مع الكباشي على الماشي

 


 

فيصل بسمة
29 March, 2024

 

فيصل بسمة

بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

و يستمر مسلسل أحاديث فرقآء اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) الرمضانية المسلية ، فها هو الفريق (أركانحرب) شمس الدين كباشي الذي بدأت تبدو عليه مظاهر الصحة و العافية و الحيوية يخرج حآئماً يخاطب تخريج دفعة من قوات حركة ”تحرير“ السودان جناح ”القآئد“ أركو منو مناوي في مدينة القضارف في شرق السودان...
و ضمن حديثه وصف الفريق كباشي حدث تخريج جنود حركة ”التحرير“ بأنه (نوعي و فريد) و (إضافة نوعية جديدة) ، مما أعاد أذهان الشعوب السودانية إلى أجوآء و أيام فات عليها زمان ، أيام رجعت بالشعوب السودانية الصابرة المكلومة إلى حفلات تخريج ”أشاوس“ الدعم السريع (مليشيات الجنجويد) من معسكرات كانت تحيط بالعاصمة المثلثة إحاطة السوار بالمعصم...
و قد كادت إستهللات كلمات التخريج أن تتشابه/تتطابق مع أحاديث قادة القوات المسلحة في حفلات تخريج الجنجويد (الدعم السريع) إبان الفترة الإنتقالية من حيث محتوى الخطاب الكيزاني المعهود و التكبير و التهليل و صيحات الحماس و كذلك النظارات الشمسية ذات العلامات التجارية التي تقي عيون القادة العسكريين إشعة شمس بلاد السودان الحارقة المسببة للمياه البيضآء ، و لكن الفارق الملاحظ هذه المارة كان في: إستخدام عبارة (التَّدبِيل) و رفع علم حركة تحرير السودان الذي يطابق علم بلاد السودان ما قبل التغريبة/التعريبة النميرية و حضور القآئد الجنرال (أركانتمرد) المارشال/الكومرد مَنِّي أَركُو مَنَّاوِي الرافض لديمقراطية الشوآذ جنسياً و غياب الفريق (أركانخلا) محمد حمدان دَقَلُو (حِمِيدِتِي)...
في نهايات الخطاب أخبر الفريق كباشي ”الجنود“ المتخرجين من بتاعين الحركات المسلحة ، التي تمردت و رفعت السلاح يوماً ما في وجه السلطة و الدولة و القوات المسلحة السودانية ، بأنهم قد أصبحوا عساكر و طلب منهم أن (يملأوا الأرانيك) تحضيراً للترتيبات الأمنية و الإندماج و منح الرتب و الإستحقاقات في وقتٍ لاحقٍ...
و كان الفريق كباشي قد سبق و أحدث في مستمعيه خدراً و وهماً عظيمين و أمل عندما صرح قآئلاً بأن:
(الحرب ما أساس... الأصل هو السلام)
و أن:
(السلام من أسمآء الله سبحانه و تعالى... و أن السلام أخلاقي و رباني)
و قد أسر الفريق كباشي بتلك الجزئية من حديثه بعض/كثير من الحضور و الذين من دونهم و جهات خارجية ، و ذلك عندما عرج على المقاومة الشعبية و الإستنفار و أقر بأنهما في حوجة إلى ضبط و سيطرة ، ثم صرح بأنهم يعملون على إصدار قوانين (شغالين في قانون) تنظم و تضبط العملية ، و الغالب أن تغضب هذه الجزئية من الخطاب: كتآئب البرآء بن عازب و الظل و أخوات نسيبة و الفرقآء من أعضآء اللجنة الأمنية العليا الداعمين للبَل و الجَغِم و المَتِك و قيادات في الجماعة و التنظيم و كذلك جداد الغرف الإلكترونية الكيزانية...
و كان الفريق الكباشي قد أعلن محذراً أن الخطر الخطر القادم سوف يكون في المقاومة الشعبية!!! ، و منعاً للمخاطر و درءً للفتن طالب الفريق الكباشي بجمع السلاح ممن هم خارج السيطرة و المعسكرات...
و إحساناً بالظن فأن الإعتقاد هو أن الفريق كباشي كان يقصد و يعني جماعات المقاومة الشعبية و كتآئب المستنفرين من حملة الأسلحة الثقيلة بتاعين: البَل و الجَغِم و المَتِك و التَّدبِيل ، و لا يعني المقاومة الشعبية بتاعة:
