بالحقيقة.. ايا كان موقفهم منها.
وفي إفادة أخرى لا تقل غرابة لهذا الزراعي أنه قال ان إثيوبيا إذا ما طلبت نصيبها في النيل الأزرق بما يعادل ٢٠ مليار متر مكعب، ستنخفض حصة السودان ومصر بمعدل عشر مليار متر لكل منهما.. أنظر كيف يفكر خبراؤنا.. إن إثيوبيا ستأخذ حصتها من ما مجمله ٤٤ مليار تقريبا هي إيرادات النيل الأزرق.. لماذا لا يتم توزيع العجز بالتناسب (٣:١) بين حصتي البلدين أي ٥ مليار يتحملها السودان بينما ١٥ تتحملها مصر.. لتصير حصة مصر الكلية من مياه النيل ٣٩ مليار بدلا عن ٥٤، بينما ١٣ مليار، بدلا عن ١٨ تتبقى للسودان؟.. لماذا نتقاسم العجز بالتساوي بينما نتقاسم المياه بنسبة (٣:١)، لماذا نُطفّفُ لمصلحة مصر على حساب بلادنا وأهلنا وأنفسنا؟. إنه بسبب هذه الدونية المتوارثة ومفاهيمها، وقّعت حكوماتنا، العسكرية منها بالتحديد، على إتفاقيات مجحفة في حق أهلنا، كاتفاقية السد في يونيو ١٩٥٩، وعلى اقتسام ١٠ مليارات هي البخر المزعوم في البحيرة التي تخص مصر، لتخصم مناصفة من حصتي البلدين، تجني مصر ماءها وطاقتها ونكتفي نحن بالفقر والتشريد والمخمصة والإغراق.. إنه لحشفٌ وسوء كيل.
ماذا إذا حدث أن طالبت إثيوبيا أيها الخبير بما مقداره ٣٦ مليار، بدلا عن عشرين؟.. هل كنت ستخصمها مناصفة أيضا بين مصر والسودان، لتصبح حصتنا صفرا، او ربما أقل من الصفر.. وتَنفق انت من العطش كالبعير الضال؟.. او كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ.. والماءُ فوق ظهورها محمولُ؟! ؟!.. يا للوضاعة والعمالة المجانية.. يا للمكابرة..
كيف يتأتى لشخص علمته بلاده كسته وأطعمته ان يجرؤ على خيانتها علنا.. ويحيك الحجج والبراهين لخداع الراي العام خدمة للمطامع الأجنبية.. كيف يمكن ان يخون الخائنون؟.. أيخون إنسانٌ بلاده؟.. إن خان معنى أن يكون.. فكيف يمكنُ أن يكون؟!.
لعنة الله على الظالمين.

nagibabiker@gmail.com

 

آراء