تعقيب على مقال الاستاذ /حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي، المعنون: يبدو ان الكيزان قادمون بسرعة الصاروخ

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
تعقيب على مقال الاستاذ /حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي، المعنون: يبدو ان الكيزان قادمون بسرعة الصاروخ، المنشور على موقع سودانايل: 8 July, 2023

ظللت اتابع ما يكتبه الاستاذ/ حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي، على صفحات سودانايل ،قبل نشوب الحرب،وحين كان يمهر توقيعه بمعلم في المعاش ،فتكونت لدي فكرة ان الرجل صاحب تجربة، ومن ثم تلمست منه الاعتدال في تقيييم الامور، وظللت اتابع ما يكتب حينما ذهب الى مصر معرفا نفسه بأنه لاجيء في مصر ، ،ولكنني اطلعت اليوم على مقاله المعنون: يبدو ان الكيزان قادمون بسرعة الصاروخ ،ورايت انه لا بد من التعليق على ما ورد فيه والاختلاف معه في بعض النقاط ،مع الاحتفاظ بالود -على البعد -للاستاذ حمد النيل ،وكما قيل فإن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
1-بدأ الاستاذ مقالته بسرد مجريات الاحداث منذ بداية الثورة وكيف سارت الامور بعد ان دخلت قيادة القوات المسلحة او اللجنة الامنية للبشير على المسرج السياسي ،وتعيين ابن عوف ورفض الثوار له واستقرار الامر على البرهان وزمرته :الكباشي والعطا وابراهيم جابر، وسعي الجميع مع "قحت"، للمسير في الفترة الانتقالية التي كان ينيغي ان تهيء الاجواء لاجراء انتخابات حرة ونزيهة يتحول بموجبها السودان الى دولة ديمقراطية يتداول فيها الحكم بين الناس.وهذا عرض معروف ومشهود ولا خلاف حوله .
2- عرض الاستاذ للفترة الانتقالية،وبدأ بالثناء على حمدوك ووصفه بالإنسان الراقي البشوش المتواضع العالم .ثم ذكر ان حمدوك عمل مع فريق عمله بدأب ومثابرة على انتشال البلاد من الوهدة التي اوقعتها فيها الانقاذ!!!، ونجحوا في وقت قياسي في تصحيح بعض أخطاء الإنقاذ المدمرة وارجعوا السودان الي دائرة الثقة والعالم ممثلا في جمعيته العامة ،وصار جواز سفرنا يتبختر بين المطارات رافعا رأسه في اباء وشمم بعد ان مرغ به الكيزان الأرض" .ورغم تمتع حمدوك بخلق حسن وتواضع جم كما اشار الاستاذ، ولكن حتى في هذه الصفة اختلف حوله الناس، فمنهم من اعتبره " المؤسس"،ورفع هولاء شعار "شكراً حمدوك"، تعبيرا عن وقوفهم معه،وتأييدهم له ،ومنهم من التصقت بذهنه صورة حمدوك، وهو الاقتصادي الخبير !!! ، يقف خلف حميدتي ،وهو يلقي خطابه كرئيس للجنة الاقتصادية ، ،وكون من ثم صورة مغايرة عن الرجل .