سلمية سلمية... ضد الحرامية...
حرية... سلام و عدالة... مدنية خيار الشعب...
ثم أمتدت تحذيرات الفريق كباشي لتشمل السياسيين مذكراً أياهم و الحضور و الذين من دونهم أن المقاومة الشعبية/الإستنفار يجب أن لا تكون عرضة للإستغلال السياسي ، و أنها ليست بازاراً أو سوقاً سياسياً ، و أن السياسة يجب أن تمارس خارج معسكرات الجيش!!!...
و عندما يسمع المرء المحايد القادم من كوكب زحل مثل هذه الفقرة الرصينة من حديث الفريق كباشي عن (السياسة بعيداً عن معسكرات الجيش) فسوف يعتقد إعتقاداً جازماً أن المتحدث ليس هو ذات الضابط الصغير و الكادر المتأسلم المنظم في صفوف الجماعة الذي ظهر في أول صور جماعة الإنقلاب الإنقاذي الكيزاني مصطفاً خلف قآئد الإنقلاب السياسي العميد ركن عمر حسن أحمد البشير ، و أنه لا ينتمي إلى الجيش الذي إعترف رئيس هيئة أركانه الفريق هاشم عبدالمطلب بأنه كادر متأسلم منظم يأتمر بأمر أمير الجماعة (الكيزان) ، أو أنه الجيش الذي تحقق مع قياداته العليا المتأسلمة السفيرة (أخت نسيبة) سنآء حمد العوض!!!...
بعد ذلك طالب الفريق كباشي بعدم دخول الكاميرات إلى المعسكرات ، و ذَكَّرَ الجميع أنه ( ممنوع التصوير) عند الإقتراب من الأماكن العسكرية ، و المنع تقليد/قانون عسكري قديم نسفته نسفاً الهواتف الذكية الجوالة ذات: الكاميرات و البِكسِلَات pixels المتعددة و المسميات و الخآصيات و التطبيقات ، و المتصلة إتصالاً مباشراً بأسافير الشبكة العنكبوتية ، و المحمولة في جيوب الجند المحمولين أرضاً على ظهور المدرعات و التاتشرات و المجروسات و الموتورسيكلات ، و الذين يحرصون حرصاً عظيماً على القيام بدورهم الجديد كمراسلين عسكريين ميدانيين متخصصين في إنتاج اللايفات و البودكاست التي توثق جميع أحاديث و حركات و سكنات القادة و المتحركات و المعارك و الإنتصارات و أدق تفاصيل عمليات: البَل و الجَغِم و المَتِك و التَّدبِيل و كذلك الشَّفشَفَة...
و قد ذكر الفريق كباشي الحضور و المراقبين و الذين من دونهم أن على الطرف الآخر في الحرب (المتمرد) الإلتزام بمخرجات إتفاق جدة بحذافيرها ، و أن المسألة ليست في من الذي أطلق الرصاصة الأولى في الحرب ، و لكن من هو الذي سعى و خطط و دبر لها!!!...
و كأن الفريق كباشي قد إشتم ما هو قادم في مقبل الأيام من التحقيقات و المحاسبات و المحاكمات التي تجعل المرء يتحسس رقبته و أماكن دخول و خروج النفس ، و كيف أن كثير من النزلآء قد تحدثوا عن الذباب و الناموس و الفئران في سجون: كوبر و دَبَك و شَالَا و زَالِنجِي و عن سخانة سجن بورتسودان...
و الملفت للنظر هو إعلان الفريق كباشي في خطابه الحماسي و في لغة لا لبس فيها إلى أنه:
(لا عملية سياسية قبل قفل الملف العسكري)
مما يوحي بأن هنالك من أعضآء اللجنة الأمنية العليا ممن لا يمانعون من (العمليات السياسية) في مقبل الأيام ، لكن الفريق لم يوضح لنا:
كيف و متى و أين تقفل هذه الملفات؟...
و ما هي الجهات التي تقوم/تشرف/تشارك/تراقب عمليات قفل الملف العسكري؟...
و ما هي الجهات التي سوف تَدعِي و تلك التي تُدعَىَٰ إلى العملية السياسية؟...
