آليات وفلسفة درء الكوارث “نموذج الحروب والصراعات المسلحة”

 


 

 

د. صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم

Sabri.m.khalil@gmail.com

تعريف الكارثة : تعددت تعريفات الكارثة ، نتيجة لأسباب متعددة ، أهمها تركيز كل تعريف على عنصر او عناصر معينة من عناصرها، واهم العناصر محل الاتفاق بين هذه التعريفات هى:

أولا: عنصر المفاجئه وعدم التوقع .

ثانيا: عنصر الاضرار الكبيره ، والاثر السلبى الضخم ، والخسائر الكبيره ،فى الممتلكات والارواح.

ثالثا: عنصر اسبابها الطبيعيه "فى حاله الكوارث الطبيعيه "، او الانسانيه "متعمده او غير متعمده" فى حاله الكوارث الانسانيه".

رابعا: عنصر مواجهتها التى تتطلب جهد مشترك ، وتضافر الجهود الوطنيه والدوليه احيانا .

سمات الكارثة:ومن هذه التعريفات المتعددة للكارثة ، يمكن أن نستخلص السمات المشتركة للكوارث، ومنها:

سرعة أحداثها .
أنها تتطلب ابتكار أساليب مواجهه غير مألوفة .
أنها تتطلب توظيف أمثل للإمكانات المتاحة .
أنها تتطلب نظام اتصالات فعال .
أنها تحتاج إلى درجة عالية من التنبؤ.

أنواع الكوارث: و تقسم الكوارث إلى ثلاثة أنواع رئيسية هي :

أولا: كوارث طبيعية : وهي التي تتحكم فيها الطبيعة ، وليس للإنسان دور في أسباب وقوعها ، ولكن قد يتسبب في زيادة حجم الخسائر المترتبة على وقوعها، بالإهمال وعدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة لتفادي أو التخفيف من آثارها ، ومن أمثلتها: الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات والسيول والجفاف …

ثانيا: كوارث بشرية: وهى التي يلعب العنصر البشري دورا رئيسيا في وقوعها، وهي أما أن تكون من صنع البشر عمدا أو سهوا ، بالإضافة إلى عوامل التقنية الأخرى نتيجة الإهمال أو سوء الاستخدام ، ومن أمثلتها: الحروب والعمليات الارهابيه وتلوث البيئة…

ثالثا: كوارث مركبه : وهي نوع مركب من النوعين السابقين، وفيها تبدأ الكارثة بفعل العامل البشري، ثم تلعب الطبيعة ويتسبب سوء تصرف الإنسان، في زيادة حجمها عما يجب أن تكون في الحالات المنفردة لكلا النوعين، ومن أمثلتها: انهيار السدود نتيجة الإهمال، والحرائق الكبرى للمدن والغابات ، و حوادث الطائرات وغرق السفن

أبعاد الكارثة : وتتحدد أبعاد الكارثة ودرجة خطورتها من خلال العوامل الآتية :

مصدر الكارثة وأسبابها .
ثقل الكارثة : اى مدى تهديدات للمصالح الحيوية للدولة .
تعقد الكارثة: اى مدى الخيارات المتاحة لمواجهتها .
كثافة الكارثة : اى مدى تلاحق أحداثها و المدى الزمني للكارثة .
نطاق الكارثة : اى النطاق الجغرافي الذي تشمله.

إدارة الكوارث: أما اداره الكوارث فهي عبارة عن مجموع الإجراءات والخطوات ، اللازمة للتعامل مع وضع غير عادي، وذلك بهدف تقليل الأضرار والخسائر في الأرواح والممتلكات لأقصى حد ممكن .

خطوات إدارة الكوارث:

الخطوة الأولى: الشروع في إدارة الكوارث: وتتضمن الآتي:

سن القوانين والسياسات اللازمة لتنظيم عمليه درء الكوارث.
تحديد المهمة وتحديد الأهداف.
تحديد مجالات خطة الطوارئ.
تشكيل فريق العمل.
شرح المسؤوليات والإمكانيات وتحليل الموارد.

الخطوة الثانية : جمع المعلومات عن المخاطر المحتملة والأخطار التي قد تنتج عنها، ويتطلب ذلك:

تحديد المخاطر وعواملها وأنواعها.
تحديد المشاكل المحتملة لكل حالة من حالات الطوارئ.
تحديد الأسباب.
تطوير إستراتيجية الوقاية.
تطوير استراتيجة التعامل والخروج من الكوارث.

الخطوة الثالثة: تحديد مستويات الأخطار التي يمكن تقبلها واحتمالها :وتتضمن اتخاذ إجراءات تنفيذية مناسبة وفق أولويات وطنية ومراحل تنفيذ واضحة.

الخطوة الرابعة : خطط الجاهزية: وتشتمل هذه الخطوة على خطط يجب تنفيذها على المدى القريب.

الخطوة الخامسة: فحص الخطة : وتتضمن هذه الخطوة فحص ، من خلال إجراء سيناريوهات افتراضيه لكوارث محتملة.