ومهما يكن من انطباع شخصي عن الرجل واختلاف الناس حوله ما بين ذام ومادح ،فان اي تقييم لاداء حمدوك خلال الفترة الانتقالية التي تقلد فيها رئاسة الحكومة ، يتبين له ان اداء الرجل المهني،لم يكن بمستوى سلوكه الشخصي، وخلقه العالي. واذا نظرنا الى الفترة الانتقالية التي تولى فيها حمدوك الحكم مرتين،نجد ان اهدافها- كما هو معلوم ومنصوص عليها في الوثيقة الدستورية- تتمثل في: معالجة الضائقة الاقتصادية ومشاكل الحياة المعيشية للناس ،واحلال السلام في ربوع البلاد، وتفكيك التمكين، وحلحلة مؤسسات النظام البائد. وتهيئة البلاد والاجواء لاجراء انتخابات حرة ديمقرطية يتم من خلالها التداول السلمي للسلطة،والتوزيع العادل للثروة،وذلك عن طريق تنزيل شعارات الثورة الحرية والسلام والعدالة الى ارض الواقع .وكان ينبغي على حكومة حمدوك ،بداية، ان تعكف على وضع استراتيجية لتنفيذ هذه المهام بدلا من الانصراف والانشغال بقضايا هامشية ،ما كان ينبغي ان تعرض في هذه الفترة الانتقالية،وهي حقيقة لا تخدم الا فيئة معينة من اصحاب الاجندة الايدلويجية ،مثل: علمانية الدولة والعلاقة بين الدولة والدين، والتطبيع مع العدو الاسرائيلي،وتغيير مناهج التعليم ،وإثارة قضية حقوق المرأة، والتوقيع على اتفاقية سيداو ،الى غير ذلك من القضايا الخلافية التي اثارت قطاعاً واسعاً من المجتمع وشغلت الحكومة بقضايا انصرافية بعيدة عن بنود الوثيقة المشار اليها اعلاه،.اضافة الى جلب حمدوك للبعثة الاممية وتقييد البلاد ببنودها،وقضية التعويضات التي دفعت فيها ما يقارب ال:370 مليون دولار امريكي من معاش الشعب ،عن عمل ارهابي ( تدمير سفارتي امريكا في بعض البلاد الافريقية وتدمير الباخرة كول في ميناء عدن) اتهم به السودان. وهذه اتهام جرم بسببه النظام السابق ،وهناك جدل حول مدى مصداقية هذ الاتهام . وقد ارتكب حمدوك ومن اشار عليه، خطأ بليغا،في الاقرار بهذا الاتهام ودفع المبلغ المذكور اعلاه. ـوكان يمكن ان تقدم الحكومة السودانية ،دفعا قانونيا قويا ،ويحتج بانه في فترة انتقالية، ومن قام بتلك الممارسات الارهابية -لو صحت- نظام قد ازالته الثورة ،وهي الان تتابع من قام به وتحاسب رموزه،ولا ينبغي تحميل الثورة التي رفعت شعار السلام والعدالة جريرة نظام قامت باسقاطه. ولا يحمل الشعب السوداني كل ما قام به النظام السابق.اضافة الى انه خلال فترة حكم حمدوك، تم ترفيع طرف من اطراف المنظومة العسكرية ،وهو الدعم السريع ،ورفعت اسهم قائده حميدتي ، وافسح له المجال للتمدد والتمكين لقواته حتى اصبحت منافسة للقوات المسلحة وزاحمتها على معسكراتها ومواقعها الاستراتجية،واسند الى حميدتي مسؤليات ليس مؤهلا لها كقيادته للوفد المفاوض لاتفاقية سلام جوبا، وترأسه للجنة الاقتصادية ،الى غير ذلك من التصرفات التي جعلت حميدتي يتطلع الى ان يتولى رئاسة الدولة. الامر الذي قاد الى الحرب ،الدائرة الان.واحسب ان هذه كلها ممارسات واخفاقات ،تطعن في كفاءة حمدوك ونجاحه في الفترة الانتقالية التي تولى فيها المسؤولية.
