حمى الثوره وضعفها .. وجراثيم العقل العاطفي

 


 

مجدي إسحق
27 February, 2023

 

خاطبني صديقي غاضبا ومعاتبا على حروفي عن العقل العاطفي حيث انه يؤمن بأن الثورة قد ماتت سريريا وان الحديث عن العقل العاطفي وجراثيمه هو مجرد أحلام وتشخيص لداء استفحل وتجاوز مرحلة العلاج وإنني أضيع جهدي وأصرخ في وادي الصمت.
‏لم أغضب ولم استغرب كلماته وبكل رفق أكدت إليه انه ما يقوله هو تجسيد للعقل العاطفي وسيطرة المشاعر السلبية والإحباط
‏طلبت منه أن يسمع إلي بكل حياد وموضوعيه ولو لمرة أخيره وبعدها يمكن أن يحكم على مقالي وجهدي المهدر كما يصفه .
قلت له ياصديقي
أولا‏
‏لا أحد ينكر أهمية المشاعر في قراءة الواقع لكن المشاعر مثل الجراثيم التي اذا اعطيت في جرعة صغيرة محسوبة تكون لقاحا يزيد المناعة ويزيد الجسد صحة ومنعه ولكن أنت تجاوزت ذلك انتشرت في الجسم وسيطرت عليه واصبحت سببا للهلاك والمرض .كذلك هي المشاعر في جرعات صغيرة تبني الفكر المنطقي و تساعد في خطى التغيير المتوازن ولكن إن زادت عن ذلك قادت إلى صناعة الوعي الزائف وضياع الهدف
حيث جرعات صغيرة من الغضب والإحباط والتفاؤل تقود بنا إلى رفض الواقع والعمل الجاد نحو التغيير الإيجابي ولكن عندما تسيطر علينا تخلق الوعي الزائف فتقودنا مشاعر الغضب لهدم الواقع وذواتنا والتفاؤل يصبح مدمرا يقودنا للحلم والانتظار بينما الإحباط يقودنا إلى اليأس وجلد الذات
ثانيا
‏ان النظر لتفسير دور المشاعر وتأثيرها في عملية التغيير ليس عملا أدبيا شاعريا في توصيف الواقع بل هو أداة علمية تستعمل منهج علم النفس السياسي التحرري للتغيير وهي مدرسة رغم مصداقيتها وحيادها فإنها لا تزعم بأنها ليست الوحيده التي تحلل الوسائل والعوامل التي تقود للتغيير.
ثالثا
‏ان علم النفس السياسي التحرري يؤكد أن الثورة لا تموت حيث أن عملية التغيير مستمره لا تتوقف في تاريخ المجتمعات ولكن تمر بلحظات ضعف وضمور. لذا نجد أنه من الضرورة بمكان البحث عن الجراثيم التي تضعف من جسد الثورة وتؤدي لتعثر خطوات التغيير.
أن علم النفس السياسي يؤكد لنا أن اكبر آفة الثورات هي جراثيم العقل العاطفي التي تقود لصناعة الوعي الزائف الذي يقود قوى التغيير الي متاهات الضبابية والضياع والتراجع والدوران بعيدا من الهدف.
ياصديقي
‏لن أقول لك سوى إني أوعدك بأنني سأ استمر في ملاحقة المشاعر ما دام تصنع جراثيم العقل العاطفي التي تسعى لكي تسيطر على جسد الثورة و إنني حتما سأتوقف عن ملاحقتها عندما لا يصبح لها تأثير على الوعي المنطقي .
سأحارب غشاوة جرثومةالغضب التي أراها في كل يوم
1. التي تمنع قوى الثوره ان ترى ان مايجمعها أكبر مما يفرقها وان جميعها تسعى لهدف واحد هو بناء الديمقراطية ودولة العدل والمؤسسات
2.ان الإختلاف في الوسائل حق طبيعي ومشروع ينبع من تباين الرؤى ولا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة والوحيده
.3.عدم محاكمة النوايا وتوزيع فرمانات التخوين وإدعاء النقاء الثوري والحق في قيادة التغيير وعزل الآخرين.
4. التعامل مع أفراد المجلس العسكري كأنهم يمثلون جيش الوطن مما يقود للانحياز في مواقف ضد الجيش القومي و الاحتفاء بل ومساندة المليشيات للوقوف ضده.
وياصديقي
سأحارب التفاؤل المدمر الذي يرى
1.العسكر سيسلمون السلطة للشعب وشركاتهم تنازلا طوعيا حبا وكرامة بدون ضغط أو ترغيب.
2. أن العسكري سيلتزمون بالتوقيع على هذا التنازل دون ضمان و أنهم سيينفذون ملتزمون به استنادا على شرف كلماتهم التي سييحترمونها ويوفون بعهدها
