كارثة سقوط المدن عسكرياً تمهيد لفصل إداري للمدن وليس فصل سياسي للأقاليم (2)

 


 

أحمد بن عمر
19 January, 2024

 

بقلم: أحمد بن عمر

كيف يدار السودان الان عن طريق حكومتين ؟ (الاولي معلنة ، والثانية غير منظمة) - الانقسام الاداري للدولة

في حالة الحرب الحالية لا وجود للدولة وهذا يعني انه ليس هناك دولة تعمل بمؤسساتها بسبب غياب الاداء البيروقراطي الذي حدث نتيجة للانقسام بالسيطرة ، هذا النوع من الحكومة العسكرية المفروض حاليا ً و المعني بتجهيز الدولة في حالة الحروب يتميز بعلاقات أفقية وليست عمودية، إذ تتشكل الهرمية على المستوى المحلي، لأن الدولة المركزية لا يمكنها توفير الأمن للمنطقة بأكملها فحسب، بل تعتمد على جوانب أخرى غير النظام من أجل البقاء.

لذلك نجد ان الواقع قد فرض نظام إداري من رأسيين حالياً في السودان و هو صراع لا يمكن ان يصنف في لعبة (الشرعية ) او عدمها بسبب التغيير حسب الخارطة ( الثورة-الحكم-الانقلاب) ، وذلك طبّق بأن الدول الخارجية بما فيها دول منبر جدة اعترفت باشكال الحرب الحالي بأنه بين طرفين يُعترف بهما و يجيب التوصل الي حلول من اجل ايقاف الحرب؛ وهذا الواقع قد فرضته احداث سياسية نستعرضها في خريطة الحكم الاتحاد الناتج عن الصراع العسكري بإعتراف السيطرة علي المقار العسكرية في الولايات (الفِرق)

خريطة الحكم الاتحادي في يناير 2024:

اقليم دارفور : ٤ ولايات تحت ادارة الدعم السريع , الولاية الخامسة تم استثنائها بأتفاق بين قادة الحركات المسلحة و الدعم السريع ( شمال دارفور – الفاشر )

اقليم كردفان: شمالاً تحت الحصار (٨ اشهر) ، غرباً ايضاً تحت حصر الدعم السريع

الوسط : الجزيرة تحت إدارة الدعم السريع ، سنار (تحت الحصار) ، النيل الابيض ( تحت الحصار).

شرقاً : القضارف تحت ادارة الجيش (بالرغم من اغلاق اسواق الولاية تحسباً لهجوم- تحسب تحت الحصار)، كسلا و البحر الاحمر تحت إدارة الجيش ايضاً.

جنوباً : النيل الازرق تخضع للإدارة المشتركة حب اتفاقية السلام – (و جنوب كردفان (ولاية متنازع عليها في الشهور الاخيرة -SPLA ،RSF ,SAF.

شمالاً جميعها تحت إدارة الجيش ولايتين (نهر النيل والشمالية)

و بهذا الخريطة الادارية نُعلن انقسام البلاد ادارياً و هو أمر تحدثت عنه كثيراً و مؤخراً بمقال في نوفمبر الماضي ، و بالرغم من ان الدعم السريع لم يُعلن رسمياً تشكيل حكومة رغم التهديد في سبتمبر 2023 ، الا انه يقوم بعملية تشغيلة في الولايات و عملية حكم اداري مباشر في حالة (غرب دارفور) التي عُين فيها والي يقوم بالعمل الولائي

-م الآثر المباشر ؟ في نقاط سنفصلها لاحقاً

*لا تستطيع حكومة بورتسودان نشر موازنة للدولة لان الولايات لا تخضع جميعها لها مما ستؤثّر علي ايرادات الدولة.

*لا يمكن ضمان تشغيل البنك المركزي في المدن المسيطر عليها الدعم السريع بسبب المركزية لعمل البنك ،مما سيؤثر علي القطاع المصرفي ككل و ربما ينذر بقيام بنك مركزي اخر مستقبلاً (لا قدر الله)

*بسبب عدم خضوع الولايات للربط مع المركز ستفقد ايرادات مباشرة في الولايات المسيطر عليها من قبل الدعم السريع (ضرائب ، رسوم ، …الخ)

*ستؤثر عملية (تشغيل) الولايات علي العمل العام لموظفين الدولة..بمعني أن اعادة الموظفين للعمل مرة اخري ستأثر علي مشاكل مثل الاعتراف بالعمل ، و هي يمكن ايضاً ان تؤثر علي مستقبل المرتبات للعاملين في تلك الولايات ، مما ستكلف حكومة بورتسودان ايضاً الالتزام بدفع مرتبات في ولايات (غير مسيطر عليها) .

*الولايات التي تخضع لادارة الدعم السريع لا يوجد بها عملية صادر و بنسبة اكبر الولايات التي تحت الحصار، حيث تم اغلاق كل الطرق و عدم استخدام المطار كمثال حالة شمال كردفان ، وهذا الامر سيؤثر علي حكومة بورتسودان التي تتبني حكم الدولة في تسير الأمر الاقتصادي في الحصول علي حصائل الصادر و إدارة النقد (أمر غير متوفر حالياً) .

-اخيراً
*إن الوضع الحالي في البلاد غير قابل لمزيد من التعقيد وعلى برهان و حمدان أن يصلا إلى تفاهمات يمكن أن تحل الانسداد الحالي وتعالج أزمة الحرب و الوصول الي تفاهمات تنهي انقسام السلطة التنفيذية.

*اعلان اي حكومة جديدة من أي الأطراف..يعني اتجاه نحو مزيد من التأزيم، ولن تكون جزءاً من الحل بقدر ما هي أحد أعراض الأزمة السودانية المتفاقمة ، و هو ما سأسميه نموذج (الدولة الممزقة) و هو شبيه إدارياً باليمن .

*النظام الهجين الذي يتبع في العمليات العسكرية حالياً مختلف من النظام التقليدي للحرب، مما يقود القوات المسلحة الي استراتيجية دفاع (كارثية) مكررة عن طريق الانتشار عبر المليشيات و المواطنين ،هذه الاستراتيجية التي يقوم بها الجيش الان بالتسليح المباشر للمواطنين و إنشاء المليشيات سيزيد من تخوفي تخوفي الكبير كمحلل و متابع للاحداث ،و إن حدث انقسام عسكري او تطور مليشي ناتج عن هذا الامر فسيعني ذلك تطوراً لأحداث الانقسام السياسي و ظهور حكومة ثالثة.

dr_benomer@yahoo.com

 

آراء