الدلالات الثقافية والاجتماعية لأسماء السودانيين (3/3) … بقلم: د. خالد محمد فرح
2 February, 2009
Khaldoon90@hotmail.com
تتميز الأسماء التقليدية لنساء الشايقية – علاوة بالطبع على الأسماء المستقاة من الثقافة العربية الإسلامية العامة – بانتشار أسماء معينة غالبة في الدلالة عليهن بصفة خاصة. ومن ذلك إسما: " نفيسة و مريم " اللذين يحيلان إلى أجواء الطائفة المرغنية الختمية ، هذا فضلا عن أسماء أخرى مثل: " الروضة ، والنعمة ، وست النفر ". أمَّا اسم الروضة فقد روى لي أحدهم قبل أعوام نكتة بشأنه مفادها أنَّ امرأة شايقية جاءت في زيارة إلى الخرطوم من " البلد لنج ! " ، وبينما هي تسير مع إحدى قريباتها في أحد شوارع الخرطوم رأت ثلة من الأطفال الحلوين وهم يمشون في مرح ، فقالت لقريبتها تلك " الرسول ديل بطان منو ؟ " ، فأجابت عليها قائلةً: " ديل بطان الروضة " ، فعلقت مندهشة " هيْ صلاة النبي ، ديل كلهم بطانا ؟ ".
وأما " النعمة " أو " نعمة " باطراح ألف ولام التعريف ، فهي التي نجدها في قول الشاعر الشايقي القح: محمد الحسن سالم حُمَّيد:
ما عرفتِنْ نعمة إنتن قولن إنتن شن عرفتنْ
آه ... شن عرفتنْ
التي صدحت بهاء غناءً فرقة عقد الجلاد في أواخر ثمانينيات القرن الماضي ، و " نعمة " هي أيضا إحدى أبرز الشخصيات في رواية " عرس الزين " للطيب صالح الذي إنما تمثل رواياته مرآة صادقة تعكس حياة الشايقية الاجتماعية والثقافية بالدرجة الأولى.
أما اسم: " ست النفر " الذي لا يندر أن تجده أيضاً بين أسماء نساء الجوامعة وربما البديرية بكردفان ، فعندي أنه يمثل مظهرا مدهشا للغاية لاستمرار رواسب الثقافات السودانية القديمة السابقة لمجئ العروبة والإسلام إلى هذه البلاد. ذلك بأن معنى " ست النفر " هو " سيدة الحسن " ، إذ لا خلاف في أن " نفر " في المصرية القديمة كما هو في لغة البجا المعاصرة او التبداوية تعني " جميل وحسن ". ومن ذلك أسماء بعض النساء في الحقبة الفرعونية القديمة مثل: " نفر ست " وهو كما ترى كأنه مقلوب " ست النفر " ، وكذلك اسم الأميرة الجميلة: " نفر تيتي " ، فضلاً عن اسم الفرعون " سنفرو " أحد ملوك الأسرة الرابعة ووالد خوفو باني الهرم الأكبر ، وقيل أن معناه هو: " الأخ الجميل أو الطيب ". ومن بين أسماء النساء السودانيات القريبة الصلة بمادة " نفر " هذه التي تعني الحسن والجمال اسم: " نفرين " الذي يطلق علماً على النساء في بعض مناطق السودان ، والذي يأتي بمعنى: " جمالين أو حسنين " أو" الحسن مضاعفاً " ، وليس " شخصين " كما قد يتبادر إلى بعض الأذهان. فكأنه شبيه بتسميتهم لبعض الذكور: " عوضين ومحمدين وحسنين " لمجرد تأكيد المعنى.
أما أسماء الجعليين التقليدية الشائعة والمميزة لهم ، فإنها تجيء بحسب فروعهم وبطونهم ، وهي إما أنها تحيل إلى أسماء الأسلاف السابقين ، أو إلى أسماء الأولياء والصالحين الذين ينبه ذكرهم في الفرع أو البطن المعين. وهكذا على سبيل المثال فقط تكثر أسماء: حمد والمجذوب والطيب وقمر الدين وجلال الدين وعبد الله بين المجاذيب ، وسعد وإدريس وسليمان ودياب والفحل وعبد السلام بين السعداب ، وحامد وعمر وسليمان وسمساعة وسنوسي بين العمراب ، وحمد وعبد الماجد وعبد الله ومحمد خير ومحمد الأمين بين الغبش ، وصالح وسلمان وبدر وعوض والأمين والعاقب بين العوضية ، وباشري وبخيت بين الزيداب وكذلك المكابراب ، والزبير وطيفور بين العالياب ، وسنهوري والريح والشاذلي والعيدروس والباز بين السناهير ، كما يكثر اسم " أبَّشر " بالنسبة للرجال و " بشرية " بالنسبة للنساء بين الميرفاب وأهل بربر عموما ، وذلك تيمناً بولي صالح في ديارهم يعرف ب " أبَّشر أبو بشريَّة " ، وهكذا..