.3. أن المليشيات التي أنشأتها حكومة الفساد يمكن أن تكون هي حامية الدمقراطية و المدافعة عن حقوق الإنسان.
4. أن اهداف الثورة يمكن أن تتحقق في داخل غرفة مغلقة واجتماعات سرية تعتمد على التفاوض المعزول من حركة الجماهير بل على ذكاء مجموعة من الشرفاء ودعم من دول خارجيه والشعب مغيب من تفاصيلها وصياغة بنودها وصناعة نتائجها.
5. أن وحدة قوى الثوره ليست جوهرية في عملية التغيير فلجان المقاومة ومن يساندها هم الشعب وهم كل قوى التغيير وهم وحدهم قادرون على صناعة المستقبل ولو إختلف الاخرون.
6.أن التغيير السلمي الذي لا يستوعب فلسفة السلميه الشامله ولا يطبق اركانه في الوحده والقياده واستراتيجية الاستنزاف لينحصر في تكرار المسيرات والعصيان الذي مازالت نقاباته في رحم الغيب والتي نحلم بانها ستستطيع إرجاع العسكر لثكناتهم ولتسليم رقابهم للمحاكمه وتسليم شركاتهم عن ذل وهم صاغرين.
7.النظرة التي ترى إن لجان المقاومه هي الثوره وماعداها لا وزن له ولا دور.نظرة تراها الجسم المقدس لقوى الثوره فوق النقد والتطوير حيث الحديث عن هيكلها وتنظيمها وبرنامجها ليس تساؤلا مشروعا للبناء والتطوير بل جرما يحاسب عليه كل من يتطاول لتصله سهام التخوين والعماله لتحيط نفسها بقداسة وخوف تفرض على قوى الثورة الأخرى رغم تحفظاتها السعي لكسب رضاها وودها ولو على
حساب المنطق والحقيقه.
ياصديقي
ساحارب جرثومة الإحباط عندما أرى
1.شعبنا يغرق في دوامة اليأس من المستقبل والايمان بأن الثورة قد انتهت وانها فرصة ذهبية قد ضاعت بلا رجعه.
2. عندما أرى الحماس في خطوات التغيير يضعف ويمارس الشرفاء الجلوس والترهل والانتظار وجلد الذات ينتظرون التغيير بأن يأتي من دول الإستكبار التي لا تخفي خوفها على مصالحها وبين شريحة تحلم بالتغيير القادم على اسنةالرماح من أجنحة الغيب انحيازا من بعض الشرفاء من العسكر أو من بعض المليشيات المعلومة التاريخ والحاضر.
3. عندما أرى شبابا مثل الورد نقاء وحبا للوطن يسيطر عليهم فوق ذلك …الغضب فيجنحون للعنف يظنون السلمية طريق العاجز يحاكمون رفاقهم بذلك ويحملون مشاعر الإحباط المغلفة بعقدة الذنب بأنهم لم يسيروا في طريق الاستشهاد ويرفعون من قيمة الموت من أجل الوطن ويظنون انه هو المراد يتحسرون بأنهم لم يشاركوا رفاقهم شرف الشهادة بينما نسعى للحياة من أجل الوطن.
4. عندما أرى الشرفاء يقبلون باتفاقية فضفاضة الأركان بها ثقوب تشكك في فاعليتها و مقدرتها بالوصول إلى النتائج المرجوة …..فيهللون على ظاهر الغيب لاتفاق يكثر الحديث عن وجود نسخة أخرى مكتملة الأركان يمنعهم الحياء من عورتها والخجل من شعبهم أن يعلنوا عنها قبل التمهيد لها ولكن ان صدقنا وجود هذه الوثيقة أم لا فالعورة الحقيقية التي لا يمكن إخفاءها في أنها اتفاقية ليس للشعب دور مفصلي ومؤسسي في تنفيذها والأشراف عليها بل تعتمد على كلمة الشريك المعلوم تاريخه مع نقض العهود حتى بدون ذكر لضمان المراقبين في تنفيذ هذا الاتفاق.
فياصديقي
هذه جزء من جراثيم الوعي العاطفي وليس كلها .لن يتوقف قلمي عن محاربتها فهي آفة في جسد الثوره….هي معركتي ومعركة كل الشرفاء للتخلص منها والسعي في دروب التعافي لتكون المشاعر جرعة من الوعي المنطقي تؤسس لوحدة الهدف وتجميع قوى الثوره واحترام التباين وادب الإختلاف والايمان بأن الشعب الواعي المنظم هو طاقة التغيير ربانها وقلبها الذي اذا تخلص من جراثيم العقل العاطقي ل مكمل نور الثوره ومحقق أهداف ثورته ولو كره المرجفون

مجدي إسحق

 

آراء