الخطوة السادسة: العبر المستفادة: وتتضمن هذه الخطوة مراجعة جميع الخطط ، والتأكد من الجاهزية، والاستفادة من الحوادث السابقة.

مفهوم الخطة الإستراتيجية للكوارث: أما الخطة الاستراتيجيه للكوارث فهي مجموعة من الترتيبات والتنظيمات والاستعدادات ، المتفق عليها للتعامل مع الكوارث ، قبل و أثناء وبعد حدوثها.

إستراتيجيات تقليل اخطارالكوارث :

أهدافها: تهدف هذه الاستراتيجيات إلى:

منع حدوث الكوارث التي يمكن تلافيها.
تقليل الآثار السلبية للكوارث التي لا يمكن تلافيها .
تلافي احتمال زيادة فقر الأسر الفقيرة التي قد تفقد أصولها وممتلكاتها .
تلافي أو تقليل خطر انقطاع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

مراحلها :

المرحلة الأولى : الإجراءات قصيرة الأجل: وتتضمن:

1. الإنذار المبكر والتنبؤ بالكوارث: وهو نظام لإعطاء معلومات مسبقة
حول احتمال حدوث كارثة متوقعة.

2. تقدير الأخطار : ويشمل معلومات كمية ونوعية تفصيلية عن الكارثة ،
وأثارها الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية .

3. برنامج التأهب لمواجهة الكوارث : وهو البرنامج الذي يحدد الإجراءات
التي ستتخذ ، والموارد والسياسات والإجراءات التي ينبغي تجهيزها، وتشغيلها عند حدوث الكارثة.

المرحلة الثانية: الإجراءات طويلة الأجل : وتهدف إلى ضمان التنمية المستدامة على المدى البعيد.

استراتيجيات درء الكوارث فى ميادين الحروب ومناطق النزاعات المسلحه :

اولا/ على المستوى الرسمى ومؤسسات الدوله:

· انشاء او تفعيل مؤسسات رسميه دائمه، لدرء الكوارث فى ميادين
الحروب ومناطق النزاعات ، على ان يتم تشكيلها من ممثلين لكل المؤسسات الرسميه "الحكوميه " والشعبيه "الاهليه " ذات الصله .

· تفعيل دور الاعلام الرسمى فى درء الكوارث فى ميادين الحرب
ومناطف النزاعات المسلحه ،وتوعيه المواطنين باساليبه.

· انشاء او تفعيل قنوات اعلاميه حكوميه تعنى بالتواصل بالمواطنين
وتلقى البلاغات ونداءات الاستغاثه منهم.

· تدخل الدوله للقضاء على كل مظاهر استغلال الحروب والاتجار بها
من تفلتات امنيه واجرام واحتكار للسلع ورفع اسعار السلع والخدمات...
بالرقابه وفرض عقوبات رادعه على تجار الحروب.

· تسعير السلع الاستراتيحيه وتحديد قنوات رسميه معينه لتوزيعها
للمواطنين بصوره عادله-وفرض الرقابه على القنوات الخاصه لتوزيعها ، وهو ما تم ويتم حتى فى اعتى الدول الراسماليه فى اوقات الحرب- باعتبار ان الامن الاقتصادى جزء لا يتجزء من الامن العسكرى.

· تامين الدوله لملاجى لحمايه المدنيين.

ثانيا: على مستوى منظمات المجتمع المدنى والعمل الطوعى والانسانى:

· حث اطراف النزاعات العسكرىه على الحرص على سلامه المدنيين
.والعمل المستقل وغير المنحاز الى احد الاطراف لضمان ذلك ، وبالتنسيق مع جميع الاطراف.

· دراسة الوضع الميداني ، من جهه المخاطر التى تهدد سلامه
المدنيين ،على نحو مستقل ومحايد , وطرح توصيات عمليه على الجهات والاطراف ذات الصله، بشأن التدابير الازمه لمواجتها.

· اتخاذ التدابير اللازمه لضمان سلامه المدنيين والتى تشمل:

· توصيل مساعدات الإغاثة.

· إجلاء الأشخاص المعرضين للخطر أو نقلهم.

· إعادة الروابط الأسرية والحفاظ عليها والبحث عن الأشخاص المفقودين.

· ايلاء الاولويه لمساعده وحمايه الاطراف الاكثر تضررا من
النزاعات العسكريه والحروب كالنساء والاطفال والمرضى وكبار السن...

· العمل بالتنسيق مع الجهات والاطراف ذات الصله على حماية اسرى
الحرب و المحتجزين وحمايه حقوقهم المنصوص عليها فى القوانين الدوليه الانسانيه .

( للمزيد يمكن زياره الموقع الرسمى للجنه الدوليه للصليب الاحمر(

ثالثا: على مستوى المواطنين والافراد:

· الاطلاع الدائم على مستجدات الأحداث من المصادر الموثوق بها،
ومنها وسائل الإعلام المحلية والاقليميه الدولية بعد التحقق من صدقها، بالتحقق من صحه الخبر ، بالرجوع الى الموقع الرسمى للجهه موضوع الخبر،والتعويل اكثر على الاخبار التى ترد فى جميع او اغلب هذه الوسائل.