أما الأسماء التقليدية لنساء الجعليين بصفة عامة ، فقد لاحظ يوسف فضل أنها تغلب عليها أسماء من قبيل: ست البنات ، وست الجيل ، ودار الجلال ، ودار السرور ، والسيدة. وعندي أنه يمكن أن يضاف إلى هذه بعض الأسماء الأخري الشديدة الدلالة والخصوصية مثل: بنونة ، وبُرَّة ، والسُرّة ، والسارة ، والعازة.
وأفادني الأستاذ الطيب محمد الطيب عليه رحمة الله ذات مرة أنَّ الأسماء التي تبدأ بلفظ " أبو " على سبيل التكنية خاصة بالأولاد كقولك: " أبو حسنين " أو " أبو عامر " مثلاً ، تدل في الغالب الأعم على أفراد قبيلتي " العبابدة " و " الجعافرة ". وقد مضى القول على أن التكنية بأسماء البنات مثل " أبو فاطمة " و " أبو آمنة " هي من أساليب البجة. على أن العبابدة يحتفون بصفة خاصة أيضا باسمي الباقر وكرار.
هذا ، ويضطرد ذات النهج في إطلاق أسماء الأعلام في منطقة وسط السودان ، بمعنى طغيان أثر القبيلة او الطريقة الصوفية على الأسماء. حيث نجد على سبيل المثال أثر البيت الطيبي والطريقة السمانية لمؤسسها في السودان الشيخ أحمد الطيب البشير وأحفاده من بعده في انتشار أسماء معينة في مناطق السروراب والجميعاب بشمال أم درمان وأجزاء واسعة من وسط السودان وكردفان ، وهي أسماء من قبيل: الطيب ونور الدائم ومحمد شريف وعبد المحمود ووهب الله وقريب الله والفاتح والسماني الخ ، كما نجد أثر مدرسة الشيخ إدريس ود الأرباب وأسماء أحفاده وتلاميذه واضحا بجلاء على أسماء سكان الخرطوم القديمة وضواحيها مثل: شيخ ادريس وحمد وبركات والأرباب وخوجلي . و نجد من الأسماء ذات الدلالة القبلية أسماء مثل: الصديق وطلحة وطه عند البطاحيين ، كما في المقابل أسماء مثل: دفع الله ويوسف والطريفي وحمد النيل وأبو عاقلة وعبد الباقي وأبو إدريس والريح واسعة الانتشار في الجزيرة عموماً ، وعند العركيين ومن تتلمذوا على مشايخهم على وجه الخصوص ، حتى إذا وصل المرء إلى مناطق جنوب الجزيرة بنواحي سنار وغيرها ، يصادف الواحد بكثرة الأسماء المرتبطة باليعقوقاب مثل: موسى وهجو والتوم وحمدان وعبد القادر وشرف الدين وبانقا ، ومن أسماء النساء سيجد أن من أوسعها انتشارا أسماء من قبيل: فزارية وبتول وزينب.
وإذا ما انتقلنا غرباً إلى النيل الأبيض نجد أن السكان المعاصرين هناك تتعاورهم بالأضافة إلى أسمائهم القبلية التقليدية ، تيارات طائفية كان لها أثرها الواضح في منظ ومة أسماء الأعلام بينهم. فالأنصار – وهم كثر في المنطقة – يطلقون على أبنائهم الأسماء ذات الصلة بأسرة المهدي وبالتراث المهدوي عموما. فتنتشر بالتالي بينهم أسماء مثل: مهدي ، والصادق ، وعبد الرحمن ، والفاضل ، والبشرى ، والصديق ، والهادي الخ. ولكنك إذا ذهبت إلى بلدة شبشة مثلاً ، فلن تجد فيها على الإطلاق بيتاً يخلو عن واحد من هذه الأسماء: برير والطيب والسماني وعوض الله ، وهي أسماء مرتبطة بتراث الشيخين: " برير ود الحسين " و " عوض الله ود النمير " على التوالي.
