روح الانتقام والتكبير في الحرب العبثية السودانية

 


 

 

بالتاكيد ومما لا يدع مجالا للشك ان هناك مس من الجنون اصاب قيادات الطرفين المتحاربين ( الجيش والدعم السريع) .. ذلك ان هذا الاقتتال الذي يحتوي علي روح انتقام عجيب اصاب الطرفين يجعل المرء يتساءل .. هل ان ماحدث هو بسبب الرغبة في السيطرة علي مقاعد الحكم ام ان هناك اسباب اخري.
و يعتقد بعض الناشطين ان هناك قوي اجنبية تهدف الي تفكيك الدولة السودانية من جذورها.
لان الطرفان المتقاتلان يعلمان تمام العلم ان هذا الشعب السوداني ( فريد عصره) لن يقبل اي منهما لادارة شؤون البلاد اطلاقا مهما كانت درجة التحريض علي مواصلة الاقتتال عالية الوتيرة وتكتنز علي حقد عجيب اظهرته منصات التواصل ويغذيه الاغبياء من اعلام الطرفين .. للدرجة التي جعلت العديد من ابناء هذا الشعب قد باتت لديهم قناعات تامة ان هذه الحملات الاعلامية مدفوعة الثمن سواء كانت داخل السودان او خارجه .
وسوف تدور الايام دورة كاملة وبعدها ستتضح الكثير من الامور التي تجري خلف الكواليس الان .
ولكن الذي يثير الدهشة فعلا هو ان اطراف هذا الصراع العبثي يتبعون اقبح العادات في الحروب وهي عرض قتلاهم في جميع الوسايط بالفيديوهات وبفرحة غامرة ويصحبها عبارة ( الله اكبر .. الله اكبر )
بدون اي احترام لحرمة الموتي وجميعهم من ابناء هذا الشعب النبيل الذي كتب عليه الموت المجاني لعشرات السنوات من قبل ..
فقد كان الفقد عظيما في حرب الجنوب الممتدة منذ العام ١٩٥٥م وانتهت بفصل الجنوب عنوة واقتدارا ثم دارت الدوائر علي شعب دارفور بحركاته المسلحة ثم اطل القتل بوجهه القبيح ابان ثورة ١٩ ديسمبر ٢٠١٨م .. ولم يتوقف القتل المجاني بعد فأطلت مجزرة فض الاعتصام بوجهها القبيح ايضا ومن ذات العناصر التي تتقاتل اليوم ( يا سبحان الله ).
فقد صنع الرجال الوطنيون الشرفاء من قبل اكبر عملية سلام لاطول حرب في افريقيا والمتمثلة في مبادرة الميرغني قرنق باديس ابابا بتاريخ ١٦ نوفمبر ١٩٨٨م لايقاف حرب الجنوب والتي لايعلم عنها شباب اليوم شيئا وكيف ان ذلك السلام كان سينقل بلادنا الي مصاف الدول المتقدمة ويبعد عنها شبح فصل السودان الي دولتين وعدم فقداننا لمثلث حلايب وشلاتين بسبب المحاولة الدنيئة لاغتيال الرئيس المصري الاسبق مبارك في العاصمة الاثيوبية للمشاركة في اجتماعات القمة الافريقية .. غير ان الحقد الاعمي علي شعبنا وليس علي الاتحادي الديمقراطي بصفة خاصة فحسب جعل الاغبياء يستعجلون قلب نظام الحكم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩م وبلا هدف محدد وبذات كتائب الظل التي ارتدت زي القوات المسلحة الباسلة وقتذاك.
فتلك كانت المؤامرة الكبري التي دفع شعبنا ثمن نتائجها المدمرة المتواصلة منذ ذلك الزمان وحتي اللحظة ..
فتواصل الانهيار والقتل وسفك الدماء وبيوت الاشباح وانتهت بصراع الاسلاميين مع بعضهم البعض .. واعترت روح الانتقام الطرفين . فضاعت الدولة وتفككت مشاريعها الاستراتيجية والتي مللنا من ذكرها باستمرار .
وما هذه الحرب العبثية الحالية الا نتاجا لكارثة ذلك الانقلاب المشؤوم الذي تم في العام ١٩٨٩م فالعبرة بالنتائج وايضا العبرة بالخواتيم.
لان الاخطاء ظلت تتراكم وتتراكم الي ان انتهت بحرب درارفور وتكوين الدعم السريع و تلك الابادة القبيحة الكريهة التي اوصلت قيادات الدولة الانقاذية الي محكمة الجنايات الدولية في العاصمة الهولندية لاهاي.
كل ذلك اتي نتيجة للحقد علي هذا الشعب الصابر النبيل وفرملة مسيرة السلام التي كانت ستأتي عقب مبادرة الميرغني قرنق ..
فقد اندهش كل العالم وقتذاك كيف يرفض الاسلاميون السلام الذي صنعه الرجال من قيادات الشمال والجنوب معا وبقناعات تامة بأن( الصلح خير ) .
وحتي اللحظة يجري الحقد علي شعبنا من الرافضين لايقاف هذه الحرب الجارية الان. برغم التشرد الذي ضرب سكان عاصمة البلاد في مقتل واصبح ١٢ مليون نسمة في مفترق الطرق بين لحظة وضحاها .. كيف يعيشون وكيف يتعالجون وكيف يتمكنوا من توفير مافقدوه من ممتلكات لعدد خمسه مليون بيت تم نهبها ( علي عينك ياتاجر ) بسبب تعطل اعمال الشرطة والامن وهجرة قياداتها الي خارج الوطن بما في ذلك هروب قائد الشرطة.
وكيف يمكن اعادة عجلة التعليم والتوظيف وتأهيل المصانع والمزارع والشركات .
و كما قلنا هنا يجب ان يتوقف عرض فيديوهات قتلي هذه الحرب العبثية بمناظر اجسادهم الممزقة ورؤسهم المهشمة ودمائهم التي تملأ الطرقات والميادين ؟
فالعرف والاخلاق والشرف كلها تمنع تصوير وعرض ضحايا مثل هذه الحرب الملعونة التي دمرت اجمل بلاد الدنيا في نظرنا .
لذلك نقول ان الذين افتعلوا هذه الحرب قد اصابهم مس من الجنون بمثلما اصاب مناصريهم في منصات التواصل ذات المس . فقد اصبحت حرب وسائط وحرب ميدان ايضا.
ولله الامر من قبل ومن بعد .
اللهم احفظ بلادنا من سيطرة المجانين واعد لها امنها واستقرارها بأعجل مايمكن وليذهب المجانين من حيث اتوا وليتركوا لنا بلادنا الجميلة ليحكمها المدنيون الشرفاء من ابناء هذا الشعب النبيل وشبابه المتوثب لصنع غد افضل له ولتحقيق كل طموحاته..
فهل يسمعون؟؟
والله اكبر ...الله اكبر
bashco1950@gmail.com
///////////////////////

 

آراء