وسَط أريحيّة العطاء وعدَم تصديق الآخِذين ..بقلم: لواء شرطه م محمد عبد الله الصايغ

 


 

 

عندما كان البرهان يُلقي خطابَهُ المفاجأه ، من ناحية عدم الإعلان عنه ، كانت التاتشرات والمدرّعات تتنَكّب الشوارع في طريقها إلى مقار الإعتصامات في المُدُن الثلاث وعلى متنِها اشكال من الكاكي مجهولة الإنتماء.
بعد التفاوض المُخِل وثُبوت البرهان في منصب قيادة الدوله بعد الثوره سمِعتُ أحد ضباط الجيش يقول ( والله ستندمون ندماً لا عودةَ منهُ ).
مرّةً اخرى ها نحنُ أمامَ وضعٍ كارثيٍّ جديد أتى في المَرّةِ الأولى في وَهَجِ نهارات قحت ومدى الرؤيه يمتدُّ صَحواً بين المَشرِقَين بأن تَسَلّمَ العسكر وزارتي الداخليه والدفاع والأجهزه الأمنيّه وسَط أريحيّة العطاء وعدم تصديق الآخِذين.
يأتي إستمرار الأخذ ثُمّ الإحتفاظ بالأجهزه المذكوره هذه المرّه بقوة العين وبقوَّة السّلاح وبلا مَدَسّه إعتماداً على الجيش المؤدلج الذي يوَجّهُ سلاحَهُ لصدرِ شَعبِهِ وعندما يبدأ الإغتصاب يُديرُ رأسَهُ للجهةِ الأخرى تأميناً ( للعمليات ). هوَ الجيش الذي تقفُ أمامَهُ الّلجنه الأمنيه وهيَ تستقوي بالقوه الضارِبَه للدعم السريع وبقيّة الحركات المسلّحه والأجهزه الأمنيه وكُلُّ ذلك أتى واضحاً في خطاب البرهان في جُزئيّتِهِ الخاصه بتكوين المجلس الأعلا للقوات المسلّحه ليكون مسؤولًاً عن ( القوات النظاميّه ) كما ذكر وبالضروره ( الأمنيّه )وأتت بيّناتهُ الظرفيّه في ذات السياق بعدم تطَرُّقِهِ لإتفاق جوبا بالإلغاء ثمّ بفصله لمدنيي السيادي والإبقاء على منظومة جوبا والحديث عن عَسكَرة الوُّلاه.
إنشغلَ الرأي العام بخطاب البرهان الذي صدر في وقتٍ يغزو فيه شعبنا الشوارع لإزالة حكم العسكر ومُشايعيهِم واستعادة الديمقراطية المدنيه. ما يهُمّني هنا مزيد الإنشقاقات ، او فلنقُل فَرز الكيمان ، بين واقع الثوره الحقيقيه على الأرض وبين القوى التقليديه التي ما فتئَ البقاء في مناطق الغَبَاش يستهويها لعل المُعجزات تضرِبُ معاقل ثورة الوعي هذهِ التي تُهدّدُ قطعاً عروشَهُا وكذلك اصحاب المصالح الشخصيّه المُقَدَّمه على مصالح الوطن وكل الذين كانوا في موضع القرار ولم يُفَرّطوا في ( المَحافير ).
ما نُخَوّفُ منهُ نحنُ هو الإستمرار في وضع الأيدي على الأجهزه الأمنيّه مع التأكيد التام بأنّ الأمر لن يقف عند حَدِّ ( وضع الأيدي ) فقط فمن المُعطَيات التي عايشناها في فترة الإنتقال هو التخطيط لتقاسُم جهاز الشرطه والأمن تحديداً قيادةً وقواعد بواسطة الدعم السريع والحركات الأخرى ولَم تَنْسَ الأحزاب أن تتحَيّن نصيبَها من الكعكه. لن يحدُث دمج للمليشيات في الجيش ، الذي أُفرِغَ بما يتماشى ومصلحة بقاء وتَسيُّد الدعم السريع ، وعوضًا عن ذلك سيتم تقسيم هذه الأجسام بين المليشيات وتعيين قيادات من بينها في جهازي الشرطه والأمن ومن ثم نزع آخِر صفات القوميّه عن هذه الأجهزه ونفي صِفَة ( الفنيّه والمِهَنيّه ) عنها فهي قد صارَت ماكينه للقتل البارد والإبادَه بكُلّ ما تستطيع التّسَلُّح بِهِ من سواطير وسكاكين وخرطوش حتى نصِلَ الى مصاف الدوشكا والإغتصاب.
الثنائي برهان وحميدتي لن يذهبا فرأسَيْهِما أغلا من أربعينَ مليون رأس والسكاكينُ تُسَن وهُما يعلَمان ذلكَ جيداً. لن يذهَب هذا الثُنائي لأنّ لكُلّ زمانٍ خَوَنَتَهُ ومصلحجيّتَهُ الذين يُشبِعونَ بطونَهُم ويجوّعونَ شعوبَهُم و هُم يُحَدِّثونَها عن الاخلاق الفاضِلَه. نحنُ ندعو لوضع الأيدي مع الأيدي الصحيحه وليس صحيحاً الكم بقدرِما هو مُهِمٌّ الكَيف.
لن يتوقف القتل وهذا لا يخيف. سيستَمِرُّ تجريف ثرواتنا وإدارَة دولتنا من خارج الحدود لحين النّهو من بيع وشراء ما تبقّى من ذِمَم وأراضي وتغيير الخُرَط السكّانيه فالمخطط كبير والمسؤوليه كبيره. الوطن في مِحنَه حقيقيه ولأنّ القاده في كل المرافق ومُعظَم القواعِد هُم من إفرازات الإنقاذ تدريباً وإعداداً وأخراجاً ولِأنّهُ كانَ قد تمّ تسليم كل أجهزة الدوله المدنيه والعسكريه وقياداتِها الموروثه من الإنقاذ للفتره الانتقالية على سبيل الأمانه فرَعَتها الفتره الإنتقاليه حقّ رعايتِها وحافَظت عليها خالصةً لوجهِ الإنقاذ والعَسكر حتّى أعادَتها لَهُم مُعافاه ، كما أمَرَ الله تعالى ، فها نحنُ الآن نندُب حظوظنا ونتداعى للإصطفاف خلفَ مَن حفِظوا الأمانه. لن نؤمِنُ بأنصافِ الحلول ولا بالبناءِ فوقَ ما نَخَرَهُ السوس ولا بِعَفى اللهُ عَمّا سَلَف ولا بالغُفران وإعطاء الفُرَصه تلو الأخرى وإلّا فسوف ندور في نفس الحلقه الشرّيرَه ونستمر نشرب من نفس الكأس.. لا للإصطفاف بقصد تكبير الأكوام فهذا الجَّمعُ ( لا أحَد ).

melsayigh@gmail.com

 

آراء