تركيا تضيق بالاخوان … فهل يلجئون للسودان..!!

 


 

 

الاخوان المسلمون في مصر والسودان، وبعد ان ثار عليهما شعبا البلدين في ثورتين جماهيرتين عظيمتين، يمموا وجههم شطر تركيا حيث نقلوا اموالهم واولادهم واستكانوا في مأمن من الملاحقات السياسية والقضائية، كانت تركيا ولوقت قريب بمثابة الوطن البديل لاخوان مصر والسودان، حيث وجدوا مساحات واسعة من الحرية الاقتصادية والاعلامية، فانطلقت قنواتهم التلفزيونية تبث مواقفهم السياسية المعارضة للثورتين اللتين اخرجتهما من دواوين السلطة في اثنتين من كبريات البلدان الافريقية والعربية، وقتها لم تكن لهم وجهة يتوجهون اليها غير تركيا، لعدم وجود محور من المحاور الاقليمية يدعم مشروعهم الاقصائي المساند للارهاب، فعندما آلت السلطة لاخوان السودان اغتصاباً عبر الانقلاب العسكري الذي قاده العميد عمر حسن البشير المحسوب على خلاياهم الناشطة داخل المؤسسة العسكرية، شنوا حملة اعلامية شعواء على جيران السودان وبالأخص دول مجلس التعاون الخليجي، فأسسوا لعلاقات بنيت على اساس الكراهية والبغضاء بدلاً من الاستمرار في توطيد الوشائج الازلية الراسخة، وذات السلوك العدائي ابتدره اخوان مصر بعد أن اعتلى محمد مرسي منصة السلطة، فوجهوا سهامهم باتجاه نفس الجغرافيا الخليجية باعتبارها المنطلق التاريخي والقديم لرسالة الاسلام، بالتالي تعتبر هذه المنظومة الحاضنة للارث الحقيقي للاسلام الباكر مهدد لمشروعهم المنطلق من استغلال الدين في تحقيق التوسع والهيمنة السياسية، مشروعهم الذي اثبتت تجربتاه في البلدين بعده الكبير عن موجهات التسامح وتقبل الآخر.
الجماعة الاخوانية لم تكن تمثل الاسلام الوسطي والمعتدل حتى تتصالح معها الانظمة والشعوب، فالجماعة السودانية احتضنت زعيم تنظيم القاعدة والمصرية خرج من صلبها عدد من الشباب المغرر بهم، والمراهقين المستغلين الذين زج بهم في الصراعات الدائرة بين داعش وانظمة حكم البلدان التي ينشط فيها هذا التنظيم المصنف ارهابياً، هذا المسلك المتطرف الذي تماهى معه الاخوان، جعل الانظمة السياسية للبلدان المحيطة بهذين البلدين اللذين نجح فيهما الاخوان في الوصول للسلطة، تتوجس خيفة من خطورة نشاط الخلايا السريّة للتنظيم العابر للحدود صاحب المخطط العالمي، واذا القينا بالنظرة الفاحصة على سيرورة اخوان السودان منذ اغتصابهم للسلطة الشرعية، نلحظ حجم الورطة الكبرى التي ادخلوا انفسهم فيها بضلوعهم في ارتكاب جرائم الارهاب الدولي بحق الحكومات والشعوب، ومن اخطر هذه الجرائم المحاولة الفاشلة التي استهدفت حياة الرئيس المصري الاسبق محمد حسني مبارك بالعاصمة الاثيوبية اديس ابابا، وتفجير المدمرة الأمريكية كول التي دفع المواطنون السودانيون تعويضات ضحاياها من عرق جبينهم، لقد كانت بصمات اصابع الجماعتين واضحة في محاضر تحقيقات الجريمة الارهابية التي قصد منها ازاحة الرئيس المصري من المشهد السياسي الاقليمي والدولي، لدوره المشهود في محاربة الارهاب ووقوفه كحائط صد منيع ضد مشروعهم التوسعي العنيف.
رئيس مجلس السيادة السوداني - القائد العام للقوات المسلحة - انقلب على حكومة الثورة في الخامس والعشرين من شهر اكتوبر الماضي، وحل حكومة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك التي جاء بها الحراك الثوري الذي اطاح برأس نظام اخوان السودان، وقائد الجيش هذا معلوم عنه خلفيته الاخوانية الصارخة، فعلى الرغم من تدثره برداء ثورة التغيير الا أنه كان يشغل منصب المفتش العام للجيش قبيل الاطاحة برأس نظام الحكم الاخواني الذي بطش بالسودانيين لثلاثين عاماً حسوما، هذا الانقلاب الغى جميع المراسيم التي اصدرتها الحكومة المقالة واعاد رموز الجماعة السابقين - حزب المؤتمر الوطني - الشاغلين لمواقع مفتاحية قبيل الاطاحة بالرئيس المعزول القابع بالسجن، فانتكست ثورة الشباب وضاعت احلامهم ببناء وطن خالي من جماعات الهوس الديني، فبعد عودة اخوان السودان للحكم عبر انقلابهم العسكري الأخير وتولي محسوبهم قائد الجيش مقاليد السلطة، هل يعملون على اعادة اخوتهم المبعدين من تركيا؟، وهل يمكنونهم من مفاصل السلطة كما كانوا طيلة الثلاثة عقود السابقة لسقوط رأس دولتهم؟، أم أن المصالح الاستراتيجية للقوى الاقليمية والتطورات الجيوسياسية بالمنطقة، ستفرض على اللاعبين الدوليين والاقليميين لعب دور فاعل يحول دون تمدد الجماعة الاخوانية السودانية مرة اخرى؟، بجعل ابواب العمل الدبلوماسي والاعلامي مشرعة لشباب السودان لاعادة الامور الى ما كانت عليه قبل الانقلاب.

اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
2 مايو 2022

 

آراء