أصداء البراءة المفقودة

 


 

 

قصة قصيرة:
إدوارد كورنيليو
في أحد شوارع المدينة، يجلس ثلاثة أطفال مشردون على رصيف مهترئ، يحاولون إيجاد قطعة خبز أو قارورة ماء لإرواء جوعهم وعطشهم. هم: سامي، وهو صبي يبلغ من العمر 15 عامًا، فقد والديه في قصف جوي؛ وسوزان، وهي فتاة تبلغ من العمر 14 عامًا، هربت من منزلها بعد أن تعرضت للاغتصاب من قبل جنود؛ وآدم، وهو صبي يبلغ من العمر 13عاما ، انفصل عن عائلته في حشد من النازحين.
- سامي: يا إلهي، متى ستنتهي هذه الحرب؟ ألا يكفي ما عانيناه من مآسي؟
- سوزان: لا تفقد الأمل، يا سامي. ربما يأتي يوم نعود فيه إلى حياتنا الطبيعية. ربما نجد أهلنا أو نصادف أحدًا يساعدنا.
- آدم: أو ربما نموت جوعًا أو عطشًا أو بردًا أو مرضًا. لا أحد يهتم بنا. نحن كالقمامة في هذه المدينة.
- سامي: لا تقل هذا، يا آدم. نحن لسنا قمامة. نحن بشر لهم كرامة وحقوق. نحن أطفال لديهم طموحات وأحلام.
- آدم: طموحات وأحلام؟ مثل ماذا؟
- سامي: مثل أن نعود إلى المدرسة ونتعلم. مثل أن نصبح طبيبًا أو مهندسًا أو معلمًا. مثل أن نسافر إلى بلاد بعيدة ونرى عجائب الدنيا.
- آدم: هذه ليست طموحات وأحلام. هذه هياجات وخيالات. لا تضحك على نفسك، يا سامي. هذه الأشياء ليست لنا. هي للأغنياء والمحظوظين والسعداء.
- سوزان: لا تكن سلبيًا، يا آدم. الله لا يضيع أجر المحسنين. ربما يرزقنا بفرصة نغير بها مصيرنا. ربما يرسل لنا ملاكًا ينقذنا من هذه الجحيم.
- آدم: ملاك؟ أين هو ملاكك؟ هل ترينه في أي مكان؟ كل ما أراه هو شياطين يعذبوننا ويستغلوننا ويقتلوننا.
فجأة، يسمعون صوت صفارة شرطة، ويرى ثلاثة رجال يرتدون زي الشرطة يقتربون منهم بسرعة.
- سامي: ماذا يريدون منا؟
- سوزان: لا أعلم. ربما يأتون لإزعاجنا أو لسرقتنا أو لضربنا.
- آدم: لا، لا تخافوا. ربما يأتون لمساعدتنا. ربما هم الملائكة الذين تتحدثين عنهم.
الشرطي الأول: مرحبًا، يا أطفال. كيف حالكم؟
- سامي: بخير، شكرًا.
- سوزان: نحن بحاجة إلى مساعدتكم.
- آدم: نحن سعداء برؤيتكم.
الشرطي الثاني: نحن هنا لمساعدتكم. نحن نعلم مدى صعوبة حالتكم. نحن نشعر بالأسف لما تعانونه من ظروف.
- سامي: حقًا؟
- سوزان: شكرًا جزيلًا.
- آدم: الحمد لله.
الشرطي الثالث: نحن نريد أن نأخذكم إلى مكان آمن ودافئ وجميل. مكان حيث تجدون الطعام والشراب والملابس والألعاب. مكان حيث تستطيعون اللعب والضحك والفرح. مكان حيث تستطيعون التعلم والتطور والإبداع.
- سامي: هل هذا حقًا؟
- سوزان: هل هذه فرصتنا؟
- آدم: هل هذه جنة؟
الشرطة الثلاثة: نعم، نعم، نعم. تعالوا معنا، ولا تخافوا. نحن صديقكم، ولا نريد إلا خيركم.
الأطفال الثلاثة: شكرًا، شكرًا، شكرًا.
يرفعون أيديهم بثقة وبراءة، ويلتقطهم الشرطة بأحضانهم، ويركبون سيارة الشرطة بابتسامات.
توجهت سيارة الشرطة إلى مكان بعيد عن وسط المدينة، حيث توجد مزرعة كبيرة محاطة بسور عال ومغطاة بالأشواك. هناك، ينزلون الأطفال من السيارة، ويقودونهم إلى داخل البناء الرئيسي، حيث يلتقون برجل ضخم ومخيف، يرتدي ملابس فاخرة ويحمل سلاحًا ناريًا.
الرجل: مرحبًا، يا أصدقائي. أنتم في مكاني الخاص. هذا هو ملاذي ومصدر دخلي. هذه هي مزرعتي.
- سامي: مزرعتك؟
- سوزان: ملاذك؟
- آدم: مصدر دخلك؟
الرجل: نعم، نعم، نعم. هذه المزرعة ليست مزرعة عادية. هذه مزرعة لتربية الأطفال المشردين والفقراء والضعفاء. هذه مزرعة لإنتاج الأعضاء البشرية.
- سامي: الأعضاء البشرية؟
- سوزان: تربية الأطفال؟
- آدم: إنتاج؟
الرجل: نعم، نعم، نعم. أنتم لستم أطفالًا عاديين. أنتم سلع ثمينة. أنتم خزانات للأعضاء البشرية. أنتم مصادر للثروة والسلطة.
- سامي: ماذا تقول؟
- سوزان: ماذا تفعل؟
- آدم: ماذا تريد منا؟
الرجل: أقول لكم الحقيقة. أفعل لكم خدمة. أريد منكم التعاون.
الشرطة الثلاثة: نحن نساعده في عمله. نحن نجلب له الأطفال من المدينة. نحن نحصل على جزء من المال.
- سامي: إذًا كنتم تكذبون علينا؟
- سوزان: إذًا كنتم تخدعوننا؟
- آدم: إذًا كنتم تستغلوننا؟
الشرطة الثلاثة: نعم، نعم، نعم. كنَّا نكذب عليكم. كنَّا نخدعكم. كُنَّا نستغلكم.
الأطفال الثلاثة: لِمَ، لِمَ، لِمَ؟
الشرطة والرجل يضحكون بسخرية وقسوة.

إدوارد كورنيليو
جوبا
جنوب السودان

tongunedward@gmail.com

 

آراء