كيف نهزم خطاب الكراهية؟

 


 

 

من موبقات نظام الإنقاذ التي تصعب معالجتها بين ليلة وضحاها، زرع سموم الفُرقة، وانعاش وشيجة البغضاء وسط مكونات الأمة السودانية، بحثت قادته بكافة الوسائل في جسد مكونات المجتمع للوقوف علي مواضع جراحات قديمة لإنكائها بوحشية وبلا رحمة، جراحات عفى عنها الزمن، وأمراض تجاوزتها الأجيال نبشها الإنقاذ البغيض من أجل التغلغل بسوء بين الناس، بكل آسف نجح الانقاذيون المجرمين في بعض مساعيهم وتمكنوا من السؤدد المؤقت، ترنحت دولتهم، ولا تزال جراحات الكراهية وبذور البغضاء متقدة وسط المجتمع. ساد الإنقاذ بالتفرقة بين الناس، ولا يمكن هزيمته إلا بالوحدة ونبذ الشتات .
وقف العزف بعنف علي وتر القبلية المنتنة.
ليس بإمكان من يمارسون الكراهية أن يكونوا بسلام ما لم يجدوا لهم جزيرة معزولة يعيشون عليها ويكتفون ذاتيا، وهذا محال بالطبع، فالله وحده جلّ وعلا غني عن العالمين، والناس من بدو ومن حضر، وان لم يشعروا لبعضهم خدم، والناس بالناس، والذين يضعون لهم معاير لتقييم الناس وتصنيفهم بصورة غير موضوعية، وبطريقة منافية لمعاير الدين الحنيف، هم الخائبون في نهاية المطاف، وهم الخاسرون اجتماعيا إن كانوا أقلية أو أغلبية، ذلك أن الغرور الطبقي سلوك إبليس "أنا خير منه"، وأنّ التكّبر والاستعلاء، ليس من سلوك الأسوياء وإنما حالة مرضية، وإن اهمل هذا الداء الاجتماعي، بلا شك انه قاتل للأفراد والمجتمعات التي تمارسه.
وليس بمقدور من يقللون من أقدار الآخرين أن يحظوا باحترام، فالكراهية لا تولد إلا كراهية مضادة، واحتقار الناس يقود تلقائيا إلي البغضاء والتربص، والقاعدة تقول لا جدوى من مائة صديق في وجود عدوٍ واحد.
من الضروري أن يكّرس القائمين علي ملف السلام جهدا مضاعفا للقضاء علي كافة أشكال الكراهية المجتمعية، ومحاصرة العنصرية، وإخماد شعور الاستعلاء العرقي الممنهج، من خلال التوعية المكثفة والمستمرة والشاملة عبر كافة والوسائل والوسائط الإعلامية، مسنودة بتشريعات رادعة للذين يبثون سموم الكراهية، ونتانة العنصرية وسط المجتمع مع سبق الإصرار المتكرر.
تضمين مخاطر الكراهية في المناهج الدراسية
ولمحاصرة هذه الظاهرة المتنامية، من الضروري تضمين مخاطر الكراهية والعنصرية علي المجتمع السوداني في المناهج الدراسية، ليتشرب النشء قيم التسامح والتصالح منذ سن مبكرة، وفي سبيل تحجيم العنصرية، ومحاصرة الاستعلاء المجتمعي والعرقي، علي الدولة الاضطلاع بواجباتها علي أكمل وجه، ليغني المواطن عن البحث عن كيانات بديلة للاحتماء بها والركون إليها، وعليها أن تشجع وتفّعل مواعينها المساعدة لها في هذا الشأن، من نقابات مهنية وحرفية، ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات والروابط الاجتماعية والثقافية، والجمعيات التعاونية، وتبنى منهج اللامركزية في الخدمة المدنية، والذي من شانه ضمان صهر موظفي الدولة في بوتقة واحدة وطنية بعيدا عن التقوقع في المناطقية والجهوية المضرة.
ومما ورد في توصيات السياسات العامة للجنة الأوربية لمناهضة العنصرية التعصب
ورد مؤخرا ما يلي:
إعداد برامج تثقيفية خاصة بالأطفال، والشباب، والموظفين وعامة الناس، دعم المنظمات غير الحكومية، والهيئات المكلفة بقضايا العدالة الاجتماعية والمساواة بين مكونات المجتمع، وكذلك تعزيز المؤسسات الوطنية الخاصة بحقوق الإنسان، والتي تناهض ظاهر الكراهية، تشجيع الاستجابة الفورية للشخصيات العامة تجاه هذا الخطر الاجتماعي، ليس من أجل إدانته فحسب، بل وكذلك من أجل التشبث بتوطيد القيم التي يهددها الكراهية، بضاف إلى ذلك مكافحة المعلومات التضليلية، والصور السلبية والوصم والتنميط الاجتماعي، الاعتراف الرسمي بالأهمية الأساسية لحرية التعبير، والتسامح واحترام المساواة في الكرامة لجميع البشر، تحديد المواقف التي تؤدي إلى استخدام خطاب واتخاذ التدابير المناسبة لوضع حد لها، ضمان مشاركة والتزام مجموعة واسعة من الفاعلين الخواص وغير الحكوميين، إلى جانب السلطات العامة. (بتصرف).
ebraheemsu@gmail.com

 

آراء