صفقة شيلوك: لقاء السيسي والبرهان، وعودة إيلا من مصر

 


 

 

بينما قوى الحرية والتغيير في غفلتها المجيدة، ظانين بأن قوات الدعم السريع وحميدتي سينحازون الي معسكر التغيير المدني الديموقراطي، يستمر سادة الانقلاب ،غير ابهين، في ارجاع الاسلاميين لتوطيد اركان انقلابهم وخدمة مصالح الدول الاجنبية التي تحرك خيوطه. في ١ اكتوبر ٢٠٢٢، عاد الي السودان محمد طاهر إيلا، بعد ثلاثة سنوات من الهروب في مصر. إيلا هو اخر رئيس للوزراء في عهد المخلوع البشير وتولى قبل ذلك منصب والي ولاية البحر الاحمر وولاية الجزيرة وعدة وزارات قبل ذلك. وترجع اصوله الي شرق السودان وهو يتمتع بنفوذ تقليدي في الشرق.
عاد إيلا وحشد حزب المؤتمر الوطني الحشود لاستقباله في مطار بورتسودان، وخاطبهم هو بدوره بخطاب سياسي حماسي بدى وكأنه خطة عمل للسيطرة على الشرق واستعادة حكم السودان. وحدث كل ذلك بالرغم من تسجيل بلاغات جنائية ضده بواسطة النائب العام وصدور اوامر قبض تطلب من كل رجل شرطة القبض عليه.
لم تكن عودة إيلا وخطابه السياسي المصادم لكل ما عبرت عنه ثورة ديسمبر بعيداً عن لقاء البرهان مع السيسي في طريقة عودته من نيويورك في ٢٣ سبتمبر. والذي ناقش بحسب ما تم الاعلان عنه التنسيق السياسي والامني وتطورات ملف سد النهضة الاثيوبي.
ولم تكن عودة إيلا بعيدة من تخطيط صلاح قوش، رفيقه لثلاثة سنوات في ضيافة القاهرة التي رفضت تسليمه الي الجهات العدلية في السودان عدة مرات خلال فترة الانتقال. ولم تكن بعيدة من دعوات مناصري الانقلاب وبقايا الاسلاميين في الايام السابقة باستيعاب فلول النظام القديم في معادلة الانتقال.
تنظر مصر الي السودان والمتغيرات فيه فقط من عين مصالحها في تأجيج الصراع الاثيوبي. وقد ادى الاضطراب السائد في الشرق الي تعطيل والحد من امكانيات مصر في دعم وتسليح جبهة تحرير التقراي في حربها مع الحكومة الاثيوبية المركزية.
كما ان الحلف بين الناظر ترك وحميدتي الذي تعتبره مصر غريمها في السودان، والعلاقة الوطيدة بين بقية قادة مجلس البجا واريتريا، الداعمة لابيي احمد في الحرب الاثيوبية، يحد أكثر من قدرة مصر على دعم التيغراي، الذين ظلت تطالب حكومة الانقلاب بحماية ودعم وجودهم في الحدود الشرقية.
يسرت مصر عودة إيلا الي السودان، ووفرت له ضمانات من حكومة الانقلاب بحسن وفادته وعدم ملاحقته. وستدعم سيطرته على الشرق لتوفير منصة وطريق سالك لدعم وتسليح جبهة التقراي وتأجيج الصراع في اثيوبيا. بغض النظر عن عواقب ذلك على السودان، بحدوده المباشرة مع اثيوبيا واريتريا.
كل هذه المخاطر تتزايد وكلفة تكرار الفشل في انهاء او اسقاط الانقلاب بدون التعلم من التجارب الفاشلة، تتضاعف بمخاطر اقليمية تمتد من البحر الاحمر والقرن الافريقي على امتداد منطقة الساحل… وليس انقلاب فاغنر الاخير في بوركينا فاسو بعيد عن الاذهان.
ولكن يبدو ان المجتمع الدولي يغض طرفه عن تزايد كلفة عدم التعلم من التجارب الفاشلة المبنية على تصورات خاطئة للانقلاب او تحليل خاطئ للفاعلين او القبول بتجاهل العواقب السياسية للقرارات الخاطئة او شهوة الانتهاء بالبدء من النهايات بدون عملية سياسية بنيوية متدرجة ومنظمة.
كلفة استمرار الانقلابيين في توطيد انقلابهم وعقدة استوكهولم التي اصابت المجتمع الدولي ليعمى عن او يتجاهل تلاعبهم بفرص الحل بسبب عدم وجود عملية سياسية وكلفة عودة كوادر المؤتمر الوطني المتزايدة لاعادة تأسيس نظامهم، ستكون عواقبها وخيمة، ليس على السودان فحسب، بل على المنطقة كلها.
أما بخصوص محمد طاهر إيلا، فسنتركه للجان مقاومة بورتسودان وكسلا والقضارف وهم كفيلين به، كما تكفلت بالبشير من قبله.

امجد فريد الطيب
https://twitter.com/amjedfarid/status/1576802891175632896?s=46&t=KGh8zpoEpaf2M0NQ-3MVtQ

 

آراء