ميليشيا الجنجويد والموالاة من مثقفاتية السودان القديم

 


 

 

ونقصد بالنخب والمثقفاتية في مقالنا هذا- (الصحفيون -الكُّتاب -النشطاء -الأحزاب)..
يعرّف نعوم تشومسكي أستاذ اللسانيات والفيلسوف الأمريكي، المثقف بانه هو: من يحمل الحقيقة في وجه القوة. وهذا يعني ان المثقف هو الإنسان المفكر أولا، طليعة المجتمع فكرياً، واجتماعيا، وهو الذي يثير الأسئلة، ويتبنى قضايا المجتمع وهمومه. لا يكون ــ انتهازياً يقف مع هذه الجهة أو تلك، أو يبدّل الدور بين عشية وضحاها، أو نفعيا ينحاز للسلطة، أيّ سلطة ليس بالضرورة السلطة السياسية، فقد يكون التحيّز للجهوية، أو لرجال المال، أو لشخصية ما، أو لاتجاه فكري ما ضدّ أغلبية المجتمع!
وبناءا على ما سبق ذكره، نستطيع القول وبكل ثقة ان المثقفاتي السوداني -أياً كان نوعه، هو إذن ذلك الانسان الذي لا يحمل الحقيقة في وجه القوّة. انه مثقفاتي انتهازي يخلق الصراعات والحروب، والأزمات المستمرّة متسببا في مآسي للإنسان السوداني لكي يحقق مصلحته الذاتية.
هؤلاء المثقفاتية المساكين، يوجههم المال الذي تغلغل في كل مفاصل المجتمع، يركبون حصان الانبطاح ويرتدون أحذية الذّل والهوان، يتحركون وفق إيقاع الظروف الحرجة التي تنبثق منها مفاجآت تفقع المرارة كما يقولون اهلنا في السودان
كان معظم المثقفين والنخب، قبل قيام ثورة ديسمبر "المسروقة"، ضد ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، كونها حسب رأيهم:
1/ارتكبت افظع الجرائم ضد الانسانية والتطهير العرقي في دارفور.
2/ساهمت في اخماد "هبة" سبتمبر 2013.
3/الجهة التي فضت اعتصام القيادة العامة في 2019م.
4/شاركت في انقلاب 25 اكتوبر 2021م.
5/ميليشيات عابرة للدول والحدود.
نعم، كان مطلب، تفكيك ميليشيا الدعم السريع (الجنجويد)، واستيعاب الصالح السوداني منها في قوات الشعب المسلحة، اهم مطلب، تغنى به هؤلاء المثقفاتية. لكن ما يزيد على سنتين من هذا التاريخ، وإذا بـنسبة كبيرة جدا منهم يغيرون مواقفهم وقناعاتهم، ليصنعوا من الوحش محمد حمدان دقلو (بطلاً)، عبر صناعة خطب التمجيد والشكر والدعاء له بالعمر المديد، والعقل الرشيد، والصحة الوافرة والتوفيق الدائم، ومن بعده الطوفان والحريق.
هذا الجنجويدي دقلو الذي كان حلمه الوحيد هو الحصول على الجنسية السودانية وارتداء زي جيشه، أصبح اليوم في نظر هؤلاء المثقافتية المساكين، زعيما ملهما، يوصف بالفخامة والعظمة، وأنه الراعي والحامي والضامن وبتوجيهاته السامية يحدث كل شيء، فهو النابغة والعلامة والمبدع والملهم والعبقري الذي يفهم في التعليم والسياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق والأمن..
هذا التحول السريع في مواقف المثقفين والنخب في السودان تجاه ميليشيا الجنجويد، انما دليل واضح للإنتهازية المفرطة، فهؤلاء إذاً، أشخاص نالوا من الفشل نصيبا عظيما، ضائعون وحائرون، اختاروا ان يعيشوا حياة التنقل من شخص إلى شخص، ومن حزب لحزب، يحملون كل قاذوراتهم في حقائبهم، ويحلون كالشيطان على القلوب الضعيفة.
إذا كان لهؤلاء المثقفاتية الانتهازيين، ضمير يعذبهم، لكانوا ادانوا الحرب التي تدور رحاها في السودان اليوم منذ 15 ابريل 2023م من قبل التتار الغزاة ضد الشعب السوداني. لكن ليس لهؤلاء اي ضمير، فضميرهم قد مات، وعندما يموت الضمير، يتحول الإنسان لوحش كاسر ينتظر فريسة للانقضاض عليها، وتبدو المدن كغابات موحشة، تظهر الإنسانية كلمة لا معنى لها ولا رديف.. وتصير الأسنان حادة واللحم الإنساني سهل المضغ.
ثلاثة اشهر على حرب التتار القادمين من صحراء الربع (الخالي)، فما زال هؤلاء المثقفاتية المساكين، يرفضون ادانة هذا الغزو صراحة وبطريقة لا لبس فيها.
ما زالوا يرفضون.. ادانة ميليشيا الجنجويد على احتلالها لبيوت المواطنين والمستشفيات وولخ.
ما زالوا يرفضون.. ادانة ما تقوم بها هذه الميليشيا الارهابية من عمليات لاغتصاب النساء والاطفال..
ما زالوا يرفضون.. ادانة سبي البنات..
يرفضون ادانة كل هذه الأعمال والأفعال الوحشية التي ادانتها كل دول العالم وكافة المنظمات الحقوقية وكل من له ضمير حي، ومع ذلك يدّعون انتماءهم لهذا الوطن الذي يرفضون ادانة افعال واعمال من اعتدى عليه..
هؤلاء المثقفاتية وبرفضهم ادانة مثل هذه الاعمال والافعال الوحشية، يكونوا قد تورطوا مع ميليشيا الجنجويد في تدمير المجتمع السوداني بصفة عامة، وبتدمير شامل ومنهجي خاصة لمجتمعات دارفور، وفي التهجير القسري لما لا يقل عن مليون مدني، إلى جانب تخريب البنية التحتية المدنية الضرورية للبقاء على قيد الحياة في تلك المجتمعات.
ان موت ضمير هؤلاء المثقفاتية المساكين، هو السبب في موقفهم المخزي من حرب التتار على الشعب السوداني، فموت ضميرهم ادى الى ان تغفو عقولهم الصغيرة وان تثور احقادهم، لتتعطل إنسانيتهم وتفقد حواسها وقيمتها..
هؤلاء غدو كأصحاب العقول التي لا تفقه، وكأصحاب العيون التي لا تبصر، وكأصحاب الإذن التي لا تسمع، وكأصحاب القلوب التي لا تدرك ما تقول.. انهم مثقفاتية السودان الجبناء!!
تُباً لهؤلاء المأجورين عبدة المال، لطالما اختاروا الوقوف مع التتار في حربه على الشعب.. تُباً لهم وهم يقفون مع ميليشيا الجنجويد وهي تقتل الشعب السوداني بدمٍ بارد.
مات ضميرهم وغدوا يُنظرون للوطن السوداني لمن يدفع اكثر في سوق بيع الذمم، والشعب السوداني كقطيع من غنم لا يستحق الحماية.. انهم المثقفافتية السودانيين في الداخل والخارج.

bresh2@msn.com

 

آراء