أما كردفان فتمتاز بدورها بتشكيلة غنية جدا من أسماء الأعلام بما يعكس تركيبتها الإثنية والثقافية المتنوعة والثرية. فرعاة الإبل من كبابيش وهواوير وكواهلة وحمر وشنابلة ودار حامد ومن إليهم ، تكثر بينهم أسماء معينة ، وذلك من قبيل: سهل وساهل ، والمهل وماهل ، وحمد ، وحامد ، وبلة ، وامبدة ، ومتعنِّي ، وآدم ، ومردس ، ومعشي ، ومتعشي ، وبليلة ، وصالح ، وفضل الله ، ومرجي ، وجابر الخ ، أما رعاة البقر من مسيرية وحوازمة وأولاد حميد وأضرابهم ، فيتميزون بأسماء غالبة الدلالة عليهم ، منها أسماء مثل: قادم وقيدوم ونوَّاي ورحَّال وسيار ونورين وضيين وتاور وغبَُّوش وحمَّاد ، وهي أسماء يستخدمها أيضا كثير من النوبة المسلمين والمستعربين ثقافيا لمجاورتهم لهم ، بينما يتميز سكان وسط وشرق كردفان من القبائل العربية المستقرة التي تحترف الزراعة مثل الجوامعة والبديرية والشويحات والجلابة الهوارة وبني فضل الخ ، بتوليفة مميزة من الأسماء نذكر منها على سبيل المثال تلك الأسماء ( النورانية ) مثل: النور والضو والضي وضي النور والضواها ومضوي. وكذلك يوجد من بين أسمائهم الأصلية: الراخي ( من الرخاء ) وعجبنا وفرَّحنا ومُركز ( بضم الميم ) وجريقندي ( قيل هو عملة تركية قديمة ، ولا يندر أن تجد هذا الاسم عند الشايقية أيضا بصيغة جرقندي بدون تصغير ). ومن أسماء دار كردفال التقليدية أيضا: بلَلْ ، وتابر ( بالباء على وزن نادر ) وكذلك اسم: مصري ( ولا أظن أن هذا الأخير يوجد في غير كردفان ). هذا وتشيع بين هؤلاء الأخيرين الأسماء الرائجة في وسط وشمال السودان بأكثر من غيرهم من سكان كردفان ، وذلك بحكم الصلات الإثنية والثقافية ، أعني أسماء مثل: التوم ، والطيب ، و بابكر ، والرضي ، ومحمد النور ، والزاكي ، والصافي ، والناير ، والهادي ، والدرديري ، وأبو القاسم الخ..
هذا ، وتكثر في كردفان أيضاً ، الأسماء ذات الصلة بالتراث المهدوي والأنصاري ، والأسماء المستقاة من التراث الطيبي السماني التي كنا قد أشرنا إليها من قبل ، مثل أسماء: الطيب ومحمد توم وبرير وعبد المحمود وعمر " تيمناً بالشيخ عمر محمد الصافي راجل الكريدة " ، وذلك بفضل تأثير مشايخ السمانية هناك مثل الشيخ البرعي ووالده الشيخ محمد وقيع الله ، والشيخ المبارك ، والشيخ المجذوب وغيرهم ، كما تتميز أسماء الناس هنالك بالتأثر بأسماء مشايخ الطريقة التجانية المحليين منهم مثل مشايخ خرسي: الدرديري وجعفر والدسوقي ، إلى جانب أسماء مشايخ الطريقة التجانية من أحفاد وتلاميذ الشيخ أحمد التجاني ، مثل اسم التجاني نفسه ، والحبيب ، والغالي ، وابن عمر ، والحافظ ( تيمناً بالشيخ محمد الحافظ التجاني المصري ) ، وكذلك اسم " السيد " والمقصود به إما السيد الحافظ أو السيد بن عمر ، وهذه الأسماء التجانية موجودة أيضا في دار فور. وتجدر بنا الإشارة كذلك إلى تأثير الطريقة الإسماعيلية ، نسبة للشيخ إسماعيل بن عبد الله الولي على منظومة أسماء الأعلام في أجزاء واسعة من كردفان عموماً ، وفي مدينة الأبيض و" حي القبة " على وجه الخصوص ، حيث تنتشر أسماء أعلام الطريقة الإسماعيلية مثل: إسماعيل ، وأزهري ، ومكي ، وبكري ، ومصطفى البكري ، وباهي ، والتاج ، ومرغني ، وحنفي الخ ... فإذا قابلك شخص اسمه مثلا: " التاج مكي اسماعيل " ، فتيقن بنسبة 80% أن يكون من الأبيض ، إذا لم يكن من حي السيد المكي بأم درمان.
