حرب الظل

 


 

 

منذ اليوم الأول الذي إندلعت فيه الحرب اللعينة، إخترنا موقفنا الذي ربما فاجأ الكثير من الأصدقاء.
وقتها قلنا أن بلادنا دخلت مرحلة من النضال لا تقبل الحياد.
قلنا ذلك، ليس لأننا أنبياء أو رسل نتلقى الوحي من المولى عز وجل.
بل لأننا ننطلق من وعينا بطبيعة تكوين وتفكير مافيا المال والسلطة والسلاح التي تتزيأ بشعارات الدين المنافقة.
أنا سعيد وفخور بموقفي وأعتبره أنبل وأشرف موقف في حياتي يكمل مسيرة نضال شعبنا الجسور ضد نظام الإنقاذ الذي سطى على الديمقراطية في عام ١٩٨٩م عبر إنقلاب عسكري مشؤوم ..
منذ اليوم للإنقلاب إخترنا أن نقف ضده وتحملنا تبعات موقفنا حتى إندلعت ثورة ديسمبر المجيدة التي غبيت الطاغية عمر البشير من المشهد السياسي.
برغم تشكيل حكومة مدنية بقيادة د. عبدالله حمدوك لكننا لم ننخدع بمسرحية التغيير لذلك لم نشارك في الفترة الإنتقالية، بل ظللنا نلفت إنتباه قوى الحرية والتغيير للأفخاخ المنصوبة من قبل مافيا المال والسلطة والسلاح.
وقد حذرناهم من عواقب ما سمى وقتها بإتفاقية سلام جوبا، وما تحمله من خناجر مسمومة... وهنا أذكر بمقال جاء تحت عنوان: الذهاب إلى جوبا خطأ تاريخي تتحمله قوى الحرية والتغيير.
والآن وبعد مرور أكثر من ثلاث شهور بذات الوعي نقول: أن الحرب الدائرة الآن في الخرطوم هي إحدى نتائج تلك الإتفاقية المغلومة، وبذات القدر نجدد العهد والوعد بأننا ضد الحرب. وضد الفلول الذين أشعلوا (حرب الظل) للقضاء على قوات الدعم السريع التي أعلنت إنحيازها لخيار التحول المدني الديمقراطي ومن ثم القضاء على ما تبقى من قوى الثورة.

لكن خاب ظن الفلول، وها هم يحصدون الهزائم المتتالية، للدرجة التي دفعتهم للخروج من الظل والإعتراف لقواعدهم في شرق السودان، بعد أن وجدوا الحماية من الكوز ترك هذا الخنجر المسموم، الذي إستغل البسطاء من أهلنا الهدندوة ووظفهم ضد مصالحهم...
إنها واحدة من سخريات القدر أن يكون شرق السودان مدخلاً للخزي والعار!
وملاذاً آمنا للقتلة الأشرار ... الحرب الدائرة ليست حرب البسطاء في شرق السودان، هي حرب القوى الطفيلية التي عاشت على حساب مآسي الفقراء الذين حرمهم الظلم من أبسط حقوقهم في الأمن والإستقرار والتنمية والصحة والعلاج والتعليم.
الحرب هي حرب الطفيلية الكيزانية، التي لا خيار أمامها سوى الإستمرار فيها، لأن وقفها يعني هزيمتها وإنكشاف مؤامرتها الشريرة التي نسجت خيوطها في الخفاء لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء...
الفلول أغبياء .. ( والغباء موهبة) لذا، جعلوا الدين مشكلة بدلاً من الحل.
الكيزان الأغبياء يختزنون بذور الجهل والتخلف والجشع، لذلك يراهنون على الحرب والفوضى.
الفرق بيننا وبينهم .. هو كالفرق بين الليل والنهار .. هم يراهنون على القهر والإستبداد والفساد لسرقة أموال الفقراء والكادحين باللف والدوران والشعارات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني عن جوع بل توطن الفقر والدمار والخراب في النفوس والعقول والحياة العامة.
بينما نحن نراهن على الحرية والمعرفة والإستنارة لترسيخ الديمقراطية وصون الحرية وتحقيق العدالة والإجتماعية.
الإستنارة هي نحترم إنفسنا ونحترم غيرنا ونسعى لتشييد جسور متينة بيننا وبينهم مبنية على الحب والعدل، في إطار دولة القانون والمؤسسات.

"لا تخف من الظلام فقط أحمل معك الضوء"

الطيب الزين
Eltayeb_Hamdan@hotmail.com
////////////////////

 

آراء