· مع ضروره الوضع فى الاعتبار ان الافراط فى مشاهده ما تنقله هذه
الوسائل من مشاهد عن فضائع الحرب يزيد من التوتر والقلق.وان كثير منها قد تضخم من حجم هذه المخاطر بغرض زياده نسبه المشاهدين.

· لزوم مكان الاقامه قدر الامكان ، وعدم التحرك منه الا فى حاله
التيقين من حدوث مخاطر جمه وانعدام تام للخدمات الضروريه .

· البقاء فى الادوار الارضيه ، والبعد عن الادوارالعليا لانها
اكثر تعرضا للقذف.

· البقاء بعيدًا عن النوافذ والأبواب، وعدم محاوله استرقاق النظر
للخارج، والبقاء في أبعد غرفة عن الشارع.ويفضل ان تكون محاطه بغرف اخرى لصعوبه اختراقها.

· عدم الخروج من مكان الاقامه قبل العلم بمدى توافر اوعدم توافر
الامن فى المناطق المراد الخروج اليها.

· تجنب اماكن الاشتباكات العسكريه.

· يفضل الخروج ضمن مجموعه .

· عند وقوع أضرار في مكان الاقامه او قريب منه يجب الانتظار حتى
تهدأ الأمور، لمعرفه حجم وطبيعة الأضرار..

· التواصل الدائم بأشخاص آخرين ، وإعلامهم بمكان التواجد ،
والأماكن المنوى الانتقال إليها لاحقا.

· تجنب أي نوع من الظهور، أو المواجهات غير الضرورية مع المجموعات
المسلحة، ،إلا إذا فى حاله الاضطرار للدفاع عن النفس.

· الاحتفظ بالادويه المهمة، والأدوات الأساسية للإسعافات الأولية.

· ابقاء الانوار مطفئه قدر الامكان.ورفع رايات بيضاء على اسطح
البنايات فى حاله حدوث اشتباك عسكرى فى محيط محل الاقامه.

· استخدم الطرق التي تنصح بها السلطات ، وبعد ان تعلن انها امنه .

· الاحتفاظ بالاموال والمقتنات الثمينه في أماكن متنوعة، ومخفية
قدر الإمكان تجنبًا لضياعها، أو سرقتها.

· عدم اظهار الخوف امام الاطفال،او التحدث عن اهوال الحرب امامهم
، وتطمينهم والهائهم.

· إبقاء بطارية الهاتف الجوال مشحونة بالطاقة بالكامل طيلة الوقت
قدر الإمكان، واغلاق أي تطبيقات غير ضرورية، و تقليل درجة سطوع الشاشة، واستخدم الإنترنت فقط عند الحاجة، والاستعانه بمزود إضافي للطاقة.

· تخزين المواد التموينيه والاقتصاد فى استهلاكها، والاقتصاد فى
استهلاك الكهرباء والماء.

· الاحتفاظ بالأغراض الضرورية للنجاة، مثل كشافات الإضاءة،
والطعام الجاف، والماء، والشموع وأعواد الثقاب....

· تفعيل الدور الشعبى فى درء الكوارث فى ميادين الحرب ومناطق
النزاعات العسكريه بالاتى:

1. تنظيم دوريات شعبيه فى الاحياء ، بالتنسيق مع الجهات المختصه،
لمكافحه الجريمه والتفلتات الامنيه وحمايه الممتلكات الخاصه والعامه.

2. تفعيل دور لجان الاحياء فى الرقابه على توزيع السلع الاستراتيجيه
بالتنسيق مع الجهات الرسميه.

3. مساهمه لجان الاحياء فى مساعده المحتاجين والمتضررين

4. ابلاغ السلطات عن التفلتات الامنيه.

· تفعيل دور وسائل التواصل الاجتماعى فى درء الكوارث فى ميادين الحروب
واماكن الاشتباكات العسكريه بالاتى:

1. كشف تجار الازمات والحروب،وابلاغ السلطات الرسميه عنهم ، وتحذير
المواطنين من التعامل معهم.

2. توعيه المواطنين باساليب درء الكوارث.

3. الضغط على اطراف الصراع باساليب سلميه من اجل حثهم على وقف القتال.

4. تبادل المعلومات عن المخاطر التى تهدد سلامه المدنيين.

(للمزيد انظر :عمر مصطفى / في 20 نصيحة.. دليل عملي للطلاب بميادين الحروب ومناطق النزاع/ مارس 2, 2022 / موقع الفنار للاعلام)

مصادر اخرى:

1. إدارة الكوارث الطبيعية/ المركز الوطني للمعلومات/ الجمهورية اليمنية.

2. د. سعود المختار /خطة مقترحة لإدارة إغاثة الكوارث / موقع أطباء الحرمين.

........................................

الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات:
https://drsabrikhalil.wordpress.com
////////////////////////

 

آراء