وبعد ، فهذه لمحة موجزة حول أسماء الأعلام التقليدية في السودان ، وهي لمحة لا تدعي الإحاطة ولا الشمول بطبيعة الحال ، ولا التقيد بأي نهج علمي محدد ، وإنما هي شذرات متفرقة من مذاهب السودانيين في تسمية مواليدهم وقفت عليها عبر القراءة والتساؤل والملاحظة الشخصية. وهذه الأسماء كما يلاحظ ، آخذة في التغير بحكم سنة التطور ، وبفضل الحداثة ، وانتشار التعليم في البلاد ، ثم بفضل انفتاح السودانيين عموماً خلال العقود الأخيرة نحو العالم الخارجي ، وخصوصاً البلدان العربية ، عن طريق الهجرة ، وكذلك من خلال وسائل الإعلام والتثقيف المختلفة.
هذا ، ومن الملاحظ على الأجيال المعاصرة من السودانيين بصفة عامة ، أنهم من أكثر العرب المعاصرين جرأة وميلاً للتجريب والنأي عن التقليد والمحافظة في تسمية أطفالهم. وتحضرني في هذا المقام طرفة حكاها لنا أحد الأخوة قال إن امرأة سودانية أنجبت طفلة فقيل لها ماذا تريدين ان تسميها فقالت: " مهالك " – أي والله - ، فلما قيل لها في ذلك أجابت بقولها " عاجبنييييي .. إنتو مالكم !! ".
وقد ظلت أجيال الليبراليين والأفندية السودانيين منذ بضعة عقود يتأثرون بما يقرأون ويشاهدون من خلال شاشات السينما والتلفزيون من أسماء " الفن " الجديدة ، ويطلقونها على أطفالهم وخصوصاً البنات ، ابتداءً بأسماء الممثلات والفنانات المصريات مثل: فاتن وصباح ونجلاء وزهرة العلا وشادية ونادية وماجدة الخ ، حتى انتهى بهم الأمر إلى اطلاق بعض الأسماء الأوروبية الأصل على بناتهم مثل: نانسي وسالي ونادين ولوسي وليزا الخ ، وتبعتهم في ذلك سائر طبقات الشعب السوداني بدرجات متفاوتة. يضاف إلى ذلك دخول بعض الأسماء ذات الأصول الفارسية والتركية مثل: أناهيد ( وهي كوكب الزهرة ) ، وجلنار ( ومعناه زهر الرمان ) ، وشيراز ، وبكينام ، وميرفت التي إنما هي النطق التركي لاسم " مروة " العربي.
وقد جلب السودانيون المغتربون بدول الخليج العربي خلال العقود الماضية بعض الأسماء المستحدثة وخاصة للبنات مثل: " هنوف ، وقطوف ، وهديل ، وروان " ، غير أنهم – فيما يبدو – قد زهدوا في أسماء مثل: موزة وحصَّة وتركوها هناك لأهلها.
ومما لا شك فيه أيضاً ، أن بعض اسماء السودانيين المعاصرين قد تحمل دلالات انتماء أو إعجاب بتيارات سياسية أو فكرية معينة. وقد مضى القول في أسماء رجال " الختمية والأنصار " ، و ذكرت من أسماء نساء الختمية: " نفيسة ومريم " أي ست نفيسة وست مريم يا خليفة !. أما منسوبي حزب الأمة وطائفة الأنصار ، فإنَّ لهم أيضا منظومة مميزة من أسماء الإناث التي بدأت تتبلور منذ بضعة عقود على مستوى أسرتي الإمام المهدي والخليفة عبد الله ، ومن ثم انتشرت بين منتسبي هذا التيار وخصوصاً سكان العاصمة والمدن الكبيرة والمتعلمين منهم بصفة عامة. تلك أسماء مثل: زينب " تيمناً بتلك التي كان يكنى بها الإمام المهدي أبو زينب " ، ومريم ، وسارة ، ورباح ، وحفية ، وعاطفة ، وعابدة ، ومقبولة ، وطاهرة ، ولذلك فستجد كل هذه الأسماء متواترة في بيوتات رجال حزب الأمة وطائفة الأنصار.