3-اما لجنة ازالة التمكين وتفكيك نظام الانقاذ،التي وفقا لعبارة االاستاذ :" قد سببت لهم( للكيزان) السعار، وبها النوم جافاهم بالليل والنهار"، فقد كان يتوقع ان تتحقيق من خلالها العدالة التي تعد من شعارات الثورة الثلاثة ( حرية وسلام وعدالة) ،ولكن اللجنة للاسف جمعت كل السلطات، سلطات البوليس والنيابة العامة والقضاء والاستئناف اضافة الى تصريح رئيسها انها لجنة سياسية وبذلك اصبحت الخصم والحكم ، ومن ثم وقعت في شرك التمكين المضاد،إذ لم تتبع اللجنة المنهج الثوري ولا العدالة الانتقالية،واصبحت تحوم حولها الشبهات،وبدأ يزحف الى اروقتها الفساد.وكان ينبغي بداية ان يفصل بين التحقيق القانوني في الملفات التي وضعت امامها، وتطبيق القانون ، ولكن اللجنة بتكوينها وممارساتها، اتخذت من نفسها الخصم والحكم. مما شكك في حيدة اللجنة في القضايا التي عرضت عليها. فضلا عن وصفها للضحايا-الذين اتهمتهم اللجنة ،وصادرت ممتلكاتهم ،واساءت اليهم ،،وشهرت بهم - بأنهم حفنة من الحرامية واللصوص من منتسبي الانقاذ . وهي تهم لم تستطع اثباتها اللجنة بالطرق القانونية،والحكم عليهم بموجبها، وبدلا من اتباع الطرق القانونية ،من التحري وتوجيه التهمة ،واطلاع المتهم على التهمة الموجهة اليه،واعطائه الفرصة للدفاع عن نفسه ،وتكوين لجنة للاستئناف،لتلافي الاخطاء وانصاف المظلومين، كانت اعمال اللجنة اشبه ما تكون بالعرض المسرحي ،وبرنامج الدراما ،الذي ينتظره المشاهدون كل خميس ،ويستمتعون بالعرض الشيق الممتع ،بينما تعيش اسر المتهمين احلك لحظات حياتهم ،. وقد استنكر مثل هذا العرض المعيب،ووالسلوك المشين، كثير من العقلاء، ونبه بعض الحقوقين والقانونين ، الى ما في اجراءات اللجنة من خلل ومجافاة للقانون في سير القضايا ،و قدموا النصح للجنة بعدم السير في هذا الطريق البعيد عن العدالة ،ولكن لم يستمع اعضاء اللجنة للنصح ،واخذتهم العزة بالاثم، والنشوة بالعرض المضحك المبكي في نفس الوقت ، واعجبهم تصفيق البعض ، واستمتاعهم بتلك المشاهد المسرحية، ولا غرابة ان تؤول اللجنة الى ما آلت اليه ،وان تذهب او تجمد غير مأسوف عليها.
4- وقد ابدى الكاتب تحامله على من اسماهم بالكيزان ووفقا لعبارته :" فحقد الكيزان علي الثورة وعلي حمدوك شخصيا لاتحده حدود أما لجنة إزالة التمكين فهذه قد سببت لهم السعار وبها النوم جافاهم بالليل والنهار !!..استشعر الكيزان الخطر الماحق وان عودتهم للحكم أمامها متاريس لجنة إزالة التمكين وأداء حمدوك المتين ومن خلال اذنابهم العسكريين جاء انقلاب أكتوبر المشؤوم"
وقد اصبح لفظ الكيزان من الالفاظ الملتبسة واتخذ اداة ينفث من خلالها كل حانق حنقه على الإسلاميين ،واصبحت عبارة: " كل كوز ندوس دوس"،من الشعارات التي تضاءلت امامها شعارات الثورة الاصلية: الحرية والعدالة والسلام، ولم يميز كثير ممن يرددون هذا الشعار،بين من اجرم وتعدى من الاسلاميين وبين كثير منهم ممن عانوا، من نظام الانقاذ اكثر من الفيئات التي تناصبهم هذه الايام العداء ،والذين فتحت لهم الانقاذ دورهم وظلوا يمارسون نشاطهم ،وكرمت موتاهم.في الوقت الذي قتل فيه الاسلاميون الشرفاء على يد اخوانهم الكيزان ،وسجن كثير منهم وحرموا من وظائفهم وقادوا مواكب الثورة ضد الانقاذ حتى سقطت غير مأسوف عليها.