خصوصاً إذا علمنا أن أعضآء آخرين في اللجنة الأمنية منقسمون ما بين الشك في وطنية سياسيين ناشطين في الشأن السوداني و ساعين/جادين إلى تخوينهم و وصمهم بالعمالة و الإرتهان للأجنبي و بين عدم الثقة فيهم و إنعدام الرغبة في الإتفاق معهم و أن لا جدوى من إجرآء حوارات معهم أو إشراكهم في (العملية السياسية) ، بحسبان أن الأزمة السودانية شأن سوداني خالص يخص فقط السودانيين المقيمين داخل السودان الجغرافي و تحديدا المنتمين إلى النظام (الكيزان) و القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى و الموازية و ربما بعض من الحركات المُصَلَّحَة و جماعات: الموالين و الأرزقية و الطفيلية و السواقط و الفواقد و المُتَشَعلِقِين (جماعات الموز)!!!...
و كان الفريق كباشي قد أكد للحضور و الذين من دونهم في جزء آخر من الخطاب أنهم (شغالين في قانون) ، و أنهم عملياً قد بدأوا عمليات الدمج و الإستيعاب و الترتيبات الأمنية ، و أنهم قد (وزعوا الأرانيك) كما تم الإشارة إليه أعلاه ، و قرآءة الفقرات و الأحاديث أعلاه تفيد أن الأمر في هذه المرحلة بيد العسكر وحدهم و أن السياسيين و الملكية يمتنعون...
و يبدوا أن هذا هو ما يرمي إليه الفريق كباشي في حديثه ، و ذلك لأنه و على طريقة (حدس ما حدس) الدرامية المسرحية أكد أنهم ، و أظنه يعني العسكر:
(ما جزء من السلطة القادمة... لكن جزء من الحوار السياسي... لأننا عندنا قضايا عسكرية و قضايا أمنية كبيرة جداً... و لكن لسنا متفرجين... و على كل القوى و الكتل السياسية و المجتمعية و المدنية أن يتفقوا على وثيقة للحكم...)
و لسنا متفرجين (عدم الفرجة) قد يعني و يتضمن المشاركة و ربما التحكم و السيطرة ، و الأخيرين هو ما دلت عليه و أكدته النغمة الآمرة/التنفيذية/الأبوية/الوصية:
(على كل القوى و الكتل السياسية و المجتمعية و المدنية أن يتفقوا على وثيقة للحكم)
و كأن الفريق كباشي لا يدري أن الأحزاب ما سميت أحزاباً إلى لتحزبها لمواقفها و الكتل لتكتلها في مجموعات متباينة و الفرق لتفرقها في الأرآء و الأشيآء ، و أن الله سبحانه و تعالى لو شآء لخلقنا أمةً واحدةً نقوم و نقع ذي بعض!!!...
و قبل الختام ذكر الفريق كباشي الحضور الكريم و الذين من دونهم أنه هنالك (سودان واحد) ، و أنهم لن يسمحوا بالتقسيم ، و أن (حكومة مدني وهم)...
و الشق الأول كلام ذي العجب ، و التاني فيه لَكنَّ و إنَّ حتى و لو كان الحكم فيدرالياً ، و ذلك لأن الراعي الجنجويدي غير مؤتمن و كَتَّال كُتَلَة مثله مثل جماعات: البَل و الجَغِم و المَتِك و التَّدبِيل و الشَّفشَفَة...
الختام:
و حتى و إن أَحسَنَّا الظن بجزئيات من أحاديث فرقآء اللجنة الأمنية العليا لنظام الجماعة الإنقاذية المتأسلمة (الكيزان) و حرصهم على: أمن و وحدة بلاد السودان و ”الحفاظ على الأرض و العرض“ و زهدهم في الحكم و رغبتهم في تسليم السلطة للتكنوقراط ثم المدنيين من بعد ذلك عبر صندوق الإنتخابات ، إلا أن الغريزة و البصيرة و التجربة و التربية تجبرنا على تذكر وعود و خيبات الفترة الإنتقالية ، و أن نستدعي قصص الثعلب الذي برز يوماً في ثياب الواعظين و الراعي محمود و هجوم النمر المزعوم ، و أن نُذَكِّرَ القوى السياسية المتناطحة و أنفسنا بقصة إحتكام القطين المتخاصمين على قطعةِ جبنٍ إلى قردٍ ماكرٍ أكل كل الجبن و خَلَّا خَشُم المتخاصمين ملح ملح ، و أخيراً نذكر أعضآء اللجنة الأمنية العليا بحكاية القرد الأعمش الذي لم يحسن التعامل مع النظارة الطبية و الإستفادة من ميزاتها ، و قام بإتلافها لجهله و عدم درايته...
و الحمدلله رب العالمين و أفضل الصلاة و أتم التسليم على سيدنا محمد.

فيصل بسمة

fbasama@gmail.com

 

آراء