ماذا يجني الجيش السوداني من قصف مدن وأحياء الهامش؟

 


 

 

بقلم: إبراهيم سليمان
لم يختلف سلوك الجيش السوداني الغاشم طيلة عمره المديد، في حربه العبثي مع الحركات المسلحة، التي تمردت علي السلطات المركزية عبر العقود، عن مواجهاته المصيرية الحالية مع قوات الدعم السريع، دائماً تتخذ القوات المسلحة السودانية، ذريعة الحرب مع ثوار أبناء الهامش للتشفي، وإفراغ الحقد على أهاليهم، سيما متى ما منيت بهزائم ميدانية. تتخذ في ذلك كافة الوسائل اللاأخلاقية للنيل منهم، من تقتيل وتهجير قسري، وتمزيق شملهم الاجتماعي. تكرر ذلك في حربها مع الجنوب سابقا، ودارفور وجبال النوبة وإقليم الشرق.
فلا غرابة في أن يستهدف الطيران الحربي منذ اندلاع حرب 15ـــ أبريل مدن نيالا والضعين والفاشر والمجلد وبابنوسة وقرى جبال النوبة البعيدة كل البعد عن ساحات المواجهات، وأخيراً مدينتي مليط وكبكابية بشمال دارفور. وحتى في العاصمة كانت تستهدف بصورة انتقائية مفضوحة أحياء طرفية، تركيبتها السكانية معروفة للقاصي والداني. تفرغ براميلها المتفجرة على أحياء سكينة ليست بالضرورة أن تكون بها إرتكازات لقوات الدعم السريع. إذ لم يعلن الجيش على أنه قتل في غارة من غاراته الغادرة متقاتلين من قوات الدعم السريع، بينما اغتالت فيها الآلاف من المواطنين العزل، نساءً وأطفالاً وشيوخاً!
من الواضح أنّ سلاح الجو للجيش السوداني القاتل، لا يروق له أن ترى المناطق التي خضعت لسيطرة قوات الدعم السريع تنعم بالطمأنينة والاستقرار، لذا يمارس مع المواطنين العزل في هذه النطاقات الشاسعة، سياسة "سهر الدجاج ولا نومه" على إنها حواضن افتراضية لقوات الدعم السريع، التي لم تستأذنهم في السيطرة على مدنهم، وإنما اقتلعتها من الجيش قوةً واقتدارا، وبالتالي فإن مواطني مدن نيالا والضعين والفاشر ومليط وكبكابية، وكذلك أهالي أحياء مايو وأبو آدم جنوب الخرطوم، ومواطني قندهار والشقلة والصالحة وسوق ـ 6 بزقلونا وقرى جبال النوبة، مستهدفون من الجيش الدولة المركزية لهويتهم ليس إلاّ، والمثل بقول: "لا تقذف الناس بالحجارة، وبيتك من زجاج" سيما بعد أن امتلكت قوات الدعم السريع مسيرات قتالية عابرة للولايات والأقاليم.
بكل تأكيد، لن يجني الجيش السوداني، من استهدافه لمدن وأحياء وقرى الهامش السوداني، نصراً مؤزرا على قوات الدعم السريع، قيادات هذا الجيش القاتل يعلمون ذلك، لكن لن يهون عليهم تفويت هذه السانحة، في التشفي، وإفراغ الكراهية وإضعاف هذه المكونات، وتعطيل نمو وعيها، في محاولة يائسة وبائسة لإرجاء ساعة تحررها من التبعية القسرية للمركز، التي تستغل مواردهم، وتعبث بمقدراتهم، لتنعم نخبها بالثروة والسلطة إلى الأبد، ولكن هيهات.
إن ربح الجيش السوداني الحرب المصيرية المشتعلة بضراوة الآن أم خسرها، فلن يعيد ذلك عقارب الساعة إلى ما قبل يوم 15 أبريل 2023م المفصلي في تاريخ السودان، وبمحاولته نفخ الروح في دولة ــ 56 المحضرة، عن طريق قصف مدن وأحياء الهامش بالبراميل المتفجرة، كمن يحاول إدخال الجمل في سم الخياط.
لن يجني الجيش السوداني "من شوك" استهدافه لأهالي الهامش، عنب الرضى والخنوع، بل العكس من ذلك، يزيد هذا التصرف الأرعن من الوحشية المعطونة في الغل، من إصرارهم على دك قواعد دولة/ جيش دولة ـــ 56 والمطالبة بتأسيس الدولة السودانية الفدرالية الحديثة، القائمة على الندية والمواطنة المتساوية، المنزهة عن الاستعلاء، والاستعداء غير المبرر، المحمية بجيش وطني وقومي، يحمي المواطن ولا يقتله تحت أي ذريعة، ويذود عن حمى الوطن. يحمي الدستور، ويحّرم على قياداته الولوغ في شأن السياسة والتجارة. دولة فدرالية، تكون الكلمة الأخيرة للبرلمانات الإقليمية، وليست للنخبة المركزية الفاسدة والمجرمة.
نحيّ ذكرى 6 أبريل ــ 2019 المجيدة، وبهذه المناسبة، فليعلم سلاح الطيران لدى الجيش السوداني، أنّ تفجير البراميل على رؤوس الأبرياء، لن يعيد نظام الإنقاذ أو الحركة الإسلامية للسدة الحكم مرة أخرى، في ذلكم اليومي المفصلي، قال الشعب كلمته الواضحة والمدوية في حكم الإسلامين الفاسدين ولن يتراجع عنها أبداً.
# لا للحرب.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 144//

 

آراء