أما اليساريون السودانيون والشيوعيون منهم بصفة خاصة ، فقد تميزوا باطلاق اسم " راشد " على اولادهم ، وهو كما قيل كان الاسم الحركي للأستاذ عبد الخالق محجوب ، وربما سمى بعضهم ابنه " ناظم " تيمناً بالشاعر التركي الشيوعي " ناظم حكمت ". وسمى النقابي المرحوم أحمد المصطفى ابنه " بكداش " تيمناً بالسياسي السوري " خالد بكداش " ، ولكن بكداش أحمد المصطفى صار أخاً مسلماً ، ثم صوفياً له طاقية خضراء وسبحة لالوب ألفية فتأمل !. هذا ، ولعله يجوز للمرء أن يخمِّن أنه ربما يوجد من بين الجيل الحالي من أبناء الشيوعيين السودانيين من يكون اسمه: عبد الخالق ، أو الشفيع ، أو قاسم " تيمناً بقاسم أمين ". كذلك من الملاحظ أن للشيوعيين احتفاءً خاصاً بأسماء إناث مثل: " كمالا " ( هل يقصدون به زوجة نهرو ؟ ) ، وكذلك جميلة ( لعلهم أرادوا جميلة بوحريد المناضلة الجزائرية المشهورة ). وربما انتابتهم فورة " سودانوية " فأطلقوا على بناتهم أسماء من قبيل: بنونة ، ونبتة ، ومهيرة وعزَّة التي تحيل جميعها إلى التراث السوداني في التاريخ القديم منه والقريب.
أمَّا منسوبو التيارات الإسلامية الحديثة في السودان ومناصروها ، أو المتأثرون بأفكارها عموماً ، فقد كان لهم إسهام ملحوظ في رفد منظومة أسماء الأعلام في السودان بطائفة كبيرة من الأسماء " الجديدة أو غير التقليدية " ، حيث أنهم جعلوا يمتاحون من معين التراث الإسلامي القديم ، المتمثل في بعض المعاني والمفاهيم والألفاظ القرآنية ، فضلاً عن " إحياء " أسماء بعض الصحابة والتابعين والفقهاء والعلماء الذين لم يكن الناس في السودان يميلون تقليديا إلى اطلاق أسمائهم على مواليدهم في السابق ، ومن ذلك اسماء بعض الصحابة " الثوريين أو المقاتلين " أو ال Militant بصفة خاصة مثل: مصعب والمقداد وخبَّاب وأبو دجانة وخُبيْب والقعقاع. هذا فضلاً عن أسماء أخرى من قبيل: البراء والأرقم وأُبيْ وقتادة وأبو الدرداء ومجاهد والبيهقي الخ. هذا ، وبلغني أن شخصاً ما من منسوبي التيار الإسلامي عنده ثلاثة أولاد اسم كل واحد منهم " حسن " ، سوى أنهم يتميزون بألقابهم فواحد منهم اسمه الكامل هو حسن البنا ، والثاني اسمه حسن الهضيبي ، والثالث اسمه حسن الترابي. قلتُ: وقريب من " دروشة " هذا الشيخ أبي الحسنين الثلاثة ، ما نُسب لشاعر سوداني رحل مؤخراً – وكان كما قيل مفرط الإعجاب بالزعيم الراحل جمال عبد الناصر – من أنه أسمى أحد أبنائه: " جمال عبد الناصر حسين " إسماً واحدا.
أما في مجال أسماء الإناث ، فقد افترع هؤلاء تسمية بناتهم بأسماء مستقاة من القاموس القرآني من قبيل: لينة " وهي النخلة " ومثابة ومناسك وترتيل وتنزيل وآلاء وريان ودعاء وغفران وأبرار وهلم جرا ، ثم فشت هذه الأسماء وشاعت من بعد بين سائر السودانيين.
وصفوة القول في الختام ، أنَّ السودانيين عموماً ، هم من أكثر أهل الأرض توسعاً وتنوعاً وغزارةً وافتناناً في أسماء الأعلام. وبهذه المناسبة أذكر أنَّ سيدة متعجرفة نوعا ما ، كانت تسكن إلى جوارنا في أحد أحياء الخرطوم قبل أعوام قليلة ، أنجبت بنتاً فأسمتها: " دنياي " ، فقالت لي زوجتي: هسي البت دي لو بعدين في زول داير يناديها يقول ليها يا " دنياي " ولا يا " دنياها " ؟!.