فقد درج بعض الكتاب على تعميم الاحكام والقاء التهم جزافا ووصف الإسلاميين عموما بكل جريمة تخطر على بال ،مع توجيه أحط العبارات اليهم، واستخدام ابشع الالفاظ في وصفهم،وكأن السودانيين لم يخالطوا الإسلاميين ويتعاملوا معهم ،وكانهم قوم هبطوا من كوكب آخر،وينسى هؤلاء ان الإسلاميين جزء من هذا المجتمع لديهم اسرصغيرة وممتدة، ينتمون الى قبائل وعشائر ،عرفهم الناس وتعاملوا معهم،ولم يجدوا من عامتهم الا الصدق في القول والامانة في المعاملة
،.والظاهر ان شتم الإسلاميين وسبهم والاساءة اليهم وشيطنتهم، اصبح موضة في هذا الزمان الرديء الذي غابت فيه الضمائر، وفقد كثير ممن يمسكون القلم،امانة الكلمة ومسؤولية الكاتب عن ما تخطه يداه،ويبدو للمتابع لما يكتب في وسائل التواصل الاجتماعي ،ان المقصود بهذه الشيطنة ليس الاسلاميين، بشخوصهم ، بل المقصود من وراء تحقيرهم الطعن فيما يحملون من فكر وقيم،والهدف في النهاية هو الاسلام الذي فشل -حسبما توحي كثير من الكتابات-، في تربية انسان له قيم انسانية، وخلق مجتمع معافى . ولو سلمنا بأن بعض الاسلاميين وقعوا في بعض الاخطاء فليسوا ملائكة بل هم بشر منهم المخطئء والمصيب، والمقتصد والظالم لنفسه ولم يدعي ايا منهم الطهر المطلق او العصمة من الخطايا ،وفي نفس الوقت ليسوا شياطين حتى ينطبق على جميعهم انهم قتلة فاسدين ومفسدين.
واخيرا فإن الاستاذ يبين الهدف من مقالته فيقول:" مناسبة هذا المقال أننا قد نكون لاحظنا جميعا ضراوة الهجوم علي ( قحت ) المكتب المركزي، وعلي حمدوك والثورة، وهذا يدل علي ان هذا الثلاثي كان في قمة النزاهة والشفافية والمسؤولية، ولولا ذلك لما أتت مذمتهم من ناقص، وهذه شهادة لهم بأنهم علي خلق ودين ومحبة لوطننا هذا الجميل الرصين!!.." . ورغم اختلافي مع الاستاذ فيما مدح به الثلاثي ،وما الصقه من ذم بخصومهم ،فإني اكتفي بايراد التعليق التالي والذي سبق ان سطرته حين علمت بخبر ذهاب وفد" قحت"، الى يوغنده للقاء رئيس الدولة موسيفينى،حيث كتبت : "كان على الوفد السوداني الذي يضم ثلة من قحت، وبعضهم استوزر في حكوماتهم الفاشلة،و,بعضهم اصبح عضوا في مجلس السيادة على غفلة من الزمن، لو كانوا سياسيين محترفين لعقدوا اجتماعهم ، في احدى المدن الآمنة في الولايات التي لم تطأها اقدام الجنجويد النجسة، مثل مدني او بورتسودان،او عطبره،حتى يدرءوا عن انفسهم تهمة التواطؤ مع المتمردين. ويلعبوا سياسة صح . لكنهم جميعهم هواة ونشطاء، ومن ثم لجئوا لموسيفيني الذي يحكم يوغندا لاكثر من ثلاثين عاماً ،ولم يبني في يوغندا ديمقراطية، ليقدم لهم النصيحة، وكما قيل فاقد الشيء لا يعطيه".. وفي الختام تحية وسلاماً.
Ahmed Mohamed Ahmed Elgali
ahmedm.algali@gmail.com

 

آراء