حداثة القديم: بين المتنبي وإليوت

 


 

 

يقول الشاعر الشهير تي اس إليوت في مطلع قصيدته: (أغنية حب الفريد ج بروفروك) The Love Song of J. Alfred Prufrock وهي أول قصيدة لفتت إليه الأنظار:

Let's go then you and I,
When the evening is spread out against the sky
Like a patient etherized upon a table.

هيا بنا نتمشى أنا وأنت سوياً،
حينما يتمدد المساء على السماء
كتمدد مريض مخدر على منضدة جراح".

وقد نظر النقاد إلى تشخيص إليوت للمساء كمريض يرقد مستسلما لمبضع جراح بغرفة العمليات، بوصفه صورة شعرية مبتكرة، وعدوها من علامات الحداثة في الشعر، كونها تنزع عن الغروب الصورة الرومانتيكية التي ارتبط بها.
ولكنّا وجدنّا مثل هذا التشخيص ورد عند المتنبي حيث يصور الليل قتيلاً في قوله:

لقيتُ بــدربِ القُلّة الفجــــــر لقية/ شـــفتْ كبدي والليـــلُ فيــــهِ قتيلُ
شبّه المتنبي حمرة شفق الفجر بآثار معركة دامية دارت بين الليل والنهار. "فكأن النهار لمّا أشرأب بضوئه على الليل قتله وظفر به" فشفيت كبد الشاعر لمصرع الليل الذي طال عليه كليل امرئ القيس. ودرب القُلة اسم مكان. وحتى تكتمل الصورة إليك الأبيات السابقة للبيت:

أما في النجومِ السائراتِ وغيرها/ لعيني على ضوءِ الصباح دليلُ
ألم يرَ هذا الليلُ عينيك رؤيتي/ فتـــظهـــــر فيــــــــه رقــةٌ ونحــــــــولُ
لقيتُ بــدربِ القُلّة الفجــــــر لقية / شـــفتْ كبدي والليـــلُ فيــــهِ قتيلُ

عيد المنعم عجب الفَيا
9 أبريل 2023

abusara21@gmail.com

 

آراء